أبواب دمشق: أسوار تخفي خلفها الأسرار وتصون التاريخ

أبواب دمشق: أسوار تخفي خلفها الأسرار وتصون التاريخ

12 يوليو 2015
"باب شرقي" أحد أشهر الأبواب في دمشق (العربي الجديد)
+ الخط -
لدمشق منذ فجر التاريخ سور يحميها ويقيها الشرور. فقد ذكر ياقوت الحموي أن أول حائط وضع بعد الطوفان كان سور دمشق، فيه أبواب كانت ممراً لجيوش وقادة تاريخيين دخلوا منها فاتحين أو غزاة، وكانت تسد وتفتح تكيفاً مع الضرورات الأمنية، ولم يزد عددها على العشرة.

أبواب دمشق الأساسية سبعة، من العهد الروماني، لكن ما لا يعرفه كثيرون أن معظم هذه الأبواب آرامية، قامت على أنقاضها أبواب يونانية. فقد كان اليونانيون يقيمون عندها القرابين في أعياد سنوية، إلى أن جاء الرومان وأعادوا بناءها، راصدين كل باب منها إلى كوكب، ونقشوا رمز كل كوكب على بابه لاعتقادهم أنها تحمي المدينة، إذ يوجد على كل باب صورة الكوكب المرصود له، وفي العصر الإسلامي رممها نور الدين زنكي وأضيفت أبواب أخرى، فقد كان عدد هذه الأبواب يزيد وينقص على السور الغربي، وكانت أبواب تفتح وتسد عندما تقتضي الحاجة.

اقرأ أيضاً: عاشق دمشق: طفلٌ له يد رسام محترف

الأبواب الرومانية
1- الباب الصغير، ذكره ابن عساكر بـ "الباب القبلي"، وذكر أنه المعروف بالباب الصغير، سمي بذلك لأنه كان أصغر أبوابها حين بنيت، يرمز للمشتري، يقع جنوب دمشق، جدد في العهد المملوكي.

2- باب كيسان، ذكر ابن عساكر أنه الذي يلي الباب الصغير من القبلة بشرقٍ، وأنه ينسبه إلى كيسان مولى معاوية، وذكر هشام بن محمد الكلبي أنه منسوب إلى كيسان مولى بشر بن عبادة بن حسان بن جبار بن قرط الكلبي الكليبي، لكن آراء أخرى حديثة ترى أن هذه النسبة ضعيفة، مبررة ذلك بأنه لمَ لا ينسب الباب إلى معاوية، وينسب إلى مولى؟ فالأوضح أنه تحريف لكلمة سريانية هي "قيصون"، ومعناها "أقصى" أو "نهائي"، أي الحدّ الأقصى أو النهائي للمدينة أو الباب المتطرف. كان مسدوداً زمن ابن عساكر. سدّه نور الدين وبنى باب الفرج بدلاً منه. ثم أعاد فتحه الأمير سيف الدين منكلي بغا الشمسي نائب السلطنة في العهد المملوكي. صار اسمه فيما بعد الباب القبلي، وفي القرن الرابع الميلادي كان يعرف باسم القديس بولس، ويرمز لزحل، يقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة القديمة.

3- الباب الشرقي سمي بذلك لأنه شرقي البلد. وكان ثلاثة أبواب: باب كبير في الوسط، وبابان صغيران من جانبيه. سد منه الكبير، والباب الصغير الذي من قبلته، وبقي الصغير الشامي. يرمز للشمس، أخذت حجارة قنطرته الرومانية لتبليط أرضية الجامع الأموي، ورمم في العهد المملوكي، كان يحوي قوس النصر.

4- باب توما (ذكره ياقوت الحموي باسم توماء) يقع في الجهة الشمالية الشرقية من المدينة القديمة. ينسب إلى عظيم من عظماء الروم اسمه توما (حسب ابن عساكر) لكن مصادر أخرى تقول إنه بعد انتشار المسيحية سمي باسم القديس توما، لأن الرومان نسبوا الأبواب إلى القديسين، وفي عهد الإمبراطور البيزنطي، هرقل، كان زوج ابنته اسمه توما الذي كان والياً وبطريركياً لدمشق، فأمر بتقويته ونسب إليه خطأً، جدده في العهد المملوكي الأمير تنكز، يرمز إلى كوكب الزهرة.

اقرأ أيضاً: السيف الدمشقي

5- باب الجنيق (في مختصر ابن منظور الجينيق) من الشمال. منسوب إلى محلة الجنيق، ذكر ابن عساكر أنه كان مسدوداً في زمنه. لا أثر له حالياً، تسميته لم يعرف معناها، كان موجوداً أيام البيزنطيين، ينسب إلى ربة القمر سيلين.

6- باب الجابية من غربي البلد، منسوب إلى قرية الجابية لأن الخارج إليها يخرج منه لكونها مما يليه، أو لأنه كان يفضي إلى معسكر للجند يجبون الضرائب، وكان ثلاثة أبواب: الأوسط منها كبير، ومن جانبيه بابان صغيران على مثال ما كان الباب الشرقي. وكان من الثلاثة أبواب ثلاثة أسواق من باب الجابية إلى الباب الشرقي. كان الأوسط منها للناس، وأحد السوقين لمن يشرق بدابة والآخر لمن يغرب بدابة. فسد الباب الكبير والشامي منها وبقي القبلي إلى الآن، يرمز لكوكب المريخ، جدد في العهد الأيوبي ثم في العهد المملوكي.

7- باب الفراديس يعرف الآن بباب العمارة نسبة للحي الموجود فيه، يقع شمال دمشق، منسوب إلى محلة كانت خارج الباب تسمى الفراديس. وكان للفراديس باب آخر عند باب السلامة فسد؛ والفراديس بلغة الروم: البساتين، أعيد بناؤه وإنشاؤه في عهد الملك الصالح، نجم الدين أيوب؛ على عكس ما تذكر لوحة إلى جانبه أن الملك الصالح إسماعيل قام بذلك، يرمز لعطارد، الآن حوله أبنية وأسواق تجارية، يتألف من بابين: داخلي وخارجي، يمتد بينهما حالياً سوق العمارة. ينسب إلى كوكب عطارد، وهو مصفح بالحديد.

اقرأ أيضاً: سورية وأسماؤها.. شاعرية الجغرافيا وقسوة التاريخ

الأبواب الإسلامية

1- باب السلامة سمي بذلك تفاؤلاً لأنه لا يُتهيأ القتال على البلد من ناحيته لما دونه من الأنهار والأشجار، بناه نور الدين زنكي، رمم في أربعينيات القرن الماضي.

2- باب الفرج من الجهة الشمالية، أحدثه نور الدين زنكي وسماه بهذا الاسم تفاؤلاً لما وجد من التفريج بفتحه، حالياً هو مزدوج؛ داخلي محاذ للسور جدده الملك الصالح أيوب، وخارجي أعيد بناؤه في القرن الخامس عشر. عرف زمن العثمانيين باسم باب البوابجية لوجود سوقين هناك لصناعة البوابيج، وكان بغربه باب يسمى باب العمارة فتح عند عمارة القلعة ثم سد، وأثره باق في السور، يسمى اليوم باب المناخلية.

3- باب النصر: لا وجود له اليوم كان موقعه قرب مدخل سوق الحميدية، يعتقد أنه بني في العهد السلجوقي.

وقد ذكر ابن عساكر أبواباً في زمنه هي التالية: 
1- باب الحديد خاص للقلعة، التي أحدثت غربي البلد. سمي بذلك لأنه من الحديد بشكل كلي.
2- باب الجنان من غربي البلد. سمي بذلك لما يليه من الجنان، وهي البساتين وقد كان مسدوداً وفتح.
كما ذكر أبواباً صغيرة تفتح عند وجود الحاجة إليها، منها:
باب في حارة الحاطب يعرف بباب ابن إسماعيل.
وباب في المربعة (في مختصر ابن منظور المدبغة).

اقرأ أيضاً: أوبرا دمشق تنفض عنها غبار الحرب: حفلات وأسعار تشجيعيّة

المساهمون