"سيدي محرز".. سلطان "تونس" وحاميها

"سيدي محرز".. سلطان "تونس" وحاميها

28 ابريل 2015
هنا ينشد التونسيون البركة والأمان (العربي الجديد)
+ الخط -

تضمّ العاصمة التونسية أكثر من 123 مقاماً للأولياء، لكنها لا تملك حظوةَ "سيدي محرز"، أحد حراس المدينة في الذاكرة الشعبية، وأحد مواقع التراث الإنساني بحسب اليونسكو. 
وسط "باب سويقة"، في المدينة العتيقة، يمرّ قاصد الوليّ عبر سوق شعبي، ثم تحتفي به دكاكين بيع البخور والشموع، وهي تبشر ببلوغ مقام "سلطان المدينة".

لكنّ الوليّ، الذي يعتقد جزء من التونسيين أنه "يحميهم"، صار يطلب خلال السنوات الثلاث الأخيرة الحماية كمقمات أخرى تعرّضت لاعتداءات، تحت عنوان: "مقاومة بعض التصرفات داخل المقامات والتي تحيل إلى الشرك والوثنية"، وهي حجة واهية، كما يؤكد زوّار المقام، الوافدون لحمايته وفاء لحمايته لهم، ولسان حالهم يقول: "زيارتنا له أقلّ ما يمكننا تقديمه".

ولد محرز بن خلف، أو "سيدي محرز"، في محافظة أريانة، بضواحي العاصمة تونس سنة 957 م، وهو رجل دين قضى حياته يُعلّم القرآن، ولذلك عُرف بـ "المؤدّب"، كما اشتهر بورعه وكرمه، وتوفّي سنة 1022، ودُفن حيث كان يعطي دروسه الدينية. وتدريجياً، تحوّل مكان دفنه إلى مقام يزوره أهل العاصمة التونسية، ومحافظات أخرى.

تقول إحدى الأساطير إنّ عدداً من الخيام انتصبت لأحد أمراء الزيريين، ما أثار خوف التونسيين، لكنّ محرز بن خلف طمأنهم ودعا من أجل حماية البلد من ذلك الأمير وشرّه. وفي اليوم التالي عُثر على الأمير مطعوناً بسيفه الخاص.

اقرأ أيضا:أبواب تونس شاهدة على تاريخها

كانت هذه الحادثة منطلق إشاعات مختلفة، ونتج عنها إصدار الخليفة المعز بن باديس، أمراً بالسهر على راحة محرز بن خلف، وعدم التعرّض لأملاكه وأتباعه.

وينقل الشيخ مصطفى، أحد زوار المقام، عن والده أن الصيادين كانوا يزورون "سيدي محرز" عندما تسوء أحوالهم.

عند الدخول إلى مقام "سيدي محرز"، يعترضك فناء تليه قاعة فيها قبّة محمولة على جذوع تحوي بئر مياه مباركة. يعود تاريخ القاعة مع غرفة الضريح إلى نهاية القرن 19 تحت حكم الصادق باي.

تتميز غرفة الضريح بقبة بيضوية الشكل، وزخارف تمزج نقش الأرابيسك برسوم الأزهار. ويحميها شريط حديدي مشبك مع سياج خشبي للنعش المنقوش.
ويكنّ اليهود للولي الاحترام لأنّه أسكنهم بالقرب من بيته، بعد أن كان محظوراً عليهم السكن داخل أسوار المدينة.

ويواصل سكان مدينة تونس وغيرهم زيارة "سلطان المدينة". يقدّمون بعض الهدايا ويطلبون تحقيق أمانيهم. السيدة رشيدة، إحدى زائرات المقام تقول ان الناس يحضرون الأطفال يوم ختانهم، والفتيات ليلة زفافهن، "هذا المكان يجلب البركة والراحة النفسية".

سنة 1692، قرب مقام "سيدي محرز"، شيّد محمد باي المرادي جامعاً يحمل اسم الولي، وهو أهمّ وأكبر جامع للمذهب الحنفي في تونس. وقد اهتم حكام تونس منذ القدم بـ"سلطان المدينة"، وأعاد محمد الصادق باي بناء المقام سنة 1862، ثم أمر بورقيبة بترميمه سنة 1981 وأعيد الترميم بين سنتي 1996 و1998.


اقرأ أيضا:زوروا تونس.. مواجهة الإرهاب بالفن

دلالات

المساهمون