"الحوسبة السحابية": نشاط غير مرئي أساسي ومربح

"الحوسبة السحابية": نشاط غير مرئي أساسي ومربح

22 فبراير 2020
"غوغل" من الأبرز في المجال (آدم بيري/Getty)
+ الخط -

في كلّ فصل تحقّق شركات "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل" إيرادات قياسية من "الحوسبة السحابية" (كلاود) التي تعدّ راهناً بمثابة العمود الفقري غير المرئي للعديد من الخدمات الأساسية المتوافرة في الحياة اليومية.

تطوّرت الحوسبة السحابية بالتوازي مع انتشار تقنية الجيل الرابع والهواتف الذكية. فتسمح القوة المشتركة للشبكة والخوادم المعلوماتية بالاستماع إلى الموسيقى ومشاهدة الفيديوهات، والعمل عن بُعد، والنشر على شبكات التواصل الاجتماعي، وحتى طلب سيّارة تاكسي ومراقبة وصولها إلى المكان المُحدد في الوقت الحقيقي على خريطة.

 تعمد الشركات وكذلك الأفراد إلى شراء مساحات للتخزين، وإنّما أيضاً القدرة الحسابية والخدمات والبرامج الموجودة فعلياً في مراكز بيانات، وليس على الهاتف والحواسيب. يوجد حالياً خدمات حوسبة سحابية لألعاب الفيديو التي هي بطبيعتها ذات حجم أكبر، وبالتالي تتطلّب مساحات أوسع لحفظ البيانات وسرعة أكبر عند الاستخدام. وكما هو الحال مع كثير من الاستخدامات الأخرى، تسمح "الألعاب السحابية" بالاستغناء عن المعدّات الباهظة الثمن التي تتقادم تقنياً بسرعة.

تلجأ معظم الشركات والمؤسّسات الكبرى إلى تقنية "كلاود"، إمّا عبر امتلاكها لخوادمها الخاصّة، أو عبر استئجار مساحات محدّدة أي "كلاود عام"، عبر مزود أساسي مثل "أمازون" و"مايكروسوفت" و"غوغل" التي تقدّم مجموعة واسعة من الخيارات، بدءاً بالاستضافة البسيطة، وصولاً إلى الخدمات الكاملة عبر الإنترنت، مع توفير الأدوات والبرامج وضمان الصيانة والأمان.

تقدّم خدمات الحوسبة السحابية العامة خيارات عدة تسمح بتوفير بعض النفقات مع الحصول على مرونة أكبر لتلبية تطوّر الحاجات. عملياً، تختار الشركات نظاماً "هجيناً" يجمع بين التكلفة والقوة والمرونة التي توفّرها الحوسبة السحابية العامة وبين الأمان الممكن الحصول عليه من خلال "كلاود خاص".

يقول بوب أودونل، من شركة "تيكنالسيز" للبحوث، إن "الشركات تستعين بثلاثة مزودي خدمات كلاود مختلفين بمعدّل وسطي". ومن المتوقّع وصول قيمة سوق خدمات الحوسبة السحابية العامة إلى 266 مليار دولار أميركي في 2020، أي بارتفاع نسبته 17 في المائة مقارنة بالعام الماضي، وفقاً لـ "غارتنر".  في حين تتوقّع "آي دي سي" أن تتضاعف قيمتها عام 2023، وأن تصل إلى 500 مليار دولار أميركي.

بعد إطلاق خدمة "أمازون ويب سيرفيسز" عام 2006، اتخذ عملاق التكنولوجيا تدابير عدة سمحت له بتجاوز منافسيه. وتقدّر شركات الأبحاث حصوله حالياً على ما بين 30 و50 في المائة من سوق خدمات "كلاود" العامة في العالم. وحقّقت "أمازون ويب سيرفيسز" إيرادات قيمتها 35 مليار دولار أميركي عام 2019، عبر استقطابها ملايين المستخدمين في العالم.

النتيجة السلبية الوحيدة التي سجّلتها الشركة كانت في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بعدما منحت وزارة الدفاع الأميركية عقداً ضخماً قيمته 10 مليارات دولار أميركي لمجموعة "مايكروسوفت" التي تحتلّ المرتبة الثانية في السوق.

لا تقدّم "مايكروسوفت" أرقاماً دقيقة عن "أزور"، وهي خدمة كلاود عامة توفرها، وذلك تجنّباً للمقارنات مع منافسيها. إلّا أن هذه التقنية تؤمّن للمجموعة المعلوماتية أفضل أداء مالي تحققه فصلاً تلو الآخر.

تستحوذ "أزور" على 15 في المائة من السوق العالمية، تليها "غوغل كلاود" بنسبة 6 في المائة، ثمّ "علي بابا" الصينية بنسبة 5 في المائة. في الواقع، تعدّ تقنية الحوسبة السحابية أولوية متزايدة لمحرّك البحث الأميركي الأول عبر الإنترنت الذي يشدد على قدراته على تحليل البيانات، وإمكانية قيام مستخدمي "كلاود" الهجين أو المتعدّد من نقل البيانات من مزود إلى آخر. وحقّقت "غوغل كلاود" نحو 9 مليارات دولار عام 2019، أي بزيادة نسبتها 53 في المائة في عام واحد.

يركّز جميع موزعي هذه الخدمات على الأمن الإلكتروني، خصوصاً أن السمعة المرتبطة بحماية البيانات تعدّ أمراً أساسياً في أعمالهم، لكن أيضاً وقبل كلّ شيء لتحسين قدرات التعلّم الآلي، للتمكّن من تحليل واستخدام الكم الهائل من البيانات المُنتجة في كلّ لحظة بشكل أفضل. يهدف العقد الضخم المبرم مع البنتاغون، على سبيل المثال، إلى تحديث جميع الأنظمة المعلوماتية للقوى المسلّحة الأميركية، عبر نظام يدار من خلال الذكاء الاصطناعي. أيضاً تهدف هذه التطويرات إلى تقليص التكاليف البيئية، لا سيّما أن مراكز البيانات تستهلك الكثير من الطاقة لتبريد الخوادم المعلوماتية.

إلى ذلك، ستؤدّي تقنيات الجيل الخامس والسيّارات الذاتية القيادة إلى تشجيع تطوير "الحوسبة الطرفية" (إدج كمبيوتينغ). أخيراً تحالفت كلّ من "أمازون ويب سيرفيسز" مع شركة "فيرايزون" المشغّلة لشبكات الخلوي، و"مايكروسفت" مع شركة "آي تي أند تي"، لنشر التقنيات السحابية مباشرة عبر الهوائيات، وذلك بهدف معالجة البيانات التي تجمع من خلال أجهزة الاستشعار الموجودة في المنازل والمصانع والمركبات وغيرها، في الوقت الحقيقي لبثها من دون المرور عبر الخوادم المعلوماتية. يكمن التحدّي بإلغاء أي فترة انتظار، ما يعدّ بفتح الأفق نحو الكثير من المجالات الممكنة.

(فرانس برس)

المساهمون