بنت الشهبندر: تراجيديا شامية بنكهة لبنانية

بنت الشهبندر: تراجيديا شامية بنكهة لبنانية

05 ديسمبر 2014
الكاتب هوازن عكّو والنجمة سلافة معمار(العربي الجديد)
+ الخط -
يعول المنتج الأردني مفيد الرفاعي على إنتاج عمل جديد لرمضان 2015، لكن هذه المرة برؤية تاريخية معاصرة.

المنتج الشاب الذي قدّم العام الماضي مسلسل "اتهام" وقبله "جذور"، يحاول مجدداً الدخول من بوابة درامية تجمع عدداً كبيراً من الممثلين اللبنانيين والسوريين. من دون شك، إنّ استثمار نجومية البطلين السوريين سلافا معمار وقصي الخولي يعتبر ضرباً جيداً أمام الكمّ الكبير من المنافسين في الدراما السورية والمصرية والانتاج المشترك الذي درج منذ سنوات، وكان الرفاعي نفسه أحد صانعيه في "جذور" الذي احتوى على قصص متقاطعة بين بيروت والقاهرة. وكذلك في الدراما العصريّة التي كرسّها في "اتهام" لميريام فارس وحسن الرداد هذا العام. قد يكون مفيد الرفاعي استفاد من أخطاء جذور وانتقادات لاذعة طاولت اتهام، إذ حاولت ميريام توظيف نجاحه لها كونها نجمة غناء استعراضية.

وعلى الرغم من الاختلاف على موهبة ميريام الدرامية بين من يرى فيها جانباً محترفاً وبين من يؤكد مبالغتها في الأدوار التي تنسب إليها، استطاع الرفاعي هذا العام الهروب إلى الأمام، فابتعد عن نصوص الكاتبة كلوديا مرشليان، بعد تجربتي "جذور" و"اتهام"، ورغم الاختلاف على نجاحهما أو فشلهما، استطاع العملان أن يثبتا أنه لا يزال هناك من يؤمن بصناعة الدراما العربية. "بنت الشهبندر" هو العمل الجديد للرفاعي وشركة انتاجه. كالعادة مؤتمر صحافي يسبق مواعيد التصوير أو البداية الفعلية، كوكبة من الممثلين يجلسون على طاولة في فندق الحبتور في بيروت، ينتظرون الملحق الاعلامي للشركة الزميل جمال فياض، ليبدأ بالتعريف بالعمل الجديد. كلمات مقتضبة، يعطي فياض لمحة موجزة عن العمل مرحّباً بالضيوف الذين وصلوا من سوريا والقاهرة للمشاركة في المؤتمر. كان واضحاً أنّ تقدير الشركة أو المنظمين لنجميّ سوريا قصي الخولي وسلافة معمار كبيراً، وذلك من خلال جلوسهما وسط الطاولة، أحاط بهما إلى اليسار الممثل اللبناني المخضرم أحمد الزين وإلى اليمين، فادي ابراهيم والممثلة سميرة باودي، التي تشغل منصب نقيبة الممثلين اللبنانيين. ثم تكمل الطاولة بالكاتب السوري هوزان عكّو والمخرج سيف الدين السبيعي، فالممثلين مجدي مشموشي وديما الجندي وجيسي عبده، إضافة إلى ممثلين آخرين، لم يتمكنوا من الجلوس أمام زملائهم، فاحتلّوا المقاعد الأولى مع الصحافيين، ومنهم طوني مهنا وشربل زيادة.

لا يستطيع أحد التكهن بنجاح أو فشل قصة "بنت الشهبندر"، يؤكد الكاتب عكو لـ"لعربي الجديد"، أنّه عاد إلى حقبة تاريخية تسبق بداية القرن التاسع عشر، ولا تصل إلى بداية الحرب العالمية الأولى. فباعتقاده أنّ أعماله التاريخية السابقة تشفع له. مع العلم أنّه كتب للدراما العصريّة نصوصاً، لكنّه اليوم سيبدأ بداية فعلية من خلال "ولاية بيروت العثمانية" بحسب أحداث المسلسل التي اتخذت من العنوان محوراً لها، عبر قصة حب جارفة، ممزوجة بالتحدّي والانكسار.

لا يخفي عكو في حديثه، أنّ هناك إسقاطات على واقعنا اليومي الحاضر، يقول: "لم أبتعد كثيراً، فالخير يبقى خيراً والمكائد لا تلغيها السنوات، إنّما أعترف أنّ ذلك تطلّب مني أبحاثاً طويلة وتواصلاً مع تلك الحقبة". واستعان المنتج بأربعة خبراء تاريخيين لتوثيق هذه المرحلة التاريخية، التي كانت تُسمّى حينها "بلاد الشام"، وفق ولايات منها ولاية بيروت. يتابع عكو، "المسلسل سيصور كاملاً في العاصمة اللبنانية بيروت"، آملاً أن يجد المسلسل المكان الذي يليق به بين الدراما. وعن اللهجات المعتمدة في العمل يقول: "كل ممثل سيتحدث بلهجته هو. سورياً كان أو لبنانياً، لا فرق بالنسبة لنا". ويشير إلى أنّ الولايات كانت واحدة في تلك الحقبة، ورسمت كثيراً من القصص، معتبراً أنّ قصة "بنت الشهبندر" واحدة من تلك القصص التي لا يمكن إلا الوقوف عندها ونقلها بعمق إلى المشاهد.

أمّا الممثلة سلافة معمار فأوضحت لـ "العربي الجديد"، أنّها وافقت على المسلسل بعد قراءتها للنص. هي البطلة لكنّها لا تريد الاعتراف ببطولتها قائلة: "أنا أكمل مع عدد من الأبطال المسلسل. لكن إن شئت، أنا الشخصية المحورية لبنت الشهبندر التي تبحث عن الأمن والأمان والحب والتحديات". وتتابع سلافة، "دوري جيد واقتنعت به على الرغم من لعبي أدواراً لفترة من الزمن ما يسمى بالدراما العصريّة. وأشارت إلى أنّ هناك مسلسلاً آخر، لكنها لم توقع عليه بعد، وسيُصوّر بين بيروت ودمشق. لكنها تعوّل على المشاركة في المسلسل الجديد وترسم بشغفها نجاحه، "ضروري أن أثق بقدرة المخرج".

ويؤكد مفيد الرفاعي لـ"لعربي الجديد"، أنّ العمل يسير عكس الأعمال السائدة حالياً، إلا أنّ الرفاعي يعوّل كثيراً على مشروعه الذي يعتبره مختلفاً عن المتداول في الساحة الفنية الدرامية اللبنانية اليوم. لم يشأ المنتج المتحمس لأعماله الكشف عن كلفة هذا العمل، واكتفى بالقول "يا رب نتوفق، أهم من كل شي".

تدور أحداث المسلسل في لبنان، في القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين. ويروي قصة حبّ تجري أحداثها في تلك الحقبة، وتحديداً مع بدء انهيار الدولة العثمانية، وقبل بداية الحرب العالمية الأولى. "بنت الشهبندر"، من بطولة قصي خولي، سلافة معمار، قيس الشيخ نجيب، رفيق السبيعي، منى واصف وديمة الجندي. ومن لبنان أحمد الزين، سميرة بارودي، فادي إبراهيم، مجدي مشموشي، طوني عيسى، جيسي عبده، عصام بريدي، ديامان بوعبّود، طوني مهنّا، ليلى قمري، هشام أبو سليمان، شربل زياده، محمد فوعاني، طوني حجّي، ناتاشا شوفاني وغيرهم.

ويخصّص المنتج مفيد الرفاعي ميزانية كبيرة لأزياء الممثلين، كي يكون العمل متكاملاً من حيث الشكل والمضمون. ويُعدّ "بنت الشهبندر" أشبه بسيناريو مؤرّخ، كُتب بإشراف ومتابعة كبار المؤرخين اللبنانيين، الذين يعرفون التفاصيل السياسية والاجتماعية والاقتصادية في تلك الحقبة من تاريخ لبنان. لذلك ستكون بعض المشاهد أقرب ما تكون إلى الواقع، من حيث العادات والتقاليد التي كانت سائدة.

المساهمون