البطولة والكومبارس...الانتصار في الأدوار الثانوية

البطولة والكومبارس...الانتصار في الأدوار الثانوية

22 فبراير 2016
كيت بلانشيت (Getty)
+ الخط -
الـ"كومبارس" حكاية ممثّل معروف، لكنَّه لم يصل إلى النجوميّة أو الصفوف الأولى. الواضح أنّ السبب بعدم بلوغ عدد كبير من الممثلينن الذين عرفوا بأدوارهم الثانوية، أو "الكومبارس" للنجومية، هو تواضعهم الزائد، وقبولهم أدواراً واحدة صبغت مسيرتهم الفنية.

بيد أنَّ اللافت أن أسماء كبيرة، بلغت فيما بعد سدة النجومية المطلقة، ودخلت عالم التمثيل من بوابة "كومبارس"، فتقدمت ونالت شهرة واسعة، أوصلتها إلى الصفوف الأولى. ونذكر منهم اليوم الفنانة الأسترالية، كيت بلانشيت، التي لم تتوقع يومًا أن تصبح ممثلة محترفة، وأن يبدأ مشوارها السينمائي من القاهرة بالذات.

ففي إحدى مقابلاتها الصحافية، تحدثت بلانشيت عن دخولها عالم التمثيل في الثامنة عشرة، إذ كانت مجرد طالبة جامعية، عندما سافرت إلى مصر في جولة سياحية بحتة، وفوجئت برجل في الطريق العام يسألها عما إذا كان يهمها الظهور في فيلم سينمائي، كان يجري تصوير بعض مشاهده في الحي نفسه.

وافقَتْ على الفور بدافع الفضول، وسرعان ما وجدت نفسها حول حلبة، كان يتلاكم فوقها بطل الفيلم المصري، مع غريم أجنبي. وطلب منها المسؤول عن الكومبارس الصراخ، فنفذت تعليماته، وعادت إلى مشوارها السياحي، "مقتنعة بأنَّ العمل في السينما، لن يتحول أبدًا بالنسبة لي إلى مهنة رسمية".

الفيلم، الذي أشارت إليه بلانشيت، هو "كابوريا"، الذي لعب بطولته الراحل أحمد زكي. لتبدأ مسيرتها من خلال ما فعلته في القاهرة، وتدخل الأفلام السينمائيّة بصورة قويّة، وتنال شهرةً واسعة.

وغير بعيد عن بلانشيت، يذكُر التاريخ الفني أن الممثلة الراحلة، هند رستم، بدأت حياتها المهنية ككومبارس مع نجمات سبَقْنَها، ومنهن فاتن حمامة ومديحة يسري، لكن أحد المخرجين اكتشفها في فيلم "غزل البنات"، مع ليلى مراد نهاية الأربعينيات، وأعطاها دور البطولة في فيلم "العقل زينة"، بعد عام واحد، لتبدأ مشوراها مع البطولة والنجومية.

هكذا تبدأ حكايات الممثّلين، منهم من يستغل الظروف، ومنهم من يبقى على حاله، راضيًا بدور "كومبارس". قبل أيام، توفّيت الفنانة فايزة عبد الجواد. الاسم لا يعرفه الكثيرون، لكن صورتها شكلت صدمةً لكل من تابع تاريخ السينما المصرية، فالمرأة "الجدعة" كما كانت تُلقب، شاركت لسنوات طويلة في معظم الأفلام والمسلسلات التلفزيونية، بدءاً من اختيار الراحل رشدي أباظة دوراً لها في أحد أفلامه، وصولاً إلى مشاركتها في مسلسل "كيد النسا" إنتاج عام 2014.

لكن، بدا واضحًا أن تواضعها زاد من ضعفها، واستقواء المرض أو الكآبة عليها، خصوصاً، وأنّها عانت من قلة او انعدام اهتمام نقابة المهن التمثيلية بها، فرحلت بصمت كبير، واعتبرت واحدة من أشهر ممثلات الـ"كومبارس"، في السينما المصرية منذ 40 عامًا.

وكان الممثل نصر سيف، أو سلومة، أشهر أصلع شرير في تاريخ السينما المصرية، حيث لم تكن حواراته في الأفلام كثيرة، ولطالما مُنح دور البلطجي الكوميدي. عُرِف في السينما بأنه صاحب أشهر "صلعة"، واشتهر بدور مساند لرجال العصابات.

فيما بعد، اكتشفه المخرج، نيازي مصطفى، في فيلم "عنتر يغزو الصحراء"، ليلُفِت أنظار المخرجين إليه، الذين استعانوا به في معظم أفلامهم، منها "عصابة حمادة وتوتو"، وفيلم "أنا اللي قتلت الحنش"، وصاحب أشهر لازمة في مسرحية "شاهد ماشفش حاجة"، مع النجم عادل إمام، وهي: "ينصر دينك يا أستاذ خليفة"، وتوفي عام 2011 عن 78 عاماً.

فالكومبارس له دور أساسي في العمل، سواء أكان سينمائيًا أو تليفزيونياً، وهو لا يقل موهبة أو حضورًا عن البطل. فإذا كان البطل هو من يُحمل على الأكتاف ويصفَّق له، فالكومبارس هو من أهم العناصر التي تساهم في ذلك، لأنه، وببساطة، يساهم بدوره البسيط على اكتمال الصورة في العمل الفني. وعلى الرغم من أن دوره لا يتعدّى الدقائق، وأحيانًا الثواني على الشاشة، إلا أنّه يعيش بالأجر الذي يتقاضاه عن ذلك.

ومن أشهر كومبارس السيدات في السينما المصرية، بهجة محمد علي، التي قامت بأدوار الكوميديا في الأفلام والمسرحيات. وقد اشتهرت بتقليد الرجال في الأفلام القديمة، وقد ساعدها على ذلك ملامحها. عُرِفَت في فيلم "المهرج الكبير"، وبعد ذلك انضمّت إلى فرقة رمسيس، وعملت، أيضًا، في فيلم "مطاردة غرامية" مع الفنان فؤاد المهندس، والفنان عبد المنعم مدبولي.

كذلك من أبرز الوجوه المعروفة في السينما، كامل حسني عبد الله عبد الجليل، وهو ممثل عمل في السينما والمسرح والإذاعة والتليفزيون. وكان دائمًا يجسد دور رجل العصابات في الكثير من الأفلام بسبب ملامحه الجافة، ونظراته الشرسة، وبرع في ذلك. وتعد أشهر أعماله، دور نجاتي البواب في مسلسل "البخيل وأنا"، مع فريد شوقي عام 1991، والذي لعب فيه دورًا غلب عليه الطابع الكوميدي.

ظهرت عائشة الكيلاني كممثلة كوميدية في فترة الثمانينيات، اشتهرت بأدوار "الفتاة غير الجميلة"، لكنها خفيفة الظل. بدأت مسيرتها الفنية عام 1984 في مسرحية "البرنسيسة"، ثم فيلم "الحب فوق هضبة الهرم"ـ لتتوالى بعدها الأعمال في مجال التلفزيون والمسرح والسينما. ومن أبرزها: "الشيطانة التي أحبتني"، و"الإرهاب والكباب"، و"سيداتي آنساتي"، و"كيد العوالم"، ومسلسلات مثل "أرابيسك"، و"رأفت الهجان".

وفي لبنان، عُرِف الفنان، رفيق عويجان، بأنه أشهر كومبارس استطاع أن يسكن قلوب اللبنانيين، خصوصاً وأن معظم أدواره تمحورت حول نادل في المقهى. هكذا، تفصل النجومية بشعرة فاصلة بين دور وآخر، قد يحمل صاحبه إلى مجد الشهرة والنجومية يومًا، أو يبقيه أسير دور "كومبارس"، بعيداً عن البطولة المطلقة، رغم تعاطف الناس مع ذلك بقوة، وتبنّيهم لـ"كومبارس"، قد يفضله البعض عن البطل النجم لأسباب كثيرة.

إقرأ أيضاً: فنّ الإبرو..الرسم على الماء


المساهمون