مهرجان "موازين" بعيون المغاربة: إهدار للمال والعقول

مهرجان "موازين" بعيون المغاربة: إهدار للمال والعقول

10 يونيو 2014
صورة من الموقع الرسمي لمهرجان موازين
+ الخط -
 

ودّعت مدينة الرباط المغربية يوم السبت الماضي، مهرجان موازين الذي بات من أنجح المهرجانات في العالم، وهو مهرجان سنوي ينظم من طرف جمعية "مغرب الثقافات"، انطلق لأول مرة صيف سنة 2001، ودأب على جلب أشهر الفنانين على الصعيد العالمي.

ممـا لاشك فيه أن مهرجان موازين يحتل مكانة مرموقة في الروزنامـة الثقافة للمملكة المغربية، إلا أنه يلقى معارضة كبيرة من طرف الشعب المغربي لأسباب عديدة، منها ما هي أخلاقية، دينية أو اقتصادية.

ناهضت نخبة من شرائح المجتمع المغربي هذا المهرجان السنوي، حتى أنه طرح في البرلمان المغربي للنقاش، لما أثار المهرجان من بلبلة في الرأي العام المغربي، فالعديد اعتبروه تبذيراً لأموال الشعب، خاصة في ظل هذه الظرفية التي يعاني فيها المغرب أزماتٍ اقتصادية، ففي استطلاع للرأي أنجزه موقع "أخبارنا" المغربيّ على مدار هذا الأسبوع، أن 4237 شخصاً أي ما يمثل 88% من إجمالي المشاركين في الاستطلاع اعتبروا أن الأموال التي تصرف على موازين تبذير للمال العام، في حين صوّت 419 شخصاً (9%) ضدّ هذا الطرح.

يخلق مهرجان موازين كل سنة موجة غضب عارمة بالمغرب، بسبب التكلفة الباهظة لجلب النجوم المشاركين فيه، حيث تم تنظيم مسيرة للاحتجاج ضد المهرجان من طرف خريجي الجامعات العاطلين عن العمل أمام مقر البرلمان المغربي، حيث تعالت أصواتهم مرددين شعار "أش خصّك العريان موازين أمولي"، وهي عبارة مفادها أن الشعب المغربي أولى بالمبالغ التي تصرف في هذا المهرجان والذي يتجاهل الظرفية المالية والاقتصادية الخانقة التي يمر منها المغرب واستمراره في التبذير الفاحش للمال على فعل لا يدخل ضمن أولويات الشعب المغربي، غير أنه ضرب بالشفافية عرض الحائط من خلال الإبقاء على سرية المبالغ التي تخصصها كل جهة داعمة، وكذا غياب المعلومة في تعويضات الفنانين والعقود المبرمة مع الشركات المحظوظة التي تستفيد من ريع التنظيم.

كما اعتبرت نخبة من المفكرين والمثقفين المغاربة أن المهرجان هذا ليس إلا جزءاً من سياسة طويلة النفس للقضاء على كل مطالب جادة، وذلك بتمييع الواقع المغربي من خلال اطلاق العنان لأغاني وموسيقى مغيبة وحالمة لجعل الشباب في فضاء افتراضي لا صلة له بالمرارة التي تحرق القلب، من بطالة وما يتبعها من حرمان وتهميش وتعاطي المخدرات، والغوص في عالم الدعارة والتسول، وتحول المواطن المغربي إلى كائن خنوع وسلبي في شخصيته، جراء تلك السياسة المتبعة والمحبطة لكل الآمال لدى الشباب الذي يشكل أكثر من نصف الشعب.
وفي ظل ظاهرة رفض المجتمع المغربي لهذا المهرجان، ظهرت تجمعات شبابية على مواقع التواصل الإجتماعي تناهض المهرجان باعتباره وجهاً من أوجه الفساد والاستبداد وكانت من ضمن هذه التجمعات "الحملة الوطنية للمطالبة بإلغاء موازين" التي أكدت أن إلغاء مهرجان موازين هو مطلب شريحة مهمة من الشعب المغربي، وأنها تشتغل في تكامل مع باقي الهيئات والمنظمات التي تتقاسم معنا نفس المطلب، كما سبق ونشرت مطالبها على صفحتها في موقع التواصل "فيسبوك" وكانت كالتالي:

-أن تتحمل الدولة المسؤولية في ضمان التنوع الثقافي بالمغرب اعتماداً على إعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي، وكذا مواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ذات الصلة بالشأن الثقافي، حيث لا يتأتى هذا إلا من خلال لجم موازين.

- استصدار قانون يضمن عدالة الولوج إلى التمويلات الخاصة والعامة ونشر التقارير المالية للجمعيات على قدم المساواة، بغض النظر عن حجمها وعن اسم من يرأسها. 

- رصد الفساد المالي ومحاسبة مبذري الأموال بجمعية مغرب الثقافات، منذ قتل النسخة الأصلية لموازين، وتحويله إلى مسخ تجاري تعسّف على المفهوم النبيل للثقافة. 

- الكشف عن الميزانية الحقيقية وعن مصادر التمويل العامة والخاصة وطرق صرفها.

- رد الاعتبار للفنان وللفن المغربي وصون التراث الثقافي الإنساني بالمغرب الذي يتعرض للاندثار.

- مطالبة كل المجالس المنتخبة والمؤسسات العمومية وشبه العمومية والشركات المواطنة الداعمة للمهرجان بالسحب الفوري والتام لجميع أنواع الدعم السري والعلني. 

- المطالبة بتوجيه المبالغ المرصودة وتحويلها إلى بنية تحتية ثقافية تضمن التأطير والتكوين والعرض الفني والثقافي برؤية مجالية عادلة. 

- إنصاف أسر ضحايا كارثة موازين 2009.

- مطالبة جميع شرائح المجتمع المغربي بمقاطعة المهرجان 

- دعوة كل الفنانات والفنانين الشرفاء إلى مقاطعة المهرجان والانخراط في حملة تحسيس المغاربة اتجاه مخاطره.

- دعوة كل الهيئات والقوى الحية إلى الانخراط في الحملة. 

كما أن الإصرار على تنظيم المهرجان في ذروة الاستعداد للامتحانات، يطرح علامات استفهام حول ما قد يؤدي من هدر لمجهود سنة كاملة من التحصيل العلمي لهؤلاء المراهقين واليافعين، خاصة أن معظمهم كانوا روّادَ حفلات هذا المهرجان.

و من بين جملة الاتهامات الموجهة لهذا المهرجان عدم الالتفاتة والاهتمام بالفنان المغربي كاد أن يغيب حضوره في هذا المهرجان، وحتى إن وجد في مسارحه، فإنه يتلقى أدنى الأجر حين يتلقى فنانون غيرمغاربة أضعاف أضعاف الأجور، كما أن الفنانين الأجانب الذين يحضرون للمغرب للمشاركة في مهرجانات فنية من بينها "موازين" يتلقون مبالغ مالية خيالية، دون أن يؤدوا أي واجبات مالية للنقابات الموسيقية بالمغرب، على غرار ما هو معمول به في مصر وسورية والأردن وباقي الدول العربية، بل حتى الدول الغربية، حيث يتضمن عقد العمل بهذه البلدان تأدية مبلغ 25 في المائة من الأرباح لنقابة الموسيقيين، إضافة إلى تشغيل 50 في المائة من الموسيقيين المنتمين للبلد المضيف، وهو الأمر الذي لا يطبق في المغرب.

كل سنة يطل مهرجان موازين على الشعب المغربي خلال أيام معدودة، ولكنه يثير جدلاً واسعاً في الوسط المجتعي المغربي، يدوم بدوام عرض المهرجان وينتهي حين تسدل الستائر.

المساهمون