بين ذاكرتنا الجميلة والتسويق السيئ

بين ذاكرتنا الجميلة والتسويق السيئ

22 فبراير 2015
الشوكولا والكريما مكوّنات الطربوش (العربي الجديد)
+ الخط -
تغيّر اسم الحلوى الشهيرة بعد سنوات، فباتت تُعرف بالطربوش، رغم شكل الحلوى المدورة والتي تُشبه الرأس الغامق البشرة الأصلع، سُميَت سابقاً بـ"رأس العبد" وكانت تُغلّف بورق الألومنيوم الملوّن بالأحمر والأسود والأصفر من دون اسم واضح على الغلاف.

وكلّما أرادت أمي أن تفاجئني في التسعينيات، كانت تدخل إلى المنزل ومعها صندوق كبير مليء بالطرابيش، وتطلب مني أن آخذ العلبة معي إلى المدرسة لأتشارك فيها مع كل رفاقي الصغار. طعم الطربوش كان بسيطا ولذيذا.

لكن لا بدّ لمجال تسويق الأطعمة أن يُدمّر ما بقي في ذاكرتنا من بساطة الخلطات والسكاكر التي تُكوّن الطربوش وغيره من ذكريات الطفولة. ارتفع سعر حبة الطربوش الواحدة إلى 500 ليرة لبنانية، كما تمّت إعادة تغليف علبة جديدة تحتوي على ثلاث حبات طربوش بسعر طربوشين. وبالإضافة إلى دخول نكهات الفراولة والفستق إلى خلطة الطربوش، لتقضي شركة "غندور" على طفولتي بالكامل لجذب انتباه من لم يحظ بمتعة "رأس العبد" الأصلي، فالطربوش الحالي شبيه بالبضائع الأخرى التي ربّي عليها جيل التسعينيات. يقول طالب الهندسة في الجامعة الأميركية كريم إنه كان يشتري بـ500 ليرة لبنانية كيسيْ "بطاطا جحا"، وعلبة علكة صغيرة، وحبة مثلجاتٍ واحدة.

أمّا اليوم في القرن الواحد والعشرين، أصبح المبلغ الذي يقلّ عن الألف ليرة لبنانية "شعار المفلسين" بحسب كريم. بالإضافة إلى ما سبق، فإن التغير في مبيعات المأكولات البسيطة بدأ منذ سنوات، حيث لاحظنا طغيان صنف جديد من الشوكولا على الأسواق كل سنة.

كنّا نشتري بوظة الثلج مثلاً، لأننا تعرّفنا على تلك الحلويات في الأفلام الأميركية بألوانها المجنونة كالأحمر والبني والأزرق. وكانت البوظة تحوي لذةً بسيطة تُسعدنا عندما كنّا أطفالاً. أمّا اليوم، فارتفعت أسعار كل صنف من أصناف سكاكر وحلويات الطفولة، كما أثبتت استراتيجيات التسويق والمبيع في لبنان أن معظم المشترين في عام 2015، يحبذون الكمية أكثر من القيمة، والتعدد في الأطعمة أكثر من التلذذ بطعم الطفولة البسيط.

المساهمون