فوازير رمضان: تقليد تلفزيوني لن يعود

فوازير رمضان: تقليد تلفزيوني لن يعود

05 يونيو 2016
شيريهان كرست قاعدة جماهيرية للفوازير(فيسبوك)
+ الخط -
هل انتهى زمن الفوازير؟ تلك الوجبة الترفيهية لحل الأحجيات، والتي أغنت موائد وبرامج الشهر الفضيل من سبعينيات إلى تسعينيات القرن الماضي. صورة ملونة جمعت المواهب الاستعراضية، والموسيقية، ولوحات لا زالت في الذاكرة، بعدما فقدت بريقها، مع غياب الفنانتين شيريهان ونيللي عن هذا المشروع، الذي أضاف لإنتاج رمضان التلفزيوني بعداً استراتيجياً، وتسويقياً يعادل كفة الدراما التي تزدحم اليوم. إذ كانت تتهافت المحطات على شراء الفوازير، وعرضه في الموسم الرمضاني الذي تحول خلال العقد الأخير إلى مسلسلات الدراما بعيداً عن عالم الاستعراض، أو "الفزورة"، التي دأب المصريون على توظيفها في الأعمال والبرامج. علماً أنَّ الفوازير لا تقتصر فقط على التلفزيون، بل كانت نشأة الفوازير الأولى في الإذاعة المصرية من إعداد آمال فهمي، ثم انتقلت إلى التلفزيون، وتحديداً مع الممثلة نيللي، التي قدمت في بداية السبعينيات "الفوازير" لخمس سنوات متتالية.

بعدها، جاء دور الفنان سمير غانم، والذي رسم شخصية "فطوطة"، وقدم من خلالها صورة فكاهية تماشت مع الاستعراض والاستديوهات. وحتى أزياء "الفوازير" أصبحت تقليداً سنويّاً، تُعدُّ له العدة طوال أيام العام، ويتولى عدد من الشعراء والكتّاب تأليف وتركيب السيناريوهات الغنائية، التي أغْنَت التجربة والحركة في طريقة العرض. وجدير بالذكر بأنّ ثمّة رؤية خاصة، تبناها المخرج الراحل فهمي عبد الحميد، شكّلت القاعدة لما تلاها من أعمال تشابه أو تقلّد "فوازير" رمضان.

يصحّ القول إنّ الفوازير الرمضانيّة شهدت عصرها الذهبي في الثمانينيّات، بعد دخول التقنيّات الجديدة إلى عالم التلفزيون، واستثمارها بطريقة ذكيّة جدّاً من قبل المخرج فهمي عبد الحميد، الذي اكتشف تحديداً الفنانة شيريهان بعد مشوار طويل مع زميلتها نيللي. شيريهان كانت مفاجأة بالنسبة للمتابعين، وحتى النقاد، بعدما وُضِعَت في قالب أظهر شخصيتها الفنية كثيراً، وأغنى خبرتها التمثيلية، وكرس حضورها الاستعراضي، متساوياً مع موهبتها في السينما والدراما.


بعد رحيل المخرج فهمي عبد الحميد، بداية التسعينيات، تسلّم نجله جمال عبد الحميد الدفة، لوقت غير طويل، واستطاع أيضاً أن يلفت الأنظار من خلال عروض سنوية لفوازير رمضان، أعادت نيللي وشيريهان إلى البريق نفسه الذي أحبه الناس في ليالي رمضان.

في مرحلة التسعينيات، ومع انتشار القنوات الفضائية، ودخول الخليج العربي على ساحة المنافسة التلفزيونية، كان لشركة راديو وتلفزيون العرب تجارب خجولة، في تقديم وإعداد وجبة مُستنسخة عن "الفوازير" المصرية، بقالب افتقد إلى القواعد الأساسية التي بُنيت عليها شهرة هذا العمل التلفزيوني. استُعين بداية بالفنانة هيفا وهبي، التي قدمت "فوازير رمضان" مع الممثل أحمد السّقا. واقتصر الاستعراض على المقدمة والخاتمة، بينما جلست وهبي والسقا في الاستديو يحاولان طرح الأسئلة على المشاهد، والردّ على الاتصالات التي كانت ترد من المشاهدين للفوز بالجائزة. أسْلوبٌ جديدٌ كسر الصورة في ذهن المُشاهد عن "الفوازير" الحقيقية وطريقة تقديمها، أو الاستسهال في عرضها بهذه الطريقة المُشوَّهة. لكن، قناة "ART" نفسها أصرت على تقديم "الفوازير" بعدها، واستعانت بمجموعة من عارضات الأزياء اللبنانيات، فكانت ريتا حرب ولاميتا فرنجية، في العام 1998، وقتها، شاركت حرب وفرنجية ومجموعة من عارضات الأزياء، إلى جانب الممثل السوري سامر المصري.

في تلك الفترة، بدأ مشروع الفوازير ينحصر عن المفكرة المصريّة، حتى أصبح غائباً اليوم بشكل كبير، لأسبابٍ كثيرةٍ، ومنها اعتزال الفنانة شيريهان العمل بعد أزمتها الصحية، وتراجع أسهم الفنانة نيللي وغيابها دون تبرير عن التمثيل. لكن ذلك لم يثن بعض المنتجين، الذين تسكنهم فكرة الفوازير، عن إعادة الكرة مجدداً، والبحث عن بديلات لشيريهان ونيللي، والعمل على استثمار مشروع "فوازير" مُكلف، وعرضه في شهر رمضان.

حليمة بولند
مقدمة البرامج الكويتية، حليمة بولند، قامت بتجربة مماثلة في العام 2007، لكن على الصعيد الفني التقني لم تحقق بولند أي تقدم. السيناريو قدم بطريقة غير محترفة، على الرغم من الحملة الدعائية الواسعة التي ملأت شوارع الكويت. استحوذ الخلاف بين حليمة بولند وشركة "روتانا"، الذي وصل إلى المحاكم، على كل الاهتمام. والسبب، هو أن حليمة كانت تعمل في محطة "روتانا" كمقدمة برامج، واعتبرت أن ما فعلته بولند يتنافى مع طبيعة العقد الموقع بين الطرفين. لكن بولند وظَّفت الدعوى القضائيَّة لصالحها يومها، وقالت إنَّ محاربة "روتانا" لها تزامناً مع عرض "الفوازير" هو اعتراف بنجوميتها، وخصوصاً أن الفوازير هو عمل فني، وليس برنامجاً مُنوّعاً، أو حواريّاً.

ميساء مغربي
وقدمت الممثلة المغربية المقيمة في الإمارات، ميساء مغربي، فوازير العام 2008، ورغم تميّزها بالاستعراضات المبهرة، والديكورات الضخمة، والتنوع بين التمثيل والرقص والغناء، باءت بالفشل واقتصر حضورها على صعيد محطة تلفزيونية واحدة. 

ميريام فارس
في العام 2010، قررت المغنّية اللبنانية ميريام فارس، خوض تجربة "الفوازير"، لم تعط فارس نفسها كثيراً المهلة الكافية، لإعداد أو تأليف فوازير، وخلال أقل من شهر، كان كل شيء جاهزاً ويسابق بلوغ شهر رمضان. ويذكر أحد المنتجين أنه تمّ بناء استديو جُهّز حتّى بغُرف نوم، في مبنى "باك" التابع لتلفزيون LBCI اللبناني، كي يُصار إلى تصوير الفوازير بالسرعة القصوى ويتسنى عرضها في اليوم نفسه، واصل فريق ميريام فارس العمل ليلاً نهاراً تلك الفترة، وعلى الرغم من كلفة الإنتاج التي بلغت ملايين الدولارات وقتها، لم تحظ فوازير ميريام فارس بالنجاح، ولا بنسبة المشاهدة المطلوبة، لأسباب كثيرة، منها عرضها، حصرياً، على قناة "القاهرة والناس" المصرية، وفقدانها للسيناريو المشوّق الذي يشد المشاهد، رغم استغلال المخرج، طوني قهوجي، لأهم التقنيات الخاصة بالمسرح الاستعراضي، لكن السرعة التي نفذ بها العمل كانت ضد نجاحه.

المساهمون