غزة.. أول سحور جماعي بين ركام الإبادة في خانيونس

01 مارس 2025
يتناولون سحوراً جماعياً في خانيونس، 1 مارس 2025 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تجمع سكان خانيونس في غزة لتناول سحور جماعي بين الأنقاض، حيث زين الأهالي الشوارع بزينة رمضان لإضفاء البهجة رغم الدمار، وأكد المتطوع سليمان الفرا على أهمية إدخال السرور على النازحين.
- في أجواء من الفرح، تجمع الفلسطينيون لتناول السحور بجوار ركام المنازل، حيث عبر المسن أبو سفيان عن سعادته بإدخال السرور على الأطفال رغم الدمار.
- المسحراتي محمد ماجد زقوت أعاد بهجة رمضان في خانيونس، مؤكداً على الصمود والاحتفال برمضان رغم النزوح، مع التركيز على الأهازيج وتجنب الحزن.

تجمّع سكان مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، لتناول أوّل سحور جماعي في شهر رمضان بين الأنقاض وركام المنازل المدمرة جراء الحرب الإسرائيلية التي اندلعت في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.

وزيّن الأهالي شوارع خانيونس، بزينة رمضان والزخارف المضيئة؛ لإضفاء البهجة والفرحة بقدوم الشهر الفضيل الذي نشهد يومه الأول، السبت. وفي حديث للأناضول، قال المتطوّع في مبادرة "إغاثية أردنية" سليمان الفرا إنه "رغم الدمار والحرب على غزة، أصررنا على إسعاد أهلنا، وأصررنا على إقامة السّحور الجماعي بين الركام"، وتابع: "حاولنا أن نسعد النازحين وأصحاب البيوت المدمرة في الحرب، وصممنا زينة وإضاءة لإضفاء الفرحة".

وبجوار ركام المنازل المدمرة، تجمّع عشرات الفلسطينيين في خانيونس، خصوصاً الأطفال منهم، على مائدة طويلة لتناول طعام السحور، في وحدة تجسّد التكافل الاجتماعي بين النازحين. وفي أجواء فرح، تجمع الأطفال لتناول السحور وسط زينة رمضان بألوانها البراقة، ورسومات جدارية ترحب بالشهر الكريم.

من جانبه، قال المسن الغزّي أبو سفيان: "اليوم استطعنا بفضل الله وبفضل محبي الشعب الفلسطيني، أن ندخل السرور على الأطفال الصغار من خلال هذا السحور الجماعي"، وأضاف للأناضول: "رغم الدماء والدمار، أبينا إلّا أن نرسم البسمة على وجوه الأهالي، وكنا قبل الحرب نصنع ذلك وما زلنا على العهد قبل وبعد الحرب".

ويأتي شهر رمضان  على الفلسطينيين وسط مشاعر مختلطة ما بين الفرح بحلوله، والحزن على ما خلّفته آلة الحرب الإسرائيلية من دمار واسع وفقدان كبير.

ومع قدوم شهر رمضان، عملت بلديات قطاع غزة على تنظيف وتزيين الشوارع، وإضفاء لون جمالي عليها، يعيد إليها رونقها وبعضاً من الحياة المفقودة جرّاء الإبادة التي أدت إلى تدمير نحو 88% من البنى التحتية بما فيها من منازل ومؤسسات حيوية وخدمية.

المسحّراتي في خانيونس وبهجة رمضان

لا يكتمل المشهد في رمضان إلا بالمسحّراتي الذي يضفي بهجة على الأجواء، فمن قلب الدمار في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، خرج الشاب محمد ماجد زقوت بزي المسحراتي التقليدي ليعلن انتصار الحياة، وقدرةَ أهل القطاع الفلسطيني على الصمود والبقاء رغم كل محاولات الإبادة التي شنتها إسرائيل ضدهم على مدار أكثر من عام ونصف العام.

وفي أولى ليالي شهر الصيام، تجول زقوت متزيناً بالكوفية الفلسطينية وزي المسحراتي، وبرفقته عدد من أصدقائه وسط أحياء خانيونس، سعياً منه لإعادة خلق بهجة رمضان ورونقه في نفوس أبناء المدينة التي لم تسلم بدورها من وحشية القصف الإسرائيلي.

يوقظ الناس لتناول وجبة السحور بخانيونس، 1 مارس 2025 (الأناضول)
يوقظ الناس لتناول وجبة السحور بخانيونس، 1 مارس 2025 (الأناضول)

وزقوت كغيره من أبناء قطاع غزة، شاب في مقتبل العمر واجه ويلات الحرب والنزوح، فخلال عام ونصف العام فقط من حياته نزح تسع مرات إلى مناطق مختلفة بحثاً عن الأمان، بيد أنّ هذه المعاناة لم تجعله يستسلم، بل خرج ليقولها علناً "لن نركع ولن نلين، وغصباً عن نتنياهو سنحتفل برمضان".

والتقت الأناضول زقوت بينما كان يتجول في شوارع خانيونس عشيّة أولى ليالي رمضان لإيقاظ الناس وتذكيرهم بفضل هذا الشهر الكريم وبهجته في النفوس، وقال: "خلال الحرب، مررنا بظروف أصعب من الصعاب، وأجواء رمضان لم تعد كما كانت من قبل، ولذلك من الضروري إحياؤها"، في إشارة منه إلى عودة الهدوء ولو مؤقتاً إلى القطاع بفضل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي عادة ما تنتهكه تل أبيب بين الحين والآخر.

وشدد على أن المسحّراتي هو "بهجة رمضان وهو من يصنع ابتسامة الأطفال"، لافتاً إلى أنه هذا العام يتجول بين المنازل المدمرة لممارسة هذا الطقس الرمضاني بعدما أجبرته الحرب العام الماضي على التخلي عنه، وربما ممارسته جزئياً في مدينة رفح، التي كانت تحت القصف الإسرائيلي أيضاً.

واختار زقوت التجول مسحّراتياً في شوارع خانيونس هذا العام، كونها من المناطق القليلة التي لا يزال سكانها يعيشون في منازل، إذ شرّدت الحرب أبناء باقي المناطق، وجعلتهم يختبئون داخل الخيام التي تجعلهم بطبيعة الحال مستيقظين، فلا يحتاجون لمن يأتي ويوقظهم في رمضان أو يعيد تذكيرهم بقسوة واقعهم.

وتابع: "هذا العام أعمل في منطقة خانيونس، لأن منطقتي كلها مدمرة والناس هناك تعيش في خيام وليس منازل، لذلك هم أصلاً مستيقظون، ووجود المسحّراتي في ظل الدمار سيعيد إليهم ذكريات قديمة سيحزنون عليها".

وعن حياته قبل الحرب حيث كان من سكان مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة يقول: "كانت أياماً حلوة، وكانت الناس تحبنا، وكنا يداً واحدة، لكن مع الحرب تشردنا واختلفت الأمور"، وبسبب الحرب اختلفت الأناشيد والأهازيج التي يرددها زقوت خلال ساعات ما قبل الفجر، فبات ينشد للمقاومة الفلسطينية وعائلات الشهداء، لكنه يحاول ألّا يكون مصدراً للحزن فيؤخر عملية استذكار الشهداء حتى الثلث الأخير من شهر رمضان.

وأوضح للأناضول "ننشد ابتهالات ومواويل مرتبطة برمضان، وأحياناً نتكلم عن الشهداء في آخر عشرة أيام من الشهر، كي لا يحزن أهلهم مع بدء حلول رمضان"، ويعمل زقوت مسحّراتياً منذ عام 2008، إذ بدأ مزاولة هذه المهنة في مخيم الشاطئ، وينشد أهازيج بينها "مساجد مساجد.. يا راكع وساجد"، و"إصحى يا نايم قوم وحّد الدائم"، و"عشنا سنين وسنين.. لا نركع ولا نلين".

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، و19 يناير/ كانون الثاني 2025، إبادةً جماعية بغزة خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. وبدأ في 19 يناير الماضي سريان اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل يشمل ثلاث مراحل تستمر كل منها 42 يوماً، بوساطة مصر وقطر ودعم الولايات المتحدة.

(الأناضول)

المساهمون