تونس: كورونا يعرقل تصفية إرث "بن علي"

تونس: كورونا يعرقل تصفية إرث "بن علي"

06 أكتوبر 2020
الجائحة تصيب اقتصاد تونس بأضرار اقتصادية كبيرة (ياسين غادي/الاناضول)
+ الخط -

تزيد تداعيات كورونا على اقتصاد تونس من تعقيدات تصفية ما بقي من أصول شركات الرئيس الراحل زين العابدين بن علي وعائلته، بعد تعثّر بيع 14 شركة كانت معروضة للبيع من مجموع 21 شركة، كان على مجمع الكرامة القابضة الذي يدير إرث الشركات المصادرة تصفيتها هذا العام.

وخلّف تعثر تصفية ما بقي من الشركات المصادرة خسائر لخزينة الدولة بنحو 150 مليون دينار (الدولار = نحو 2.75 دينار) بعد أن كانت تونس تنوي تحصيل 200 مليون دينار من الأرباح من عمليات التفويت في هذه الشركات، بحسب ما ورد في قانون المالية للعام الجاري.
ويتوقع المدير العام لمجمع الكرامة القابضة، عادل غرار، إعادة طرح الشركات التي كان المجمع ينوي تصفيتها عام 2020 على المشترين مجدّداً عبر عروض جديدة، مؤكداً أن تداعيات الجائحة الصحية تُلقي بظلالها على برامج تصفية أصول الشركات المصادرة.
وقال غرار في تصريح لـ"العربي الجديد" إن المجمع سيعيد طرح 14 شركة تعثّر بيعها على السوق، من أهمها "ألفا فورد" و"إسمنت قرطاج"، إلى جانب شركات عقارية وخدماتية وأخرى إعلامية، مؤكداً أن نجاح صفقات التفويت (البيع) أصبح مرتبطاً بتحسن الوضع الاقتصادي في البلاد.

وأكد المدير العام لمجمع الكرامة القابضة أن العائدات من بيع الشركات المصادرة لم يتجاوز هذا العام 54 مليون دينار مقابل توقعات بجني 200 مليون دينار سنة 2020.
وحول الأرباح المتوقع جنيها عام 2021 من تصفية الشركات، أفاد غرار بأنّ من الصعب توقع حجم الأرباح التي ستجنيها الدولة من هذه الصفقات، مشيراً إلى أن عوامل متغيّرة باتت تؤثر بنسق تصفية إرث شركات بن علي، وأهمها تداعيات الوضع الوبائي على الاقتصاد، ورغبة المستثمرين في ضخ الأموال في استثمارات جديدة.
وعام 2019 كان لصفقة إحالة بنك الزيتونة وتأمينات الزيتونة تكافل (كانا ملكاً لصخر الماطري صهر بن علي) المصادرتين، على مجمع الماجدة القطري تأثير كبير في نمو محفظة الاستثمارات الأجنبية، بعد ضخّ 137 مليون دولار عقب فوز المجمع القطري بصفقة اقتناء حصّة الدولة التونسية من "بنك الزيتونة" المقدرة بنسبة 67 بالمائة وحصتها من شركة تأمين الزيتونة "تكافل" بنسبة 70 بالمائة. 
ويواجه مشروع تصفية أصول شركات بن علي وعائلته التي أحيلت ملكيتها على الدولة التونسية بمقتضى قرار المصادرة عام 2011 صعوبات كبيرة أثّرت بقدرة الشركات على الصمود والحفاظ على مواطن الشغل بها.
وتضرر الاقتصاد التونسي بشدة جراء جائحة كورونا، وفرضت الحكومة حجراً صحياً في البلاد منذ منتصف مارس/ آذار، رافقه تعليق أنشطة المؤسسات الاقتصادية.
وسجّل اقتصاد البلاد انكماشاً بنسبة 21.6 في المائة خلال الربع الثاني من العام الجاري، وفق بيانات المعهد التونسي للإحصاء (حكومي)، وحسب البيانات، ارتفعت معدلات البطالة إلى 18 في المائة، خلال الفترة نفسها. كذلك تراجعت الاستثمارات الدولية المتدفقة على تونس، خلال النصف الأوّل من 2020، بنسبة 14.2 بالمائة وفق بيانات إحصائية من وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي. 
واعتبر وزير أملاك الدولة السابق، غازي الشواشي، في تصريحات سابقة لـ"العربي الجديد" أن إدارة الشركات المصادرة يشوبها الفساد وسوء الحوكمة، ما سبّب خسائر كبيرة للدولة التي أصبحت تضخّ أموالاً لهذه الشركات للمحافظة عليها.
وعام 2019 رحّل "مجمع الكرامة القابضة" تصفية ما بقي من أصول هذه الشركات إلى العام الحالي، بعدما فشل في إنجاز نحو 40 بالمائة من طلبات عروض التصفية التي أصدرت عام 2019.

اقتصاد عربي
التحديثات الحية

وتعثّرت صفقات التفويت نتيجة وجود نقص في عدد من العروض بنحو 100 مليون دينار عن الأرباح التي كانت تونس تنوي جنيها من نحو 11 مؤسسة عرضت أصولها للتصفية.
وتمكّن مجمع الكرامة القابضة، من تصفية جزء كبير من إرث المؤسسات المصادرة بمعدل بيع سبع مؤسسات سنوياً منذ عام 2017، مقابل سبع مؤسسات فقط في الفترة الممتدة بين 2011 و2017.
وتضع تونس الأرباح المزمع جنيها من تصفية إرث الشركات المصادرة، ضمن المداخيل التي تحوّل لفائدة الموازنة العامة للدولة. 
ولم تستطع تونس تحديد قيمة ثروة بن علي وعائلته التي هرّبها إلى خارج البلاد. وقال البنك المركزي التونسي، في تقارير سابقة، إنه توصل إلى تحديد ممتلكات وأموال منهوبة في 10 بلدان. وأكد عدم وجود أرقام رسمية دقيقة عن قيمة تلك الأموال، لكن خبراء يقدرون قيمتها بمليارات الدولارات.
ومن جانبه، قال الخبير الاقتصادي محمد منصف الشريف، إن التأخير في تصفية الشركات المصادرة يزيد في الأعباء المالية للدولة التي تواصل منذ سنوات ضخّ أموال لفائدة هذه المؤسسات للمحافظة عليها، مشيراً إلى أن سوء الحوكمة في التصرف في هذه الشركات يدفع بعضها إلى الإفلاس.
وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريح لـ"العربي الجديد" أن المالية العمومية لن تتحمل مستقبلاً المزيد من ضخّ تمويلات إضافية في رؤوس أموال الشركات المصادرة، وهو ما يستدعي التعجيل بتصفيتها.

المساهمون