صحافيون مجرمون بحكم القضاء المصري: لا عزاء للحريات

صحافيون مجرمون بحكم القضاء المصري: لا عزاء للحريات

12 ديسمبر 2014
من اعتصام مُطالب بالحرية لشوكان في مصر
+ الخط -
هل أصبحت الصحافة جريمة في مصر؟ قد يبدو الوضع كذلك في نظرة للوضع العام للصحافيين في مصر. وهذا ما سلّطت عليه الضوء مؤسسة "حرية الفكر والتعبير"، في تقرير عرضت فيه حالات الصحافيين المحبوسين احتياطياً، في ظل تعرّض الجماعة الصحافية والإعلامية في مصر لتحديات وصعوبات غير مسبوقة في تاريخها في ظل أجواء سياسية واجتماعية مشحونة، وحالة من الاستقطاب الحاد والذي لم يتوقف منذ يناير/ كانون الثاني 2011، تزامن معها تصاعد الحس العدائي تجاه الصحافيين والمراسلين من خلال تبني خطاب سياسي يركز بشكل رئيسي على معاداة مبدأ "حرية الصحافة والإعلام" واتهام الصحافيين بعدم المهنية في التغطية الصحافية، وتحميلهم فاتورة اشتعال الاشتباكات والصدامات المتكررة بين المتظاهرين وقوات الأمن. 

شوكان: اعتقال خارج القانون
تخطت مدة حبس محمود أبو زيد (شوكان)، مصور وكالة "ديموتكس"، الـ16 شهراً، بعدما أُلقي القبض عليه في مذبحة رابعة في 14 أغسطس/ آب العام الماضي. ويواجه تهم "التظاهر
بدون ترخيص، والقتل، والشروع في القتل، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتعطيل العمل بالدستور، وتكدير السلم العام".

ووفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية، قُبض على شوكان وهو يلتقط صوراً في محيط ميدان رابعة بينما كانت قوات الأمن تفضّ الاعتصام. وأشار التقرير إلى أنّه تعرض للضرب على أيدي أفراد الشرطة والجيش في اليوم الأول للقبض عليه. لا يزال شوكان محبوساً احتياطياً في سجن أبو زعبل الذي نُقل منه إلى سجن طرة، دون صدور قرار من محكمة جنايات القاهرة بإحالته للمحاكمة الجنائية واستمرارها في إصدار قراراتها بتمديد حبسه.

وما يزيد الوضع القانوني لشوكان صعوبة، هو طبيعة عمله الصحافي الحُر، وعدم تقييده بنقابة الصحافيين التي لا تعترف لوائحها به كصحافي مرخص له بمزاولة المهنة، لأن الحصول على عضوية نقابة الصحافيين باتت الطريقة الرسمية والسليمة الوحيدة التي يستطيع من خلالها الصحافيون الحصول على مستوى محترم من الحماية القانونية. لذا، فإنّ محاولات التواصل مع بعض الجهات الأمنية ونقيب الصحافيين للإفراج عن شوكان، اصطدمت باللوائح المقيّدة لنقابة الصحافيين، بحسب حسام دياب، رئيس شعبة المصورين الصحافيين السابق.

غرفة عمليات رابعة
قضية غرفة عمليات رابعة، متهم فيها كُلّ من محمد صلاح سلطان، وسامحي مصطفى، وعبد الله الفخراني، ومحمد مصطفى العادلي، الذين يعملون كمراسلين في شبكة "رصد" الإخبارية. وألقي القبض عليهم في مذبحة رابعة، ويواجهون تهماً بالانضمام لجماعة أُسست على خلاف القانون، والاشتراك في اتفاق جنائي الغرض منه محاولة قلب دستور الدولة وشكل حكومتها بالقوة، وإشاعة الفوضى وإحداث الرعب بين الناس، إذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة عمداً، وحيازة أجهزة اتصالات لاسلكية دون الحصول على التصريح بذلك من الجهات المختصة بغرض المساس بالأمن القومي. ووصلت مدة حبسهم إلى 16 شهراً.

ويقول المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أحمد عبد النبي، الذي يتابع سير القضية، إن قوة أمنية قامت بضبط المتهمين بناءً على أمر الضبط والإحضار الصادر من النيابة، وذلك بعد أن أسفرت تحريات أحد ضباط جهاز الأمن الوطني حول غرفة عمليات اعتصام رابعة عن الكشف عن انتماء هؤلاء المتهمين.

ويوضح محامي المؤسسة ورود خطأ إجرائي في أمر الضبط والإحضار الخاص بالصحافيين الأربعة، حيث تبيّن من شهادة الرائد محمد فوزي ـ من جهاز الأمن الوطني ـ المكلّف بالتحري
عن المتهمين أنه قام بإلقاء القبض على المتهمين بتاريخ 21 أغسطس، في حين أن الظاهر من أوراق القضية أن أمر الضبط والإحضار صدر بتاريخ 25 أغسطس، ما يعني أن المتهمين كانوا في حوزة الأمن الوطني قبل صدور قرار الضبط والإحضار بأربعة أيام، وهو ما يُعدّ إجراءً مخالفاً للقانون.

يُذكر أن الحالة الصحية للمتهم محمد سلطان، في تدهور شديد نتيجة إضرابه عن الطعام، اعتراضاً على ظروف حبسه ومطالبة بحريته. ويعتبر سلطان، هو صاحب أطول إضراب عن الطعام في السجون المصرية حتى الآن.

أحمد جمال زيادة في دوائر الإرهاب
يعمل أحمد زيادة كمصور لشبكة "يقين" الإخبارية، وألقي القبض عليه يوم 28 ديسمبر/ كانون الأول 2013، ويواجه اتهامات بالتظاهر بدون ترخيص، التجمهر والاعتداء على قوات الأمن، وإتلاف الممتلكات الخاصة والعامة، وحرق وتخريب كليتي التجارة والزراعة، والاعتداء على المواطنين والطلاب، وحيازة سلاح ومفرقعات ومولوتوف، وتجاوزت مدة حبسة 11
شهراً.
وفي 25 أغسطس الماضي، أعلن زيادة دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام، اعتراضاً منه على اعتقاله رغم تقديمه لكل المستندات التي تثبت هويته الصحافية، وللاعتراض على سوء معاملته داخل السجن. وكانت النيابة العامة المصرية، قد قررت يوم الأربعاء، إحالة قضية المصور زيادة، إلى دائرة الإرهاب حيث يواجه هو وعدد كبير من طلاب جامعة الأزهر اتهامات بحرق وتخريب الجامعة والاعتداء على المنشآت.

أحمد فؤاد: اتهامات ملفّقة
يعمل أحمد فؤاد كمراسل في موقع "كرموز" الإخباري، وألقي القبض عليه يوم 25 يناير/ كانون الثاني من العام الحالي. ويواجه الأخير اتهامات بالانتماء لجماعة إرهابية أسست على خلاف القانون، وتعطيل حركة المرور وقطع الطريق والتعدي على المواطنين وتهديدهم، وإتلاف ممتلكات عامة وخاصة، وتكدير الأمن والسلم العام، الترويج بالقول والكتابة لأغراض الجماعة الإرهابية، واستعراض القوة والتلويح بالعنف، والاشتراك مع آخرين في تظاهرة بدون ترخيص من السلطات المختصة، بالاضافة الى ارتكاب جرائم ترويع وتخويف. ويستمر حبسه منذ أكثر من 10 أشهر.

ويروي محامي مؤسسة حرية "الفكر والتعبير" في الإسكندرية، حسام علاء، الذي يتابع القضية، أن فؤاد كان يقوم بتغطية فعاليات تظاهرة بشكل طبيعي حتى اندلعت الاشتباكات بين المتظاهرين وبين قوات الأمن، فكان أن لاحظ أحد ضباط الجيش وجوده، فقام بإلقاء القبض عليه وقطع بطاقته الصحافية، وبدلاً من إثبات وجود معدات صحافية بحوزته ككاميرا التصوير الخاصة به، فوجئ فؤاد بتلفيق 3 زجاجات مولوتوف. وانضم فؤاد في 27 سبتمبر/ أيلول الماضي إلى معركة الأمعاء الخاوية.

الحسيني صبحي: إخلاء سبيل مع وقف التنفيذ
يعمل الحسيني صبحي كمراسل لموقع وراديو "حريتنا" التابع لمركز "أندلس" لحقوق الإنسان ومناهضة العنف. وألقي القبض عليه يوم 22 فبراير/ شباط الماضي، ويواجه اتهامات بحرق
الممتلكات العامة والخاصة، حرق سيارة، الانضمام لجماعة إرهابية أنشأت على خلاف القانون، السعي لتعطيل العمل بالدستور، وإثارة الشغب وتكدير الأمن العام.

ويشير الحسيني في شهادته لباحثي المؤسسة، إلى استمرار حبسه لمدة سبعة أشهر امتدت من تاريخ القبض عليه وحتى 24 سبتمبر من العام الجاري، حيث تعطل تنفيذ قرار إخلاء سبيله الصادر في 15 سبتمبر، بكفالة قدرها عشرة آلاف جنيه، انتظاراً لنتائج تحريات جهاز الأمن الوطني.

المساهمون