إيفان بونين.. احتفاليات الغفران المتأخّر

إيفان بونين.. احتفاليات الغفران المتأخّر

27 أكتوبر 2020
تمثال لـ بونين في مدينة غراس جنوب فرنسا
+ الخط -

في عام 1933، أثير جدل واسع حول أحقية فوز إيفان بونين بجائزة نوبل للأدب داخل الاتحاد السوفييتي وخارجه، بين مؤيد لفوز الكاتب المناهض للبلشفية والمقيم في باريس، وبين معارض أن تكون أول "نوبل" روسية من نصيبه، بدلاً من مكسيم غوركي الذي كان يحظى حينها بدعم ستالين وعلاقات صداقة قوية مع كتّاب في أوروبا والولايات المتحدة. 

بعد قرابة قرن، انطلقت في الثاني والعشرين من الشهر الجاري احتفالات بمرور مئة عام على ميلاد الكاتب الروسي (1870 – 1953) في الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا أيضاً، حيث تسعى الأخيرة إلى إعادة اكتشاف شاعرها الذي عاش فيها حتى عام 1920، قبل أن يغادرها محتجاً على النظام الشيوعي حيث توجّه إلى إسطنبول ومنها إلى القارة العجوز ويقيم فيها حتى رحيله.

بونين الذي ارتبط اسمه بالمنفى، تحضر عدّة بلدان عربية في تجربته الممتدّة منها فلسطين وسورية ولبنان ومصر والجزائر ضمن جولته في الشرق على خلفية افتتانه بالتراث الإسلامي، إضافة إلى بلدان أخرة مثل بريطانيا حيث تحتفظ "جامعة ليدز" بأرشيفه منذ 1983، أو أميركا التي حظي فيها بشهرة واسعة خاصة عندما نشر قصة "الرجل المحترم من سان فرانسيسكو" (1915) حول مواطن أميركي يطوف مع عائلته العالم بعد أن كسب ثروة كبيرة حيث يموت خارج بلاده، وتتركّز الأحداث حول طبيعة التعامل مع جثة ميتة.

تعيد روسيا اكتشاف كاتبها الذي عاش معظم سنوات حياته في المنفى

القصة التي لاقت انتشاراً واسعاً آنذاك، لا يأتي على ذكرها سوى الباحثين والنقاد في الغرب بعد أن بات صاحب "الأيام الملعونة" شبه منسيّ، وبذلك يبدو بونين مظلوماً مرتين: الأولى حين أُقصى من المنظومة السوفييتية الرسمية وتمّ تجاهل أدبه في بلاده، والثانية حين اهتّم فيه الأوروبيون والأميركيون إبّان الحرب الباردة ثم تراجع حضوره بعد ذلك.

في إطار الاحتفاء الروسي،  يقام معرض في المتحف الذي يحمل اسم الكاتب في مسقط رأسه؛ مدينة فورونيج، ويضمّ مؤلّفاته ورسائله ومقتنياته الشخصية، ومنها حقيبة الصيد التي امتلكها ذات اليوم، ونسخ من الكتب بتواقيعه، وترجماتها إلى اللغات الأرمينية والبلغارية والدانماركية والفرنسية والألمانية والبرتغالية، ورسائل زوجته فيرا مورومتسيفا، إلى ابنة الموسيقي الروسي، سيرغي رخمانينوف، وعدد من اللوحات الفنية لأصدقائه وغيرها.

بالتزامن مع المعرض، يصدر طابع بريدي عليه صورة بونين وفي الخلفية يظهر منزله في روسيا، ويستذكر المنظّمون أوّل قصيدة كتبها عام 1887 بعنوان "قرية الفقراء" والتي نشرها آنذاك في "مجلة سانت بطرسبرغ الأدبية"، وبعد نحو أربع سنوات سينشر قصصاً قصيرة، مستمدّة جميعها من حياة المهمّشين والمحرومين تصوّر طبيعة توجّهاته وهو الذي ينتمي إلى عائلة ثرية.

تضيء الاحتفالية أيضاً على الكتابة السردية فتقام فعاليات حول رواياته القصيرة: "القرية" (1910)، و"الوادي الجاف" (1912)، و"حب ميتيا" (1924)، ومجموعاته القصصية "إلى حافة العالم" (1897)، و"زهور الحقل" (1901)، و"ظل الطيور" (1907)، و"ضربة شمس" (1927) وغيرها.

كما ستنال رحلته إلى الشرق مراجعات من قبل عدد من الكتّاب المشاركين في الفعاليات المصاحبة، حيث تناول في إحدى قصائده هجرة النبي محمد من مكة إلى المدينة المنورة، وفيها يصف اختلاجاته الداخلية وخوفه على مصير الدعوة الإسلامية، وفي قصائد أخرى يصف الجغرافية والطبيعة والناس الذين التقاهم في أكثر من بلد عربي، ويدوّن كذلك العديد من الأحداث التي عايشها في أثناء رحلته وتظهر معرفته المعمّقة بتاريخ الشرق والإسلام بشكل خاص.

المساهمون