تفاصيل جديدة حول جريمة نهر دجلة وطلب الإعدام محتمل

تفاصيل جديدة حول جريمة نهر دجلة وطلب الإعدام محتمل

20 أكتوبر 2020
يستمر البحث عن الطفلين في دجلة (مرتضى السوداني/ الأناضول)
+ الخط -

ما زالت حادثة رمي أم لطفليها في نهر دجلة تطغى على الأحداث فيما تواصل الجهات المختصة البحث في المياه عن الصغيرين، وتحتجز أجهزة الأمن والدتهما للتحقيق، مع تسريبات تفيد بأنّها ستخضع لتقييم طبي لحالتها العقلية

يوم الجمعة 17 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، انتشر مقطع فيديو من كاميرات مراقبة من نهر دجلة في العاصمة العراقية بغداد، فوق جسر الأئمة تحديداً، الذي يربط مدينتي الكاظمية والأعظمية، يوثق رمي امرأة لطفلين صغيرين من أعلى الجسر إلى النهر، تبيّن لاحقاً أنّها والدتهما، فيما تفاعل العراقيون مع الجريمة مطالبين بإعدام الأمّ.

يقول علي الدراجي، وهو من أقارب والد الطفلين، لـ"العربي الجديد": "لا أحد كان يتوقع هذه الكارثة. بل لم تكن هناك أيّ بوادر لحصولها". يوضح الدراجي لـ"العربي الجديد": "والدا الطفلين انفصلا عن بعضهما منذ أشهر بسبب خلاف خاص، وحكم القضاء بأن تكون حضانة الطفلين للأب، ولم يكن الأب يمنع طفليه عن والدتهما حين تريد رؤيتهما والدليل أنّه سمح لها بأخذهما في ذلك اليوم على أن تعيدهما مساء". وبحسب الدراجي فإنّ والد الطفلين ويدعى محمد، وطليقته، في سنّ واحدة، إذ يبلغان 21 عاماً، وتزوجا وهما بعمر 18 عاماً. يشير إلى أنّ "الحادثة، استغرب وقوعها كلّ من يعرف محمد وطليقته. جميعنا تساءلنا عن الدافع وراء هذه الجريمة، فهل كانت تنوي برمي الطفلين أن تنتقم من طليقها؟ لكنّنا ما زلنا ننتظر نتائج التحقيق". وعلى الرغم من أنّ المشاكل الزوجية التي تؤدي إلى الطلاق شهدت في السنوات العشر الأخيرة ارتفاعاً كبيراً في العراق لا سيما بين الأزواج الشباب لأسباب عدة من أبرزها تدخل أهالي الزوجين في حياتهما الشخصية، فإنّ الدراجي يؤكد أنّ "مشاكل من هذا النوع لم تحصل بين محمد وطليقته قبل انفصالهما"، لافتاً إلى أنّ سبب الانفصال كان "خلافاً خاصاً بين الزوجين".
بدوره، يقول حسن الساعدي، وهو أحد سكان الحيّ الذي تعيش فيه أسرة الوالدة، لـ"العربي الجديد": "لم يُعرف عن الأمّ أنّها تعاني من مرض عقلي أو نفسي". يضيف: "لا بدّ من دوافع لفعلتها، هذا ما يقوله سكان المنطقة هنا، وعليه يجب عدم التسرع بالحكم من قبل المواطنين. ما يؤسف له أنّ مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم الحادثة حتى الآن، تشن حملات كبيرة ومطالبات بإعدامها". يستدرك: "لا أمّ تقتل أطفالها... نحاول أن نفهم ما يجري".
مقطع الفيديو أحدث ضجة كبيرة في العراق، وأخذ العراقيون يطالبون بإنزال أقصى العقوبات بحق الأم، في وقت ما زال البحث جارياً عن الطفلين عبر الشرطة النهرية. والتأثير الكبير الذي أوقعه الحادث في نفوس العراقيين، طغى على أبرز ما يعانونه من مشاكل، من بينها عدم توفر ما يكفي من النقد لدى الجهات الحكومية لدفع رواتبهم، وهو ما أدخلهم في دوامة من المشاكل أخيراً. يقول الصحافي محمد السعدي، لـ"العربي الجديد" إنّه من خلال رصده الشارع العراقي في إطار عمله اليومي لتوثيق مشاكل ومعاناة المواطنين، فإنّ "ما أزاح حديث العراقيين عن كورونا خلال الشهرين الماضيين كان مشكلة تأخر دفع الحكومة رواتب الموظفين وما صبّ في هذا الإطار من تسريبات تفيد بعدم وجود سيولة كافية للدفع خلال الأشهر المقبلة". يضيف: "لكنّ حادثة المرأة التي رمت بطفليها إلى النهر أخرجت العراقيين من انشغالهم بمشكلة الرواتب وقلة النقد لدى الحكومة"، مؤكداً أنّ "هذه الحادثة ستخلد في كتب تاريخ العراق على الرغم من وجود ما هو أبشع منها، ولم يأخذ هذا الصدى، وذلك لشدة تأثر العراقيين بها".
تكررت الجرائم العائلية في العراق في السنوات الأخيرة، وبينما يطالب مواطنون بالقصاص من مرتكبي هذه الأفعال بالإعدام حتى وإن كانت الأمّ هي المرتكبة، يقول مصدر أمني لـ"العربي الجديد" إنّ "الحقيقة غالباً ما تكون مخفية، وهذا ما يتكشف لنا في جرائم عدة بعد إجراء التحقيقات، إذ يظهر أنّ المجرم مدفوع بأسباب مختلفة ومنها حالات مرضية". ووفق المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، فإنّ الأمّ التي رمت طفليها في النهر ستخضع للجنة طبية متخصصة تكشف عن حالتها الصحية والعقلية والنفسية"، كاشفاً أنّها لم تتكلم أبداً، منذ اعتقالها، وتبدو معزولة عن الواقع من حولها، واللجنة ستحدد لاحقاً نوع الادعاء عليها، علماً أنّها قد تواجه طلب الإعدام لها في النهاية.
قتل الأمّ لأطفالها على الرغم من كونه جريمة مروعة، يبرره الطب النفسي بأنّه ينتمي لاضطراب نفسي معروف باسم "وأد الأطفال" بحسب الخبير في الصحة النفسية، أحمد الحديثي. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المباحث الجنائية العراقية لديها اطلاع واسع وكافٍ على مثل تلك الحالات المرضية، وبحسب اطلاعي هناك عدد كبير من الجرائم التي خضعت للفحوص الطبية النفسية اللازمة حتى أخذت تلك القضايا حقها، وعليه لا أعتقد أنّ حادثة الأمّ الأخيرة ستهمل من هذه الناحية". 

يتابع قائلاً: "عدد كبير من الجرائم له دوافع مرضية، وعلينا أن ندرك أنّ الاضطرابات النفسية لها علاقة كبيرة بالواقع الذي يعيشه المجتمع، فكلما زادت معاناة المجتمع زادت الاضطرابات النفسية التي تدفع لارتكاب جرائم بشعة". ويشير إلى أنّ "العراق يشهد منذ سنوات طويلة مشاكل اجتماعية معقدة نتيجة الظروف الأمنية والاقتصادية التي أثرت سلباً على الفرد والمجتمع، وهو ما نتج عنه ظهور مشاكل وجرائم لم تكن معهودة من قبل أو منتشرة بشكل كبير كما نراه حالياً".

المساهمون