مواقع التواصل تنعى عبدالله الحامد وسط ذهول النظام السعودي

مواقع التواصل تنعى وتخلد أعمال عبدالله الحامد وسط ذهول النظام السعودي

26 ابريل 2020
الإيعاز لـ"الذباب الإلكتروني" للطعن في الحامد (تويتر)
+ الخط -

هزّت وفاة المناضل والأكاديمي الحقوقي السعودي، الدكتور عبد الله الحامد، في السجن بعد الإهمال الطبي المتعمد الذي تعرض له من قبل السلطات السعودية، مواقع التواصل الاجتماعي التي نعته وخلدت أعماله الفكرية ومقولاته التي رددها طوال فترات سجنه المتقطعة بين عام 1993 وحتى يوم وفاته، قضاها كلها في المطالبة بحقوق الإنسان والإفراج عن المعتقلين والدعوة إلى ملكية دستورية بخلفية إسلامية، كما طالب بالإصلاح الديني داخل المدرسة السلفية الوهابية المتشددة.

وكانت السلطات السعودية القضائية قد حكمت على الحامد في عام 2013 بالسجن مدة 11 عاماً، وذلك نتيجة نشاطه الحقوقي في "جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية"، والتي تعرف اختصاراً باسم "حسم" حيث أسسها في عام 2009 واكتسبت زخماً كبيراً بعد أحداث "الربيع العربي" أواخر عام 2010.

ونعى مغردون سعوديون مقيمون في الخارج، وناشطون حقوقيون عرب وأجانب، الحامد ووصفوه بأنه "شيخ المناضلين" في السعودية، فيما تداول مغردون آخرون كتبه ومؤلفاته التي وضع فيها نظرياته حول الكفاح السلمي، والدعوة لتطبيق الديمقراطية وإقامة مملكة دستورية في البلاد التي تحكم بشكل مطلق من قبل أسرة آل سعود الحاكمة، حيث احتل الحامد شاشات هواتف السعوديين ليومين متتاليين رغم دخول شهر رمضان المبارك، وابتداء موسم المسلسلات والبرامج الرمضانية.

وأدى ذهول النظام السعودي من شعبية الحامد وتصاعدها بين جيل الشباب السعودي رغم مرور أكثر من 7 أعوام على سجنه إلى الإيعاز لما يسمى بـ"الذباب الإلكتروني" للطعن في الحامد، واتهامه بالإرهاب وإرهاب كل من ينعاه أو يضع "لايك" أو "رتويت" لتغريدة تنعاه والتبليغ عليه لدى الأجهزة الأمنية.

وقالت علياء الهذلول، شقيقة المعتقلة لجين الهذلول "أشعر بحزن كبير لوفاة عبدالله الحامد رحمه الله رحمة واسعة وربط ع قلوب أهله ومحبيه، لم يقتل، لم يدع للعنف، لم يرتكب أي جريمة، آمن أن بلدنا الغالي يستحق الأفضل، وفاته حزن، لكن سنة الحياة أن تستمر ويكبر معها الأمل والطموحات، ما زرعه في قلوب الشعب من وعي قد يمرض لكن لن يموت".


فيما قال أحمد راشد بن سعيد، وهو أحد المعارضين السعوديين المقيمين في الخارج: "لم ألتق بـ عبدالله الحامد سوى مرّة، أواسط التسعينيات، في مجلس ضم عدداً من الأكاديميين، كان مهيباً ولم يتطرق حديثه إلى غير الإصلاح، أراد أبو بلال ما أراده مواطنون آخرون في المملكة: إدارة رشيدة للبلاد بعيداً عن الاستبداد، كان مدهشاً في استعداده لدفع الثمن، وفي صبره على ذلك، رحمه ﷲ".

فيما قال الناشر السعودي والمفكر المقيم في إسطنبول نواف القديمي: "رحل شيخنا وأستاذنا أبوبلال، توفي كما يليقُ بمثله أن يفعل، حياةٌ حافلة بالنضال الحقوقي من أجل الحريات والديمقراطية، أنتجت ست مرات اعتقال، وخمسة عشر كتاباً، وسيرة شُجاعة ومُلهِمة. توفي د.عبدالله الحامد في السجن كما كان يتوقع. رحمه الله، ورفع درجاته، وإنا على فراقِك يا شيخنا لمحزونون".

فيما قال الكاتب السعودي سلطان العامر: "رحم الله أبا بلال، عاش ومات مخلصا متفانيا متفائلا بأنه لن يموت قبل أن يشهد شموع الحرية والديمقراطية تضيء في السعودية. شخصية الحامد هي في نضالها وتفانيها ترقى لمقام تلك الشخصيات الكبرى في التاريخ الحديث: غاندي ومانديلا ومارتن لوثر كنج وغيرهم، ومؤسف أن تكون وفاته في السجن".


وقال الكاتب السعودي مهنا الحبيل: "لم تغادر كلمتك وجداني: أعرف صعوبة هذا الطريق وأني أخوض رحلة استشهاد مدني. اليوم أيها الفارس العظيم تغادرنا شهيداً مظلوماً ترتفع روحك عند الله. في سبيل الحرية والحقوق لشعبك، في شهر القرآن، تخفق مظلمتك في الملأ الأعلى، فكر إسلامي منير لم يرتش ولم تنكسر أبا بلال".


ولم تقتصر التغريدات التي نعت الحامد على المفكرين والكتاب والأكاديميين السعوديين بل إن عدداً كبيراً من المثقفين والصحافيين العرب نعوا الحامد، ووصفوه بأنه أحد أيقونات النضال في الوطن العربي.

وقال الكاتب والصحافي الفلسطيني ياسر الزعاترة: "رحم الله عبد الله الحامد، وأسكنه فسيح جنانه، لم يطالب بغير الإصلاح. دفع ثمنا كبيرا لأجل ذلك، ولقي ربه بعد سنوات طويلة من المعاناة. تتفق معه أو تختلف، فقد كان محبا لما يحبه كل الشرفاء في الأرض، ممثلا في أن تكون للناس كلمتهم في حياتهم ومستقبلهم. نسأل الله الفرج للأحرار في كل مكان".


ونشر حساب "خط البلدة" مقطع فيديو للصحافي السعودي جمال خاشقجي، الذي قتل على يد فرقة أمنية تابعة للاستخبارات السعودية داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2018، وهو يتحدث عن عبد الله الحامد طالب فيها خاشقجي كل السعوديين بالدخول إلى صفحة الحامد (في تويتر) ورؤية فكره، ودعوته للملكية الدستورية المستقاة من الثقافة الإسلامية.


ونشر الناشط السعودي المعارض عبد الله الجريوي مقطع فيديو للحامد، وهو خارج من إحدى محاكماته وهو يدين "محاكم التفتيش داخل السعودية" قبل أن يقول كلمته التي اشتهر بها "النهر يحفر مجراه".


ولم تقتصر سلسلة نعي الحامد على الناشطين والمثقفين العرب، بل امتدت إلى المنظمات الدولية والقادة الحقوقيين حول العالم الذين وصفوا الحامد بأنه أحد رموز "الحراك السلمي" في العالم.

وقالت منظمة العفو الدولية: "لقد كان الدكتور الحامد مدافعاً باسلاً عن حقوق الإنسان في السعودية وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط".

وبوفاة الحامد يسدل الستار على أهم المفكرين الحقوقيين الإسلاميين الداعين للمجتمع المدني في الخليج العربي، حيث ترك الحامد نتاجاً ضخماً من الكتب التي أكدت التوفيق بين الإسلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، وكتب عشرات الردود على العلماء الرسميين في البلاد، ومن أهم كتبه "حقوق الإنسان بين الإسلام وغبش الفقهاء والحكام" و"ثلاثية المجتمع المدني" و"الكلمة أقوى من الرصاصة" و"المشكلة والحل".

لكن مؤلفات الحامد، التي أخذت بالانتشار بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي بعد وفاته، وسط فضول من جيل الشباب الذي لم يلحق سنوات محاكمة الحامد، ستبقى شاهدة على فكره الذي زرع فيه بذرة المطالبة بالملكية الدستورية داخل البلاد، وهو ما سيؤرق السلطات مستقبلاً، ويدفعها إلى مزيد من المنع على مؤلفاته الممنوعة أصلاً.

المساهمون