مواقع التواصل في قلب مذبحة نيوزيلندا

مواقع التواصل في قلب مذبحة نيوزيلندا

18 مارس 2019
انتشر فيديو الجريمة والمانيفستو (هانا بيترز/Getty)
+ الخط -
لا تزال المجزرة الإرهابية التي ارتكبها يميني متطرّف في نيوزيلندا يوم الجمعة الماضي، عبر فتحه النار على مسلمين في مسجدين، ترخي بظلالها على الجوّ العالمي، تحديداً مع مواجهة شركات التواصل الاجتماعي لأزمةٍ جديدة حول تحكّمها بالمحتوى المتطرّف عليها، ومع استمرار روّاد مواقع التواصل الاجتماعي بالتدوين عنها.
وقُتل 50 شخصاً بينهم أطفال وعشرات الجرحى، في الاعتداء الإرهابي على مسجدي "النور" و"لينوود" في مدينة كرايست تشيرش النيوزيلندية، يوم الجمعة الماضي، على يد اليميني المتطرف برنتون تارانت، وهو أسترالي أرفق جريمته بـ "مانيفستو" من 74 صفحة لتبرير المجزرة التي ارتكبها.

ووثق تارانت (28 عاماً) جريمته في أحد المسجدين عبر فيديو مدته 17 دقيقة عبر "فيسبوك"، ولاقى انتشاراً واسعاً على منصات أخرى للتواصل الاجتماعي أبرزها "يوتيوب" و"تويتر" و"ريديت"، واستمرّ بالتداول لساعات بعد الجريمة. وقد أعاد الانتشار الواسع للفيديو طرح الأسئلة، حول قدرة شركات التكنولوجيا في التحكم بالمحتوى العنيف والمؤذي على مواقع التواصل الاجتماعي التابعة لها، فضلاً عن إثارة الشكوك حول مدى سرعتها في الاستجابة عند الحالات الطارئة.


وأعلنت "فيسبوك" و"إنستغرام" و"يوتيوب" و"تويتر" و"ريديت"، حذف حساباتٍ مرتبطة بالعملية الإرهابية أو تروّج لمقطع فيديو الجريمة، لكنّ اليمينيين المتطرّفين استمرّوا في إيجاد مواقع لنشره. ومن بين هذه المواقع 8chan وهو عبارة عن لوحة للرسائل عبر الإنترنت، تصف نفسها بأنها "أحلك مداخل الإنترنت". ويمكن لمستخدمي المنصّة نشر الصور أو مناقشات دون الكشف عن هويتهم، وتنتشر الموادّ المعادية للمسلمين أو للسامية بكثافة على الموقع. وعلى عدد من سلاسل الرسائل التي تم إنشاؤها يوم السبت الماضي، شارك مجهولون الفيديو.

وقام بعض المستخدمين بتعديل الفيديو، في محاولةٍ لتقليد ألعاب الفيديو المصمّمة من وجهة نظر الشخصيات التي تحمل السلاح. وتم تعديل نسخة واحدة لتشمل مؤثرات صوتية خلال الأوقات التي أطلق فيها منفّذ الجريمة تارانت الرصاص، كما أضيفت أدوات أخرى عندما قام بتغيير الأسلحة. فيما أضاف فيديو معدّل آخر موسيقى خلفية سريعة الخطى. ونشر المستخدمون أيضاً "مانيفستو" مرتكب الجريمة المليء بالكراهية، الذي نشره عبر الإنترنت.


وأمس الأحد، أعلنت شركة "فيسبوك" أنها أزالت 1.5 مليون فيديو في أنحاء العالم لمذبحة مسجدي نيوزيلندا خلال يومٍ واحد بعد الجريمة.
وقالت ميا غارليك، من "فيسبوك نيوزيلندا" إنّ الشركة "تواصل العمل على مدار الساعة لإزالة المحتوى المخالف باستخدام مزيجٍ من العنصرين التكنولوجي والبشري"، مضيفةً: "خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى، أزلنا 1.5 مليون مقطع فيديو للهجوم حول العالم، وتمّ حظر 1.2 مليون منها عند مرحلة التحميل". وأكدت أنّ "فيسبوك" يزيل كلّ النسخ المعدّلة من الفيديو التي لا تتضمّن محتوىً عنيفاً مصوّراً، وذلك احتراماً للأشخاص الذين تأثروا بالجريمة وبسبب مخاوف السلطات المحليّة.


واليوم الإثنين، مثل مراهق يبلغ من العمر 18 عام أمام محكمة في نيوزيلندا بتهم توزيع البث المباشر على "فيسبوك" للمذبحة. ووُجّهت إلى المراهق الذي قرر القاضي حجب اسمه، اتهامات بنشر صورة للمسجد تحمل عنوان "تم تحقيق الهدف" والتحريض على العنف. وقال المدعون إنّه يواجه عقوبة السجن لمدة أقصاها 14 سنة لكل تهمة.

في الوقت نفسه، استمرّت المطالبات على مواقع التواصل الاجتماعي بعدم تداول الفيديو احتراماً لمشاعر أهالي الضحايا، وكي لا تنتشر رسالة اليميني المتطرّف. وفي المقابل، نشر المستخدمون صوراً ومقاطع فيديو وتعليقات للضحايا، كي لا يكونوا مجرّد أرقامٍ في لائحة ضحايا الإرهاب حول العالم.



ولعلّ قصة أحد المصلّين، الذي استقبل المجرم بالسلام قد كانت من الأكثر انتشاراً على مواقع التواصل، إذ استقبل شخص لم يتم تحديد هويته، وتداول المغردون أنه اللاجئ الأفغاني داود نبي، المجرم الذي دخل ليقتله بعبارة "أهلاً أخي" (hello brother) فأجابه المجرم برصاصاتٍ قتلته، ما اعتبره المستخدمون تمسّكاً بالقيم الإنسانية حتى اللحظة الأخيرة.




أما الشاب ويل كونلي، الذي كسر بيضةً في رأس عضو مجلس الشيوخ الأسترالي عن ولاية كوينزلاند، فرايزر أنينغ، رداً على عنصرية الأخير وتصريحاته الإسلاموفوبويّة الكثيفة بعد المذبحة، فقد لاقى تصرّفه ترحيباً كبيراً على مواقع التواصل، ضمن وسم #eggboy.




المساهمون