"كتاب الأدغال" روح تقنية جديدة في قصّة قديمة

"كتاب الأدغال" روح تقنية جديدة في قصّة قديمة

17 مايو 2016
بوستر فيلم كتاب الأدغال (فيسبوك)
+ الخط -
مع كلّ تطوِّرٍ تقنيّ تحدثه السينما على صعيد المؤثرات البصرية، والقدرة على تحويل الخيال إلى حقيقة، يظهر حماسٌ من قبل شركات الإنتاج لتقديم القصص الكلاسيكية التي يعرفها الجميع في معالجات جديدة. في الكثير من الأحيان، يفشل الأمر، لأن المعالجة تقتصر على الإبهار البصري. وفي أحيان أخرى، ينجح ويتمُّ استغلال التقنية الجديدة لصالح رؤية جديدة كلياً، ووقتها ستكون النتيجة أفلاماً بجودة كتاب الأدغال The Jungle Book.

نجاح فائق في كتاب الأدغال
شركة "ديزني" احترفت مؤخراً تلك الإعادة السينمائية، منذ نجاح فيلم "أليس في بلاد العجائب" Alice in Wonderland عام 2010، وتحقيقه ما يزيد عن مليار دولار كعائدات ماليّة حول العالم. مستفيدة للحد الأقصى من شهرة الحكاية، وشعبية بطل الفيلم، جوني ديب.
والشركة بحثت عن تحقيق نفس النجاح مرة أخرى، فأعادت قصص سندريلا وOz the Great and Powerful إلى الشاشة، إلى جانب جزء ثان من "أليس" نفسه، ولكن تلك الأعمال كانت مخيبة فنياً، وفشلت في شباك التذاكر، إلى أن نجحت المعادلة بشكل فائق في كتاب الأدغال.

يحتفظ الفيلم بالولاء الكامل للقصة الكلاسيكية التي كتبها، روديارد كيبلينج، في نهاية القرن التاسع عشر في مجموعة من المغامرات المتصلة التي ضمها عمله الأشهر "كتاب الأدغال"، متأثراً فيها بطفولته التي عاشها في الهند، حيث يسرد قصة "ماوكلي"، فتى الأدغال الذي نشأ في أسرة من النمور، وتولى تعليمه ورعايته فهدٌ حكيم. ومع فضوله نحو العالم، تكتشف بقيّة الحيوانات وجوده، وسط رفض عنيف من كبير النمور "تشيري خان"، الذي يحمل كراهية للبشر، مما يجبر "ماوكلي" على ترك عالمه الذي يعرفه، وخوض مغامرات متتالية في الغابة مع مجموعة أخرى من الحيوانات مثل الأفعى وإنسان الغاب والدب الكسول.

تطور تقني تغلّب على تكرار القصة
في ظل عدم وجود جديد على مستوى القصة، فإن الثقل الأكبر من الفيلم كان على عاتق المخرج، جون فيفرو، وفريق ضخم للمؤثرات البصرية والسمعية. والتحدي الأساسي كان في كيفية بعث الحيوانات للحياة، ففي كل الاقتباسات السابقة، السينمائية والتلفزيونية، من "كتاب الأدغال"، كان يتم تنفيذ الحكاية بالرسوم المتحركة، بالنظر إلى اعتمادها بالكامل على انفعالات إنسانية لحيوانات، والبشري الوحيد الدائم هو الطفل نفسه. ولكن في هذا الفيلم، أصبح متاحاً بفضل التطور التقني، أن يخلق صناع الفيلم حيوانات رقميّة حقيقية، ويجعلون الحكاية تنفذ في فيلم غير رسومي، وهو التحدي الذي نجحوا فيه بنسبة 100%.

إيقاع مشوّق يشدّ المشاهد
المخرج جون فيفرو، صاحب النجاحات السابقة في جزئي "الرجل الحديدي" Iron Man الأوليين، بدا واعياً كذلك، لأن التفوُّق التقني فقط، لن يُحقَق للفيلم أي نجاح. فوضع الكثير من تركيزه في الحفاظ على إيقاعٍ مُشوّق ولاهث جداً لقصة يعرفها الجميع، وهو التحدي الثاني الذي نجح فيه تماماً. نحن نشاهد فيلم إثارة مشدوداً، مع "بطل" نتوحد معه، و"شرير" نكرهه، و"صديق طيب" نحبه، و"جميلة" نخشى غدرها. وفي كل مطاردة يخوضها "ماوكلي" ورفاقه، تكون علاقتنا بالحدث والأبعاد العاطفية في صلتنا بالشخصيات واضحة. وهي نقطة افتقدتها كل أفلام "ديزني" الأخرى التي تعيد قصصاً قديمة، وتكتفي بالإبهار البصري، وتنسى السيناريو والشخصيات والدراما كأساس للسينما، مما جعل النتيجة هنا مختلفة تماماً.

دفعة كبيرة لـ "ديزني"
حقق الفيلم نجاحاً كبيراً على المستوى النقدي، وكذلك في شباك التذاكر، مما يمنح دفعة كبيرة لمشروع "ديزني" في إعادة كلاسيكيّاتها الرسوميّة في أفلامٍ روائيَّة، بشرط الحفاظ على تلك الجدية التي امتلكها صناع "كتاب الأدغال" وعدم الاكتفاء بالإبهار التقني.

دلالات

المساهمون