فتاة المعادي تفتح ملفّ جرائم السرقة

فتاة المعادي تفتح ملفّ جرائم السرقة

19 أكتوبر 2020
في منطقة المعادي حيث سُحلت الفتاة (خالد دسوقي/ فرانس برس)
+ الخط -

بعد جريمة سحل فتاة المعادي بهدف السرقة، بات المصريون أكثر خوفاً، خصوصاً أن جرائم السرقة باتت تتكرر في مختلف المحافظات، في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وارتفاع نسبتي الفقر والبطالة

أشعلَ خبر سحل فتاة المعادي - جنوبي القاهرة (25 عاماً)، حتّى الموت، خلال فترة النهار بهدف السرقة، الرأي العام، وسط مطالب بإعدام مرتكبي الجريمة بعد دفنها. حدث أعاد فتح ملف جرائم السرقات في مختلف المحافظات المصرية، الذي لا تخلو منه صفحات الحوادث في الصحف ووسائل الإعلام المصرية بصورة شبه يومية. وتصل إلى أقسام الشرطة في أحياء مختلفة بلاغات عن سرقات، بعدما انتشرت خلال الآونة الأخيرة عصابات تتقن السرقة.
واعتقلت الأجهزة الأمنية المتّهمين بسحل المجني عليها مريم محمد حتى الموت أثناء سرقتهما حقيبة يدها في المعادي.

معدّلات مرتفعة
وبحسب معطيات قطاع مصلحة الأمن العام في وزارة الداخلية المصرية، فإنّ جرائم السرقة زادت خلال النصف الأول من العام الجاري 2020، لتصل إلى نحو 1800 جريمة سرقة. واستطاعت الأجهزة الأمنية ضبط 950 متهماً، ارتكبوا أو شاركوا في تلك الجرائم، ما بين سرقة بالإكراه تحت تهديد السلاح وسرقة مقترنة بالقتل، بالإضافة إلى سرقات في المنازل وفي وسائل المواصلات والشوارع المزدحمة. وشهد شهر يونيو/حزيران الماضي أعلى معدلات لجرائم السرقة، وقد تم الإبلاغ عن 310 سرقات. وكان العاطلون من العمل الفئة الأكثر ارتكاباً لهذه الجرائم. كذلك، احتلت محافظة القاهرة المرتبة الأولى تلتها محافظة الجيزة ثم القليوبية. وحلّت محافظة الإسكندرية في المرتبة الرابعة، وأسيوط (إحدى محافظات الصعيد) في المرتبة الخامسة.

وتظهر المعلومات أن معدلات الجريمة إلى تزايد مستمر، وكانت نسبة جرائم السرقة عام 2015 خمسة في المائة من بين الجرائم الأخرى، لتصل إلى 10 في المائة عام 2019. كما سجلت نحو 12 في المائة عام 2020، ما يشير إلى أن جرائم السرقة بكل أنواعها إلى ارتفاع. ويحرص مرتكبو هذه الجرائم على وضع خطط معقدة تُصعّب المهمة على الأجهزة الأمنية في كشفها. كما أن الأحياء الراقية في القاهرة، مثل الرحاب، المعادي، الدقي، الشيخ زايد، تشهد النسبة الأعلى من جرائم السرقة.

تهديد 
يكشف تقرير صدر أخيراً عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية‏، عن ارتفاع نسبة الجريمة بشكل عام في البلاد، خصوصاً خلال السنوات الأخيرة، ما يعد خروجاً عن القانون والنظام العام، ويمثل تهديداً للمواطنين يطاول أموالهم وحياتهم أحياناً. ويؤكد التقرير أن جرائم السرقات زادت معدلاتها بطريقة غير مسبوقة لتطاول الأحياء الراقية والشعبية في كافة المحافظات، وأن إجمالي عدد تلك المصنفة خطيرة اقترب من مائة ألف، بحسب البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية، عدا عن تلك غير المسجلة في الأوراق الرسمية. كذلك، فإن 80 في المائة من مرتكبي هذه الجرائم دون سن الأربعين عاماً، ويتواجدون بأعداد كبيرة في كل محافظة مصرية، ما يشكّل خطراً كبيراً على المجتمع.
ويشير التقرير إلى أن زيادة نسبتي الفقر والبطالة بين الشباب، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية نتيجة تفشي فيروس كورونا، والشرخ الطبقي الكبير والتمييز وعدم المساواة في المجتمع، وغياب آفاق للمستقبل، كلها عوامل ساهمت في زيادة معدلات الجريمة، ما جعل المصريين يخشون خروج أولادهم وبناتهم إلى الشارع ليلاً، إلا في حال كان هناك أشخاصاً بالغين معهم، خوفاً على حياتهم.

بطالة 
وكان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قد أعلن أنّ معدّل البطالة ارتفع في البلاد إلى 9.2 في المائة ما بين نهاية مارس/آذار الماضي ونهاية إبريل/نيسان الماضي، بسبب جائحة كورونا، وسط توقعات من قبل متخصصين بأن ترتفع معدلات البطالة نهاية العام الجاري إلى نحو 10 أو 12 في المائة. وبحسب جمعيات محلية وأخرى دولية، ستقفز هذه المعدلات إلى أكثر من ذلك، بعدما فقد الكثير من العمّال البسطاء وظائفهم، وأغلقت عشرات المصانع والشركات، بالإضافة إلى عدم توفر رؤوس الأموال، مؤكدين أن قطاع السياحة يعد من أهم القطاعات التي تعرضت لضربات موجعة أدت إلى توقف استثمارات هامة طالت منتجعات سياحية ومناطق أخرى كثيرة.
وتعزو أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، سامية خضر، ارتفاع نسبة جرائم السرقة في البلاد إلى أسباب عدة من بينها الفقر، والبطالة، وتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وانعدام التوجيه الأخلاقي، وغياب الوازع الديني، وظهور أنماط جديدة للجريمة، وتشكّل عصابات جديدة تضم شبابا عاطلين من العمل، وجميعها تعد الوقود الحقيقي لارتكاب الجريمة.

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

وتُشدد على أن هذه الجرائم مسؤولية المجتمع ككل من وسائل إعلامية ومثقفين وجامعات ونوادٍ اجتماعية، مشيرة إلى أن "الفن أصبح وسيلة للترويج للمواضيع المثيرة وانتشار العري"، موضحة أن "المخدرات وحبوب الهلوسة التي يتعاطاها الشباب لها دور كبير في جرائم السرقة". وتؤكد أن المخدرات تزيد من رغبة الشباب في ارتكاب جرائم القتل أو العنف، وهو ما حدث مع فتاة المعادي، فالمدمن هدفه السرقة حتى لو وصل الأمر إلى قتل المجني عليه.

المساهمون