هوليوود و11سبتمبر: إنقاذ البشرية من السينما إلى سورية والعراق

هوليوود و11سبتمبر: إنقاذ البشرية من السينما إلى سورية والعراق

10 سبتمبر 2014
ملصق فيلم "Transformers"
+ الخط -
تمتلىء الصالات اللبنانية هذه الأيّام بأفلام تدور أحداثها حول "نهاية العالم" بشكل أو بآخر. وهذا ليس جديداً على السينما الهوليوودية التي كانت دوما مهجوسة بـ"اليوم الأخير"، منذ عقود، وبمهمة "إنقاذ البشرية"، إن من الأمراض، حين تشتدّ فوبيا "أنفلونزا الطيور" أو "جنون البقر"، أو من الغزوات الفضائية، أو من المتطرّفين، أو من حرب نووية حين يُراد تخويف الناس من السلاح النووي، أو من الشرّ الكامن في نفوس البشر.

هذه الأيّام يجتمع في الصالات عدد من الأفلام التي تحتلّ المراتب الأولى على شبابيك التذاكر حول العالم، وكثير منها يدور أيضاً حول نهاية العالم، كلّ من زاوية.

من هذه الأفلام "Dawn of the Planet of the Apes"، أي "فجر كوكب القردة"، المُعاد إنتاجه أكثر من مرّة، والذي يروي، في نسخته الجديدة، حكاية تطوّر القرود وتأخّر البشر، ليلتقي من تبقّى من المجتمَعَيْن على صراع حول الحقّ بوراثة الكوكب الأزرق، بعدما فرّط البشر، من خلال التكنولوجيا وحروبها، بحقّهم في حكم الأرض.

هناك أيضا فيلم "Transformers" في الجزء الرابع، حيث المتحوّلون يحمون البشر من هجوم هدفه إبادتهم كليّاً. أبطال يتحوّلون إلى سيّارات، ويتحدّثون الإنكليزية، يدافعون عن كوكبنا من هجوم وحشيّ يشنّه وحوش مسافرون من مجرّات أكثر تطوّراً، وعلى يد المتحوّلين، المعدنيين، خلاص البشرية.

وكما في أفلام كثيرة، فإنّ مدينة نيويورك أو عاصمة الولايات المتحدة الأميركية، واشنطن، هي قلب العالم (هل هي كذلك فعلًا؟)، والسيطرة عليها مقدّمة لاحتلال العالم كلّه. وهنا يأتي دور سلاحف النينجا في فيلم "Teenage Mutant Ninja Turtles" أي "سلاحف النينجا المراهقين المتحوّلين"، الذين يمنعون الأشرار من السيطرة على نيويورك، واستطراداً يخوضون المعركة عن العالم كلّه.

بعض الأفلام دأبت على البحث عن "فكرة" جديدة حول نهاية العالم، أبعد من الكليشيه الأميركي أو الخاصّ بكوكب الأرض، يذهب فيلم "Guardians of the Galaxy" أي "حرّاس المجرّة"، إلى إنقاذ المجرّة، بدلاً من إنقاذ كوكب الأرض فقط.

وفي نسخة جديدة من "Hercules" البطل هرقل، نصف الإنسان ونصف الإله، ينقذ قومه، ولا نعرف إذا كان هناك أحد غيرهم "يومها"، من وحوش ينهضون من تحت الأرض ويعجز "الفانون"، أي الأشخاص العاديون، عن قتلهم ليأمنوا شرورهم. وطبعاً يتحدّث الجميع اللغة الإنكليزية.

وحده فيلم "Lucy" يتناول نهاية العالم بطريقة مبتكرة هذا العام. إذ يروي قصّة فتاة عادية، يخطفها مروّجو نوع جديد من المخدّرات، ويجبرونها على الخضوع لعملية جراحية ليعبّئوا كيسا كبيراً مليئا بهذا المخدّر في معدتها، عبر عملية جراحية، تمهيداً لنقله إلى أوروبا. وإذ يضربها أحد الحرّاس يتمزّق الكيس ويتسلّل العقار الجديد، غير المجرّب من قبل، إلى دمها، بكميّات كبيرة، فيجعلها قادرة على استخدام 100 في المئة من قدرات دماغها. تلك التي لا يستعمل الإنسان العادي أكثر من 10 إلى 15 في المئة منها.

حينها تكتشف "لوسي" أسرار الكون وتضعها أمام المشاهدين، مبشّرة بأنّها صارت "في كلّ مكان"، بعدما تختفي في نهاية الفيلم، حين تصل إلى نسبة 100 في المئة، وتندمج في الآلات لتقدّم إلى البشرية خلاصة معارفها.

في هذا شيء من الأفق النهائي أو التصوّر السينمائي لأعلى سقف يمكن أن تصل إليه البشرية في العلوم النفسية والتكنولوجية والطبية والعسكرية والسياسية والاقتصادية. أي حين يحكم العقل، بقدراته الكاملة، ووعيه الشامل، هذا العالم. هنا تختلط البداية بالنهاية.

جدير بالذكر أنّ الممثّل المصري عمرو واكد يشارك في بطولة هذا الفيلم في الدور الثاني من حيث الأهميّة، أي دور "المساند" للبطلة الأساسية سكارليت جوهانسون. وهو يكون شرطياً فرنسيا يساعد البطلة على الهروب من تجّار المخدّرات، في سعيهما لـ"إنقاذ البشرية" من خلال نقل معرفة "لوسي" إلى علماء الكوكب.

يصادف هذا كلّه على أبواب الذكرى 13 لأحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001. حين تم تدمير برجيّ مركز التجارة العالمي، في نيويورك. تلك الصورة الشهيرة ستطبع مطلع الألفية الجديدة وستكون بوّابة الحروب في الشرق الأوسط خلال العقد اللاحق.

وهنا سنجد مصادفة أخرى. فحالياً، وفي هذه اللحظة تحديداً، تصعب السخرية من هوليوود، على اعتبارها تقدّم إلينا أبطالاً ينقذون العالم دوماً، باللغة الإنجليزية، وغالباً يتخلّل الأفلام مشاهد يتمّ حشر الرئيس الأميركي فيها على أنّه يملك "الزرّ الأحمر"، الذي يمكن أن يدمّر الكوكب أو أن ينقذه.

في هذه الأيّام ثمّة إجماع غير مسبوق على دعوة القوّات الأميركية إلى "إنقاذ العالم" من جيوش الظلام في سورية والعراق. بعض خصوم أميركا وبعض حلفائها يطالبونها بـ"إنقاذ العالم"، خوفاً من تمدّد "داعش" إلى أوروبا وأميركا. هذا على خلاف ما كان الوضع قبل 12 أو 13 عاماً، في مثل هذه الأيّام، حين انقسم العالم بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، بين معسكرين.

واحدٌ وافق وساند قيام الولايات المتحدة بـ"حروب استباقية" نفّذها "البطل الأميركي" ضدّ الإرهاب، جالباً الويلات على أفغانستان والعراق وغيرها من الدول، ومعسكرٌ وقف ضدّ هذه الحروب وضدّ تدخّل الولايات المتحدة في شؤون داخلية لبلاد بعيدة عنها.

في تلك الأيّام العصيبة انهارت السينما الهوليوودية، وتراجع مشاهدوها. حتّى وصل ثمن بطاقة السينما في بيروت إلى ثلاثة دولارات أميركية فقط، بدلًا من سبعة. إذ تفوّق مشهد إسقاط البرجين، و"هزيمة نيويورك" في 11/9، على كلّ الأفلام التي تنبّأت بقدرة نيويورك وواشطن على هزيمة "الأشرار"، من كوكب الأرض كانوا أو من كواكب مجهولة في المجرّة، أو حتّى من مجرّات أخرى.

اليوم ليس فقط "البطل الأميركي" في واحدة من ذراه الهوليوودية السينمائية، بعدد من أفلام "إنقاذ العالم". اليوم تدعمه، بالصدفة، الأحداث الجارية في الشرق الأوسط، حيث يعيش هذا "البطل" ذروة واقعية نادرة في تاريخ الحروب الأميركية المستمرّة خلال القرن الأخير. ذروة "توافق" شبه عالمي على أنّه لا خلاص من قوّات الظلام في الشرق العربي إلا بتدخّل القوّات الأميركية.

المساهمون