أنا رجل سخيف
الضحك (غيتي)
ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻬﻞ ﻋﻠﻲََّ ﺃﻥ ﺃﺻﻴﺮ ﺳﺨﻴﻔﺎً، ﺑﻞ ﻛﻠﻔﻨﻲ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ. ﻻ ﺃﻧﻜﺮ ﺑﺄﻥ ﺍﻣﺘﻼﻛﻲ ﻻﺳﻢ ﺳﺨﻴﻒ، ﻭﺃﻧﻒ ﺳﺨﻴﻒ، ﻭﺧﻴﺎﻝ ﺳﺨﻴﻒ ﻗﺪ ﻣﻬﺪ ﻟﻲ ﺍﻷﻣﺮ ﻗﻠﻴﻼ. ﻭﻻ ﺃﻧﻜﺮ ﻓﻀﻞ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ، ﻭﺃﺑﻲ، ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺠﻤﻌﻨﺎ ﻛﻞ ﺻﺒﺎﺡ ﻟﻴﺮﺩﺩ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻣﻌﻨﺎ ﺣﻜﻤﺘﻪ ﺍﻟﺬﻫﺒﻴﺔ:
ـ ﻛﻮﻧﻮﺍ ﺳﺨﻔﺎﺀ ﻟﺘﻨﺠﻮﺍ. ﻭﺍﻟﺴﺨﻔﺎﺀ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻳﺮﺩّدﻭﻥ ﻣﻌﺎً: ﺳﺨﻔﺎﺀ ﺩﺍﺋﻤﺎً. ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻜﻔﻲ ﻟﻮﻻ ﺃﻧﻲ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﺪﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻷﺻﻴﺮ ﺭﺟﻼً ﻣﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﺴﺨﻒ، ﻓﻘﺪ ﺣﺮﺻﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺨﺘﺒﺌﺎً ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻌﺔ ﺳﺨﻴﻔﺔ، ﻭﺃﺳﻨﺎﻧﻲ ﺍﻟﺼﻔﺮﺍﺀ، ﻟﻲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺨﻒ. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﺗﻐﺮﻳﻨﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻛﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻱ ﺍﻻﺧﺘﻔﺎﺀ ﻣﺘﻰ أﺭﺩﺕ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺄﻧّﻲ ﺳﺄﺟﺪ ﻛﻴﺴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻓﻲ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ كلّما ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ، ﻳﺸﻌﺮﻧﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﺣﻘﻴﻘية. ﻭﻟﻢ ﺃﺟﺮﺅ ﻣﺮﺓً ﺃﻥ ﺃﻣﺪّ ﻳﺪﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ ﻷﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. حتى ولادتي كانت سخيفة، فقبل ﺃﻥ ﺗﻄﺄ ﻗﺪﻣﻲ ﺃﺭﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﻤﺪﻭﺭ ﺍﻟسخيف، ﻛﺎﻧﺖ أمي ﻗﺪ ﺃﺟﻬﻀﺖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻃﻔﺎﻝ، ﻭﺩﻓﻨﺘﻬﻢ ﺑﻴﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻮﺽ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻲ.
ﺛﻢ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻻﺣﻘﺔ، ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺳﻘﺎﻳﺔ ﻟﻠﺤﻮﺽ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻤﻌﺎﻧﻘﺎﺕ:
ـ ﺷﺎﻳﻒ ﻫﺎﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻨﺔ ﻛﻴﻒ ﻣﺰﻫﺮﺓ ﻣﺘﻞ ﺍﻟﻌﺮﻭﺱ.
ـ ﺷﺎﻳﻒ ﻫﺎﻟﻤﺪّﻳﺪﺓ ... ﻛﻴﻒ ﻋﻢ ﺗﺘﻌﺮﺑﺶ .. ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻧﺔ ﺭﺍﺡ ﺗﺼﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ..
ـ ﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﺨﻮﻓﺘﻨﻲ ﻫﺎﻟﺤﺒﻘﺔ ﻣﺎ ﻋﻢ ﺗﻜﺒﺮ.
ﺍﻟﻤﻮﺕ أيضاً ﻛﺎﻥ ﺳﺨﻴﻔﺎً ﻣﻌﻲ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻓﻀﺖ في ذلك اليوم ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮ ﻣﻊ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻬﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻒ، ﻗﻠﺖُ ﻟﻨﻔﺴﻲ: "ﻛﻦ ﺳﺨﻴﻔﺎً ﻟﺘﻨﺠﻮ". ﻭﺭﻣﻴﺖ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﻭﻗﻠﺖ ﺳﺄﻧﺎﻡ، ﻫﺬﺍ ﺃﺳﺨﻒ ﻣﺎ يمكنني فعله. ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲّ ﺃﻥ ﺃﺗﺒﻮﻝ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺑﺪﺃﺕ ﺣﺘﻰ ﺭﺟّﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺤﺘﻲ، كانت ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ قد ﻗﺘﻠﺖ ﺷﺒﺤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﺒﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻄﻮﻁ ﺍﻟﺒﻮﻝ، ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﺃﺛﺮ ﺍﻻﺭﺗﺠﺎﺝ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻘﻠﺐ .. ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺗﺠﻒ حينها.
يا ﺳﺨﻴﻒ ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ، ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ ﺻﻔﺔ ﻟﻲ، ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﺳﺨﻴﻔﺔ ﻭﻳﺮﻭﻱ ﺍﻟﻨﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻭﺇﻟﺦ، ﻻ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻬﻲ ..
ﺣﺘﻰ ﺣﺒﻲ ﻛﺎﻥ ﺳﺨﻴﻔﺎً، ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﺭﻭﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻋﺎﺷﻘﻴﻦ ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﺳﺨﻴﻔﻴﻦ. ﻟﻨﻜﻦ ﺳﺨﻴﻔﻴﻦ ﻟﻨﻨﺠﻮ ﺻﺪﻗﺘﻨﻲ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ، ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ، ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻤﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﻄﻤﺮ أﺷﻮﺍﻗﻨﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ، ﻟﻢ ﻧﺸﻌﺮ ﺑأﺟﺴﺎﺩﻧﺎ، ﻟﻤﺴﺎﺗﻨﺎ، ﻛﻨّﺎ ﺑﻼ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﻏﺮﻳﺒﻴﻦ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﺗﻼﺷﺖ ﻛﻞ ﺳﺨﺎﻓﺘﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺣﺸﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻇﻬﺮﺍ ﻓﺠﺄﺓ، ﻛﻨﺎ ﺷﻮﻗﻴﻦ ﻣﺮﺗﺒﻜﻴن.
ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻘﺎؤﻨﺎ ﻭﺩﺍﻋﻨﺎ، ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺨﻴﻔﺎﻥ ﻳﺒﺘﻌﺪﺍﻥ .. ﻳﺒﻜﻴﺎﻥ.
ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮﻟﻲ، ﻭﻻ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﺫﻟﻚ، ﻣﺎ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺿﺤﻚ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﺃﻧّﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﺨﻒ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ، ﻟﻢَ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺣﺲ ﺑﻬﺬﺍ، ﻭﻛﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ. ﺳﺨﺎﻓﺔ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﺳﻮﺩﺍﺀ، بدلاً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻤﻠﻮﻧﺔ.
ولمَ مع كل هذه السخافة لم أنج؟
اقــرأ أيضاً
ـ ﻛﻮﻧﻮﺍ ﺳﺨﻔﺎﺀ ﻟﺘﻨﺠﻮﺍ. ﻭﺍﻟﺴﺨﻔﺎﺀ ﺍﻟﺼﻐﺎﺭ ﻳﺮﺩّدﻭﻥ ﻣﻌﺎً: ﺳﺨﻔﺎﺀ ﺩﺍﺋﻤﺎً. ﻟﻜﻦ ﺫﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻴﻜﻔﻲ ﻟﻮﻻ ﺃﻧﻲ ﺑﺬﻟﺖ ﺟﻬﺪﺍً ﻛﺒﻴﺮﺍً ﻷﺻﻴﺮ ﺭﺟﻼً ﻣﻜﺘﻤﻞ ﺍﻟﺴﺨﻒ، ﻓﻘﺪ ﺣﺮﺻﺖ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﻋﻠﻰ ﺍﺭﺗﺪﺍﺀ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ، ﻭﺃﻧﺎ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻤﺸﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﺭﻉ ﻣﺨﺘﺒﺌﺎً ﺗﺤﺖ ﻗﺒﻌﺔ ﺳﺨﻴﻔﺔ، ﻭﺃﺳﻨﺎﻧﻲ ﺍﻟﺼﻔﺮﺍﺀ، ﻟﻲ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺒﺪﻭ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺨﻒ. ﻭﻣﺎ ﺯﺍﻟﺖ ﺇﻟﻰ ﺍﻵﻥ ﺗﻐﺮﻳﻨﻲ ﺍﻷﻓﻜﺎﺭ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﻴﺔ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻛﺄﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻤﻘﺪﻭﺭﻱ ﺍﻻﺧﺘﻔﺎﺀ ﻣﺘﻰ أﺭﺩﺕ ﺫﻟﻚ. ﻭﺍﻟﺘﺼﺪﻳﻖ ﺑﺄﻧّﻲ ﺳﺄﺟﺪ ﻛﻴﺴﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻨﻘﻮﺩ ﻓﻲ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ كلّما ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ، ﻳﺸﻌﺮﻧﻲ ﺫﻟﻚ ﺑﺴﻌﺎﺩﺓ ﺣﻘﻴﻘية. ﻭﻟﻢ ﺃﺟﺮﺅ ﻣﺮﺓً ﺃﻥ ﺃﻣﺪّ ﻳﺪﻱ ﺩﺍﺧﻞ ﺳﻠﺔ ﺍﻟﻤﻬﻤﻼﺕ ﻷﺗﺄﻛﺪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ. حتى ولادتي كانت سخيفة، فقبل ﺃﻥ ﺗﻄﺄ ﻗﺪﻣﻲ ﺃﺭﺽ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻜﻮﻛﺐ ﺍﻟﻤﺪﻭﺭ ﺍﻟسخيف، ﻛﺎﻧﺖ أمي ﻗﺪ ﺃﺟﻬﻀﺖ ﺃﺭﺑﻌﺔ ﺃﻃﻔﺎﻝ، ﻭﺩﻓﻨﺘﻬﻢ ﺑﻴﺪﻳﻬﺎ ﻓﻲ ﺣﻮﺽ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﺍﻟﺘﺮﺍﺑﻲ.
ﺛﻢ ﻟﺴﻨﻮﺍﺕ ﻻﺣﻘﺔ، ﺑﻌﺪ ﻛﻞ ﺳﻘﺎﻳﺔ ﻟﻠﺤﻮﺽ، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻄﻠﻖ ﻋﺒﺎﺭﺍﺕ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﻤﻌﺎﻧﻘﺎﺕ:
ـ ﺷﺎﻳﻒ ﻫﺎﻟﻴﺎﺳﻤﻴﻨﺔ ﻛﻴﻒ ﻣﺰﻫﺮﺓ ﻣﺘﻞ ﺍﻟﻌﺮﻭﺱ.
ـ ﺷﺎﻳﻒ ﻫﺎﻟﻤﺪّﻳﺪﺓ ... ﻛﻴﻒ ﻋﻢ ﺗﺘﻌﺮﺑﺶ .. ﺍﻟﻤﻠﻌﻮﻧﺔ ﺭﺍﺡ ﺗﺼﻴﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ..
ـ ﻳﺎ ﻗﻠﺒﻲ ﻣﺨﻮﻓﺘﻨﻲ ﻫﺎﻟﺤﺒﻘﺔ ﻣﺎ ﻋﻢ ﺗﻜﺒﺮ.
ﺍﻟﻤﻮﺕ أيضاً ﻛﺎﻥ ﺳﺨﻴﻔﺎً ﻣﻌﻲ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺭﻓﻀﺖ في ذلك اليوم ﺍﻟﻨﺰﻭﻝ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮ ﻣﻊ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﺍﻟﻬﺎﺭﺑﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺼﻒ، ﻗﻠﺖُ ﻟﻨﻔﺴﻲ: "ﻛﻦ ﺳﺨﻴﻔﺎً ﻟﺘﻨﺠﻮ". ﻭﺭﻣﻴﺖ ﻓﺮﺍﺷﻲ ﻭﻗﻠﺖ ﺳﺄﻧﺎﻡ، ﻫﺬﺍ ﺃﺳﺨﻒ ﻣﺎ يمكنني فعله. ﻛﺎﻥ ﻋﻠﻲّ ﺃﻥ ﺃﺗﺒﻮﻝ ﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ، ﺩﺧﻠﺖ ﺍﻟﺤﻤﺎﻡ ﻭﻣﺎ ﺃﻥ ﺑﺪﺃﺕ ﺣﺘﻰ ﺭﺟّﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺤﺘﻲ، كانت ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻘﺬﺍﺋﻒ قد ﻗﺘﻠﺖ ﺷﺒﺤﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﺮﺍﺵ، ﻭﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﻧﺘﺒﻬﺖ ﺇﻟﻴﻪ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﺧﻄﻮﻁ ﺍﻟﺒﻮﻝ، ﺍﻟﺘﻲ ﺭﺳﻤﺖ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﺃﺛﺮ ﺍﻻﺭﺗﺠﺎﺝ ﻣﺎ ﻳﺸﺒﻪ ﺗﺨﻄﻴﻂ ﺍﻟﻘﻠﺐ .. ﻗﻠﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻳﺮﺗﺠﻒ حينها.
يا ﺳﺨﻴﻒ ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ، ﺣﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﺍﻟﺴﺨﺎﻓﺔ ﺻﻔﺔ ﻟﻲ، ﻭﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﻳﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﺳﺨﻴﻔﺔ ﻭﻳﺮﻭﻱ ﺍﻟﻨﻜﺎﺕ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﻭﺇﻟﺦ، ﻻ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﻟﻬﺎ ﻭﺟﻬﻲ ..
ﺣﺘﻰ ﺣﺒﻲ ﻛﺎﻥ ﺳﺨﻴﻔﺎً، ﻗﻠﺖ ﻟﻬﺎ : ﻟﻴﺲ ﺑﻤﻘﺪﺭﻭﻧﺎ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﻋﺎﺷﻘﻴﻦ ﺑﻌﻴﺪﻳﻦ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﻜﻮﻥ ﺳﺨﻴﻔﻴﻦ. ﻟﻨﻜﻦ ﺳﺨﻴﻔﻴﻦ ﻟﻨﻨﺠﻮ ﺻﺪﻗﺘﻨﻲ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ، ﺳﻨﻮﺍﺕ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺐ ﺍﻟﺴﺨﻴﻒ، ﻭﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺴﺨﻴﻔﺔ ﺍﻟﻤﺘﺮﺍﻛﻤﺔ، ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻔﻴﻠﺔ ﺑﻄﻤﺮ أﺷﻮﺍﻗﻨﺎ. ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺍﻟﺘﻘﻴﻨﺎ، ﻟﻢ ﻧﺸﻌﺮ ﺑأﺟﺴﺎﺩﻧﺎ، ﻟﻤﺴﺎﺗﻨﺎ، ﻛﻨّﺎ ﺑﻼ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﻏﺮﻳﺒﻴﻦ ﺗﻤﺎﻣﺎً، ﺗﻼﺷﺖ ﻛﻞ ﺳﺨﺎﻓﺘﻨﺎ ﺃﻣﺎﻡ ﻭﺣﺸﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻮﻕ ﻇﻬﺮﺍ ﻓﺠﺄﺓ، ﻛﻨﺎ ﺷﻮﻗﻴﻦ ﻣﺮﺗﺒﻜﻴن.
ﻓﻜﺎﻥ ﻟﻘﺎؤﻨﺎ ﻭﺩﺍﻋﻨﺎ، ﺛﻢ ﻛﺎﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺨﻴﻔﺎﻥ ﻳﺒﺘﻌﺪﺍﻥ .. ﻳﺒﻜﻴﺎﻥ.
ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﺎ ﺳﺨﻴﻒ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﺣﻮﻟﻲ، ﻭﻻ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﺫﻟﻚ، ﻣﺎ ﻳﺆﻟﻤﻨﻲ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺃﺿﺤﻚ ﻣﻌﻬﻢ، ﻭﺃﻧّﻲ ﻛﻨﺖ ﺃﻋﺘﻘﺪ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺑﺄﻥ ﺍﻟﺴﺨﻒ ﻣﺜﻴﺮ ﻟﻠﺴﺨﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻀﺤﻚ، ﻟﻢَ ﻟﻢ ﺃﻋﺪ ﺃﺣﺲ ﺑﻬﺬﺍ، ﻭﻛﻴﻒ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﺳﺨﺎﻓﺔ ﺣﺰﻳﻨﺔ. ﺳﺨﺎﻓﺔ ﺗﺮﺗﺪﻱ ﻣﻼﺑﺲ ﺳﻮﺩﺍﺀ، بدلاً ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻼﺑﺲ ﺍﻟﻤﻠﻮﻧﺔ.
ولمَ مع كل هذه السخافة لم أنج؟
