المكسيكيون الأفارقة يعتزون بإرثهم رغم محاولات الطمس

المكسيكيون الأفارقة يعتزون بإرثهم رغم محاولات الطمس

03 أكتوبر 2020
النار تحضر سنوياً في مهرجان الأفارقة المكسيكيين (فرانس برس)
+ الخط -

على وقع قرع الطبول، يحتفل شباب تزيّنوا بزينة فاقعة الألوان في شوارع كواخينيكويلابا المزدانة بالرايات الصغيرة بعيد القديس نيقولاوس، شفيع فقراء هذه المدينة الواقعة في ولاية غيريرو، حيث يعيش ذوو الأصول الأفريقية في المكسيك.

ولم تثنِ القيود المفروضة بسبب جائحة كوفيد-19 المحتفلين عن التلذّذ بالأطايب، واحتساء المشروبات قبل مسيرة منتصف الليل. وتعيش هذه الفئة من السكان في البلد منذ القرن السادس عشر، لكنها لطالما عانت من التهميش.

وتقول أدي كروز التي تتباهى بأصولها الأفريقية: "غالباً ما يسألونني إن كنت كوبية. فأجيب: "كلا، أنا من غيريرو". تفوح في الهواء رائحة طبق البوسولي التقليدي المؤلف من خضار ولحوم، وتختلط برائحة دخان المفرقعات.

ويعيش نحو 1,5 مليون مكسيكي من أصل أفريقي في هذه المنطقة الواقعة جنوبيّ البلد. لكن قول: "لا سود في المكسيك" شائع، بحسب أدي، في هذا البلد الذي يعدّ 128 مليون نسمة.

اعتزاز

وتقول الراقصة الشابة البالغة من العمر 28 عاماً: "نحن فخورون بأننا مكسيكيون من أصول أفريقية". وقد وصلت طلائع الأفارقة إلى المكسيك مع الفاتح الإسباني إرنان كورتيس سنة 1519. وبعد عشر سنوات، بدأ استقدام المستعبدين.

وازداد الاتجار بالرقّ بين 1580 و1650 نتيجة الحاجة المتزايدة إلى اليد العاملة إثر نسبة الوفيات المرتفعة جدّاً في أوساط السكان الذين أهلكهم الإسبان.

وقد سخّر نحو 250 ألف شخص من ضحايا تجارة الرقيق، غالبيتهم من الكونغو وأنغولا بحسب مؤرخين، في العمل في تربية المواشي ومزارع الكاكاو والقطن في كوستا تشيكا في غيريرو.

وفي القرن الثامن عشر، كان كثيرون منهم قد انعتقوا من العبودية وأصبحوا بدورهم من مربّي المواشي أو الصيادين. وأُلغي الرقّ في هذه المنطقة سنة 1857.

ومنذ القرن التاسع عشر، طمست العنصرية الأصول الأفريقية لهؤلاء الذين كان أجدادهم من المستعبدين. ولم يُعترف إلا بالتزاوج بين الهنود والأوروبيين. لكن ذلك لم يثنِ سكان كواخينيكويلابا عن الحفاظ على ثقافتهم.

ويقول خورخي أنيورفي، وهو مدرّس وموسيقي يُعنى بالحفاظ على الثقافة الأفريقية المكسيكية: "شيّد الطريق المؤدي إلى المدينة في فترة جدّ متأخرة. ولم يجرِ إذن تخالط".

ويكشف عن أن المستعبدين السابقين كانوا يعيشون "كما يحلو لهم" بمنأى عن بقيّة السكان المكسيكيين. أنخيليكا سوروسا (58 عاماً) هي الموظّفة الوحيدة في متحف الثقافات الأفريقية الهجينة في كواخينيكويلابا المغلق بسبب الوباء.

وهي تطلع أطفال المدينة على مسيرة شخصيات تاريخية بارزة، مثل فيسينتي غيريرو، ثاني رئيس للجمهورية المكسيكية في 1829، الذي اغتيل بعد إعلانه إلغاء الرقّ، وخوسيه ماريا موريلوس، بطل الاستقلال (1765-1815). وتقول أنخيليكا: "نشجّعهم على تقبّل أصولهم، لأن النكران ما زال سائداً عند البعض منهم. فمن يريد أن يكون سليل رقيق؟".

 اضمحلال الثقافة

ترفض ميخاني خيمينيز (31 عاماً) اختزال ثقافتها بالمعايير الشكلية. وهي أسست الشبكة الوطنية للشباب المكسيكي من أصل أفريقي للدفاع عن هذه الفئة من السكان في وجه السلطات.

فبحسب الأرقام الرسمية، إن 15,5% من المكسيكيين من أصول أفريقية هم أميّون، في حين أن المعدّل الوطني يبلغ 5,5%. و15% منهم لا غير يتقاضون أجراً أعلى بثلاث مرات من الحدّ الأدنى للأجور في مقابل 30% من بقيّة السكان.

قبل 18 عاماً، علّم خوسيه باتشيكو (39 عاماً) "رقصة الشياطين" لأطفال. وهذه الرقصة التي كانت في الأصل موجّهة إلى إله أفريقي، باتت اليوم مدرجة ضمن الاحتفالات الكاثوليكية. وهو يقول: "نجحت في زرع بذرة الرقص. وهذه البذرة أعطت اليوم نبتة طيّبة".

لكن هذه الثقافة على وشك أن تضمحلّ، بحسب خورخي أنيورفي الذي يندّد بلامبالاة السلطات لهذا الفصل من فصول التاريخ والرغبة في التخالط مع البيض "لتحسين الإثنية".

(فرانس برس)

المساهمون