فرقة "أطفال شوارع": "متنسوناش بالعيش والحلاوة لما ندخل السجن"

فرقة "أطفال شوارع": "متنسوناش بالعيش والحلاوة لما ندخل السجن"

08 مايو 2016
الفن لا يمكن حجبه لقلة الإمكانات (فيسبوك)
+ الخط -
"يا باشا أنا مليش في السياسة.. دا انا عيل"... كانت هذه هي عبارة "الشاب عز الدين خالد" داخل الاسكتش الأخير الذي قدمته فرقة "أطفال شوارع" بعنوان "السيسي رئيسي". غير أن هذه العبارة التي تخيلها عزّ الدين صارت حقيقة، إذ اقتاده زوار الفجر ليلاً إلى السجن، بتهمة "التحريض على التظاهر ونشر فيديوهات على شبكة الإنترنت بها ألفاظ نابية مسيئة لمؤسسات الدولة".

أطفال شوارع فرقة تتكون من 6 أعضاء يؤلفون ويمثلون ويغنون، وهم محمد عادل، ومحمد يحيى، ومحمد جبر، ومحمد السوري، ومصطفى زين، ثم العضو المعتقل عز الدين خالد. تبدو "أطفال شوارع" لأول وهلة صاحبة عروض بدائية، لكن سريعاً ما يتم تفهم أن الأمر مقصود لذاته، فالفن لا يمكن حجبه بحجة قلة الإمكانات، والكلمة الصادقة لا تحتاج إلى مكبرات صوت ولا منابر.

أحيت الفرقة مفهوم "مسرح الشارع" الارتجالي وتقدم مزيجاً من الغناء والتمثيل. يكفيهم الرصيف مسرحاً، وعصا تحمل كاميرا (لعلها كاميرا هاتف محمول) من أجل تصوير الاسكتش بتقنية (السلفي)! أما الأدوات الموسيقية أثناء الغناء فلم تكن تزيد على "رِق" وربما استخدموا "كتاباً" يحمله أحدهم يتم استخدامه كآلة إيقاع.

أهمية الموضوعات المطروحة، وجودة التأليف، مع الإخراج البسيط الساخر وتوزيع رائع للأدوار بين أعضاء الفرقة الهواة، عوامل أسهمت بصورة كبيرة في انتشار أغاني الفرقة بين الشباب. وعلى ورقة كتبت بخط اليد يتحدث أطفال الشوارع عن مفهوم المسرح المستقل باعتباره الفاعل والمحرك والمحفز الحقيقي لطرح رؤى ومناهج وأفكار وتجارب مسرحية حقيقية.

وجدت الفرقة في مواقع التواصل الاجتماعي منبراً إعلامياً نشرت فيه أعمالها، وكان واضحاً أن هؤلاء الشباب يسيرون ضد تيار النظام، وكانت مداعبات الجمهور تدور كلها حول مصيرهم الأسود بسبب النقد السياسي. وكان رد "أدمن" الصفحة على بعض الجمهور: "متنسوناش بالعيش والحلاوة لما ندخل السجن!".



تلجأ تقنية تأليف عروض الفرقة إلى تجميع بعض النصوص المتناقضة، مع بعض التصرف، حيث يكفي تجميع بعضها إلى بعض لاستخراج فكرة. بدأت الفرقة بمنأى عن السياسة، يوم أصدرت مجموعة فيديوهات ساخرة عامة، وكان اسم الفرقة آنذاك "أبناء الشيخ كشك". غير أن موقفها من الأحداث السياسية ومعارضتها لنظام 30 يونيو، حول عروضها نحو النقد السياسي. يظهر ذلك في الأعمال التي قدمت نقداً لاذعاً لاتفاقية سد النهضة، والتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، والهجوم على الصحافة والإعلام المستقل، والبطش الأمني بالمواطنين وغير ذلك.



في الفيديو الأخير "السيسي رئيسي" يتقمص الأعضاء أدوار مؤيدي السلطة، في كوميديا سوداء، عبر ترديد مجموعة العبارات الشائعة في أوساط الموالين للنظام، مثل: "ولا يوم من أيامك يا مبارك"، "عمر سليمان ما متش"، "اللي بيقولوا ارحل دول عيال فرافير". "يا بني احلق شعرك، وبعد كده تعالى اتكلم في السياسة"، "تحيا مصر 3 مرات".

ثم ينتقل الاسكتش للتعبير عن اعتقال مجموعة الأفراد، حيث ينفون التهم الموجهة إليهم، فأحدهم يقول للمحقق: "إخوان مين يا بيه أنا أساسا بتاع نسوان". والثاني: "يا بيه تمويل إيه وفلوس إيه أنا مش لاقي آكل أصلا!"، وغيرها من العبارات التقليدية المعروفة! ثم يعبر أحدهم عن خوفه مما سيحدث له من انتهاكات داخل السجن. فيضطرون إلى أن يغنوا، بخوف ورهبة، أغنيتهم عن إنجازات السيد الرئيس بما يتضمن اعترافاً منهم بأن سعر الجنية سيعاود الارتفاع وأن التفريعة الجديدة للقناة ليست تفريعة، وأنها تحقق مكاسب على عكس ما يزعم المغرضون، وأن الجزيرتين ملك أصيل للسعودية!




المساهمون