وما زال التحريض الإعلامي ضد "رابعة" مستمراً

5 سنوات على المجزرة... وما زال التحريض الإعلامي ضد "رابعة" مستمراً

14 اغسطس 2018
تظاهرات في ذكرى رابعة العام الماضي بنيويورك (محمد الشامي/الأناضول)
+ الخط -
مرّت 5 سنوات على واحدة من أبشع المجازر البشرية التي عرفها التاريخ الحديث. قضى فيها من قضى وسُجن بسببها من سُجن، وهناك أيضًا من ينتظر حكمًا بالإعدام لمجرد مشاركته في اعتصام سلمي. رغم مرور كل تلك السنوات، إلا أن المجرمين المتورطين في تلك المجزرة، معروفون بالاسم، سواء الذين أصدروا الأوامر بالفض، أو الذين نفّذوا العمليّة. وإلى جانب هؤلاء هناك فاعلون آخرون لا يقلّون إجرامًا، وهم الذين لم يتوقفوا يومًا عن التحريض ضد المعتصمين منذ اليوم الأول له، لا بل هم مستمرون في ذلك حتى اليوم. هؤلاء الذين استُخدموا في التمهيد لقتل وحرق المعتصمين العُزل خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة، في 14 أغسطس/آب 2013، وكان من بينهم إعلاميون قاموا بتزييف وقائع القتل وكيْل الاتهامات للمعتصمين، وتهيئة الرأي العام لفض الاعتصام بالقوة المسلحة، ومهّدوا الطريق إلى شرعنة المذبحة والتحريض عليها.

حينها، لم يكن هناك فرق كبير بين المذيع أحمد موسى، الذراع الإعلامية الشعبية للانقلاب، وصاحب شائعات أن المعتصمين يقومون بقتل معارضيهم ودفنهم داخل ما سماها بـ"الكرة الأرضية" الموجودة أسفل الأرض داخل اعتصام رابعة، وبين الكاتب والمذيع إبراهيم عيسى، والذي سبّ المعتصمين قائلًا "ده اعتصام سلمي وحياة أمكم!". عيسى اتهم أيضًا جماعة "الإخوان المسلمين" بأنها تريد أن "يتم فض اعتصام رابعة عبر إراقة المزيد من الدم". وقال في برنامجه "هنا القاهرة"، حينذاك، إن "الديمقراطية لا تعني أننا نترك العنف والإرهاب في الشارع تحت ذريعة أنها حقوق الإنسان، فيا أيها الجهلة إلى متى تبتزون تحت اسم حقوق الإنسان، فكيف أوجه في هذه الحالة العنف والإرهاب".



ولم يكتفِ أحمد موسى بالتحريض فقط ضد اعتصام رابعة، بل وصف أيضاً يوم فض الاعتصام بأنه "كان يوم نصر للمصريين". وقال "حرّرنا مصر من هؤلاء المجرمين، فما ذنب من أُحرقت سياراتهم أو هُجّروا من منازلهم لمدة شهر ونصف الشهر طوال فترة الاعتصام؟". كما أشاد موسى، في برنامجه "على مسؤوليتي"، على قناة "صدى البلد"، بتعامل قوات الشرطة والجيش مع المعتصمين في فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة، مدعياً أن عدد القتلى من المعتصمين كان قليلاً.
وبالنسبة لأعداد الضحايا، كشف موقع "ويكي ثورة" المستقل، أنه في "14 أغسطس/آب قُتل 932 شخصاً جرى توثيق حالاتهم، وأن هناك 133 آخرين تم حصرهم بلا وثائق رسمية، إضافة إلى 29 قتيلاً مجهولي الهوية، وثمانين جثة مجهولة البيانات في مستشفيات وزارة الصحة، و81 حالة وفاة جرى الحديث عنها من دون توافر بيانات كافية عنها. كما وثّق المرصد المصري للحقوق والحريات 1162 حالة قتل في رابعة العدوية، وأورد على موقعه قائمة بأسمائهم كاملة وأعمارهم وعناوينهم. فيما يقول التحالف الوطني لدعم الشرعية إن عدد الضحايا في "النهضة" و"رابعة" وصل إلى نحو 3 آلاف قتيل.

الكاتبة سكينة فؤاد، والتي كانت مستشارة للرئيس المعزول محمد مرسي، روّجت هي أيضًا شائعات حول اعتصام رابعة وحرّضت ضده، إذ زعمت، في مقال لها، أن "المعتصمين يخططون لاحتلال قاعة المؤتمرات وتحويلها إلى مقر لـ"حكومة مصر الحرة"، وممارسة أعمال السلطة البديلة من هناك، وتوسيع مساحة وامتدادات المنطقة المحررة في رابعة وغيرها، وتحويل هذه المناطق إلى قلاع عسكرية". كما شارك الإعلامي محمد الغيطي، عبر برنامجه على قناة "التحرير" الفضائية، في ترويج الشائعات على اعتصامي رابعة والنهضة، حيث ابتكر قصصاً خيالية عن شيوع ما أسماه بـ"جهاد النكاح" بين المعتصمين.

ومن جانبه، قال الكاتب محمد سلماوي إن "فض اعتصامي "رابعة" و"النهضة" مطلب جماهيري وواجب وطني للأجهزة الأمنية". وأضاف، في مقال له في صحيفة "المصري اليوم" بعنوان "متى تتحرك الأجهزة؟" أن "اعتصام الإخوان في ميداني رابعة العدوية والنهضة لم يعد اعتصامًا بالمعنى الذي تعرفه منظمات حقوق الإنسان"، مشيرًا إلى أنه "خروج على القانون".
كما قال الكاتب والروائي علاء الأسواني إن "اعتصام الإخوان لا يعد سلمياً، وجرائم الإخوان مستمرة على مدار شهر كامل". وأضاف الأسواني، في مقال منشور في "المصري اليوم"، أنه "تم تعذيب عشرات الناس داخل الاعتصام وعُثر على عدد كبير من الجثث ألقاها الإخوان خارج أماكن الاعتصام وعليها آثار تعذيب".
وقال المذيع والصحافي عماد الدين أديب إن "فض اعتصام "رابعة العدوية" توافر له الغطاء القانوني والشعبي والأمني"، وأشار، في مقال بعنوان "سيناريوهات فض الاعتصامات"، إلى أن "قرار الفض هو قرار لا رجوع عنه، وأنه قد توافرت له كل وسائل الغطاء القانوني والشعبي والأمني".


أما الصحافي مصطفى بكري فكان أول من بشّر بالمجزرة، إذ أكد قبل يوم من الفض أن "الدولة عازمة على فض الاعتصامات ووضع حدّ للفوضى". وتساءل في مقال بصحيفة "الوطن": "لماذا لم يتم فض اعتصام رابعة العدوية حتى الآن؟!"، مضيفاً أن "التوقعات تشير إلى أن الدولة عازمة على فض هذه الاعتصامات ووضع حد للفوضى استنادا للمادة 10 من القانون 14 لسنة 1923 قانون التظاهر".
أما الكاتب صلاح منتصر، فقال إن "الدلائل تؤكد وضوح رؤية الموقف الأمني تجاه الاعتصامات بعد العيد"، وأوضح في مقاله "قراءة لتطورات الأزمة" في صحيفة "الأهرام"، أن "الدلائل تشير إلى أن أجهزة الأمن رغم التفويض الشعبي والسياسي الذي قُدّم لها، إلا أنها لن تبدأ هذا الأسبوع خططها لفض اعتصامي رابعة والنهضة".
وكان أيضاً للإعلامي يوسف الحسيني دورٌ كبير في التحريض على قتل المتظاهرين، وذلك من خلال برنامجه المقدم عبر قناة "أون تي في"، حيث ظل يحرض بشكل علني على تجاوز القانون وعلى "قتل الإخوان من دون محاكمة". كما حرضت لميس الحديدي، مقدمة برنامج "هنا العاصمة" على قناة cbc، من خلال برنامجها وصفحتها الشخصية على فض اعتصام رابعة والنهضة بالقوة. وهو الأمر نفسه الذي تكرر مع زوجها عمرو أديب، مقدم برنامج "القاهرة اليوم" على قناة "اليوم" التابعة لشبكة "الأوربت" آنذاك، والذي كان له دور كبير في الحشد ليوم "التفويض"، حيث دعا وحرّض المصريين من منابر مختلفة إلى النزول للشارع يوم 26 يوليو/تموز لتفويض عبد الفتاح السيسي لتجاوز سلطاته القانونية، وللقيام بالتعامل مع معارضي الانقلاب السلميين على أنهم "إرهابيون"، ولم يكتف أديب بذلك بل وصل الأمر إلى سب المعارضين على الهواء مباشرة وقال "أنتم ولاد وسخة".



أما الإعلامي خيري رمضان، فأعلن، عبر برنامجه بقناة cbc، دعمه ودعوته إلى مجازر فض الاعتصامات، حيث أعد حلقة خاصة وحوارًا مطولاً مع وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، أتاح له من خلاله تبرير المجازر التي ارتكبتها قواته خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة، واستضاف كذلك البابا تواضروس الثاني، في ما اعتبره كثيرون تجييشاً للحساسيات الدينية واستثارة أقباط مصر لدفعهم إلى الصدام مع معارضي الانقلاب المحسوبين على الإسلاميين.
واستمراراً لمسلسل التحريض وتهيئة الرأي العام لما هو جديد بالنسبة لقتل المعارضين بتنفيذ أحكام الإعدام، خرج المذيع أحمد موسى في برنامجه "على مسؤوليتي"، مطلع العام الجاري 2018، بما بدا أنه بيان للنظام؛ إذ قال نصاً "السنة دي سنة حاسمة.. أعني الكلام.. اليوم يتم تنفيذ أحكام على 5 إرهابيين ينتمون لجماعة الإخوان الإرهابية.. وعايز أقولكم 2018 سنة تنفيذ أحكام الإعدام على الإخوان". مضيفاً "خدها بقى كده عنوان.. أنا بقولك من الآخر هذا العام هو عام تنفيذ الأحكام "الباتّة" على الإخوان. لا تأجيل لأي حكم بات.. إعدام سينفذ، مؤبد سينفذ.. لا تأجيل لأي حكم على أي إرهابي أيا كان".
وخاطب موسى المواطنين قائلاً "حضرتك ما تسألش مالكش دعوة.. ليك حاجة واحدة بس كشعب، حضرتك طالبت بالقصاص، إذن الأحكام ستنفذ". وأوضح "الأسبوع اللي فات 15 والنهارده 5 واللي جاي.. أنا بقولكم كده تبقوا واضحين بلدكم ما بتخافش من حد، وبلدكم هتطبّق الأحكام، السيد الرئيس قالها يوم جنازة الشهيد البطل هشام بركات قال القضاء هيقول أحكام نهائية باتة، أحكام إعدام مؤبد هننفذ، أنت خلص أحكامك، وستنفذ، دي دولة لا هتخضع لابتزاز داخلي ولا خارجي".