اللاجئون والمهجرون السوريون يأملون استعادة أملاكهم العقارية

أملاك اللاجئين والمهجرين السوريين العقارية: استعادة تقتضيها العدالة الانتقالية

عماد كركص

عماد كركص
25 أكتوبر 2020
+ الخط -

مثله مثل المئات من المهجرين قسراً، خرج زين الشامي من الغوطة الشرقية قرب العاصمة السورية دمشق، في إبريل/ نيسان 2018، ضمن اتفاق يقضي بإبعاد المعارضين للنظام عن الغوطة ودخول قوات النظام إليها، مقابل إيقاف الهجمات الوحشية التي كان أخطرها الهجوم الكيميائي في السابع من الشهر ذاته، والذي أودى بحياة حوالي مائة مدني وإصابة مئات آخرين.

انخراط زين الشامي في النشاط الداعم للثورة الذي حتّم عليه الخروج نحو أعزاز بريف حلب الشمالي، شمالي البلاد، فلم يكن بمقدوره البقاء وانتظار الاعتقال أو التصفية عقاباً على وقوفه ضد النظام، شأنه شأن كل من خرجوا مع عائلاتهم، تاركين وراءهم الكثير من الأملاك والعقارات لمصير مجهول.

يقول الشامي، لـ"العربي الجديد"، إنّ مخاوفه حول خسارة منزله في البداية كانت أقل من غيره، كون نصف عائلته بقيت في الغوطة داخل المنزل، وهم من غير المطلوبين للنظام. وبحسب ما يقول، فإنّ المخاوف الكبرى كانت لدى المهجرين الذين خرجت عوائلهم بالكامل نحو الشمال، ولم يبق أحد يحمي ممتلكاتهم، والتي باتت بعضها عرضةً للسطو عليها من قبل عناصر المليشيات وقوات النظام.

ويضيف: "بعد إصدار النظام القانون رقم 10، باتت المخاوف أكبر بالاستيلاء على أملاك المهجرين، في مسعى من النظام لإحداث تغيير ديمغرافي في البلاد، كان واضحاً أنه ينتهجه من خلال عمليات التهجير".

منذ عام 2012 بدأت عمليات التهجير القسري في سورية بالإضافة لحركة النزوح التي سبقت ذلك، إثر اندلاع الاحتجاجات في البلاد ضد النظام الذي يقوده بشار الأسد ربيع عام 2011، حين قابل المحتجين ومناطقهم بالحديد والنار.

ومع تزايد الاحتجاجات وتوسع رقعة الثورة، وضع النظام هدفاً استراتيجياً للتخفيف من أعبائها، بإحداث عمليات تغيير ديمغرافي في المناطق الثائرة عليه، لا سيما في محيط العاصمة دمشق، وغيرها من المدن الرئيسية كحمص وحلب ودرعا.

ترك النازحون والمهجرون قسراً وراءهم أملاكهم وعقاراتهم، التي سعى النظام للسطو عليها من خلال المراسيم والقوانين، منها المرسوم رقم (66) والقانون رقم (10) اللذان يقضيان بإحداث مناطق تنظيمية جديدة في حزام العاصمة ومناطق التهجير. ورغم أنّ النظام أدخل تعديلات على المرسوم والقانون تحت ضغط دولي، فإنّ ذلك لم يبدد المخاوف من تبعاتهما بالإضافة إلى غيرهما من التشريعات التي يسعى من خلالها النظام لتخليص المهجرين والنازحين من ملكية عقاراتهم وممتلكاتهم.

ويحتل كثير من عناصر المليشيات، لا سيما من اللبنانيين والإيرانيين والعراقيين منازل المهجرين، ولا سيما في درايا بريف دمشق، ومدن وبلدات الغوطة الشرقية، ومدينتي حمص والقصير بريف حمص، وهؤلاء من عناصر المليشيات الذين استدعاهم الأسد للوقوف إلى جانبه في حربه ضد المنتفضين على نظامه من السوريين.

يقول رامي عساف، وهو ناشط حقوقي وعضو في "رابطة المحاميين السوريين الأحرار" (مقرها جنوبي تركيا ولها مكاتب في الداخل السوري)، إنّ "النظام أحرق العديد من مباني السجل العقاري في الكثير من المحافظات، ومن ثم حاول الالتفاف من خلال المراسيم والقوانين على أملاك المهجرين، حيث الكثير من المناطق لم يتبق بها سكان".

 

ويشير في حديث لـ"العربي الجديد" إلى أن "العدالة الانتقالية تقتضي عودة المهجرين والنازحين عودة آمنة وطوعية، كي يتمكنوا من استرداد ممتلكاتهم وعقاراتهم وتعويضهم عن الضرر الحاصل بها مستقبلاً".

سامر الضيعي، المدير التنفيذي للرابطة، هو كذلك من الذين تم الاستيلاء على ممتلكاتهم في مدينة حمص، حيث يقول إنّ منزله استولى عليه أحد عناصر المليشيات المدعومة من إيران.

الضيعي أوضح، لـ"العربي الجديد"، أنّ فريق الرابطة عمل طيلة السنوات السابقة على التوعية بضرورة الاحتفاظ بأي وثيقة من شأنها تحديد ملكية أي عقار، ما سيسهل استعادته مستقبلاً عند عودة المهجرين إلى منازلهم، مشيراً إلى أنّ أي إثبات قد يفيد في هذ الغرض، حتى الذكريات المادية غير الرسمية.
 

 

وتشير أرقام الأمم المتحدة إلى أنّ عدد اللاجئين السوريين في العالم وصل إلى 6.6 ملايين لاجئ فيما يقترب عدد النازحين داخلياً من هذا الرقم، ما يعني أن حوالي 12 مليون سوري تركوا منازلهم وأملاكهم وغادروا، وهذا ما يساوي تقريباً نصف عدد السوريين.

ويذكّر المحامي أحمد صوان، وهو حقوقي مختص بقضايا الملكية العقارية، بأنّ "الكثير من المواثيق الدولية نصت على صيانة حقوق الملكية العقارية من أهمها: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعام 1966 وكذلك اتفاقيات جنيف الأربع لعام 1949، كما نص نظام روما للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 على أن تدمير والاستيلاء على الممتلكات دون وجود ضرورات عسكرية يعتبر جريمة حرب".

ويضيف، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أهم وثيقة دولية تنص على حماية الأملاك العقارية للاجئين هي التي وردت في مبادئ تعويض المساكن والممتلكات للاجئين والمشردين التي تسمى مبادئ بينهيرو الصادرة عن لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 28/6/2005".

وينتظر اللاجئون والمهجرون والنازحون السوريون العودة إلى مدنهم وجبر الضرر باستعادة أملاكهم وتعويضهم عما تدمر منها كجزء من العدالة الانتقالية في البلاد، عند انتهاء الحرب وبداية مرحلة الاستقرار.  

ذات صلة

الصورة
تهاني العيد في مخيم بالشمال السوري (العربي الجديد)

مجتمع

رغم الظروف الصعبة يبقى العيد حاضراً في حياة نازحي مخيمات الشمال السوري من خلال الحفاظ على تقاليده الموروثة، في حين ترافقهم الذكريات الحزينة عن فقدان الأحبة
الصورة
صلاة عيد الفطر في المسجد الكبير بمدينة إدلب (العربي الجديد)

مجتمع

أبدى مهجرون من أهالي مدينة حمص إلى إدلب، شمال غربي سورية، سعادتهم بعيد الفطر، وأطلقوا تمنيات بانتصار الثورة السورية وأيضاً أهل غزة على الاحتلال الإسرائيلي.
الصورة
مجزرة خان شيخون (عدنان الإمام)

مجتمع

مرّت سبعة أعوام على مجزرة الكيماوي التي ارتكبتها قوات النظام السوري في مدينة خان شيخون بريف إدلب شمال سورية، في الرابع من أبريل/ نسيان 2017..
الصورة

سياسة

شن جيش الاحتلال الإسرائيلي غارات جوية عنيفة استهدفت كتيبة عسكرية ومستودعات أسلحة في محيط مطار حلب الدولي، ما أسفر عن سقوط 42 قتيلاً.

المساهمون