"تيك توك" في الأردن: منصة مفتوحة للتحريض على الاغتصاب

"تيك توك" في الأردن: منصة مفتوحة للتحريض على الاغتصاب

15 يونيو 2020
التحريض على الفتيات الأردنيات والعربيات (Getty)
+ الخط -
جددت حادثة توقيف شابين أردنيين حرّضا على التحرّش بالفتيات واغتصابهنّ عبر تطبيق "تيك توك"، الجدل حول المحتوى الذي يقدّم في الأردن على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً تلك التي تستهدف شريحة المراهقين والشباب. 

وكان الأردن قد شهد حادثتين أثارتا جدلاً واسعاً في الأيام الماضية: الحادثة الأولى مرتبطة بنشر شاب لفيديو على "تيك توك" يدعو إلى اغتصاب أي فتاة عربية لا ترتدي ملابس محتشمة، مشيراً إلى أنه سيبرّر الاغتصاب في هذه الحالة.

الفيديو انتشر كالنار في الهشيم، وسط مطالبات بتوقيف الشاب واعتباره "أشد خطراً من التنظيمات المتطرفة"، بحكم أنه يقدّم محتوى يصل بسهولة إلى كل الناس. الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام الأردنية العقيد عامر السرطاوي أكد أن وحدة الجرائم الإلكترونية في إدارة البحث الجنائي باشرت التحقيق في مقطع الفيديو على الفور، وتم تحديد هوية ذلك الشخص الذي يدعى مروان، ومكان وجوده، وألقي القبض عليه وبوشر التحقيق معه تمهيداً لإحالته إلى القضاء. ورغم التخوّف من تدخّل الأمن في المحتوى المقدّم على مواقع التواصل، إلا أنّ توقيف هذا الشاب لاقى ترحيباً واسعاً بسبب حضّه على ارتكاب جريمة، وتدخّله في الحياة الشخصية للنساء، ولأن رسالته تشكل خطراً على آلاف الفتيات والنساء في الأردن وخارجها.



الحادثة الثانية جاءت بعد 24 ساعة من اعتقال مروان. إذ انتشر فيديو لشاب أردني آخر يدعو أبناء مناطق عمّان الغربية (أكثر مناطق العاصمة الأردنية تحرراً)، إلى الانتباه لملابس شقيقاتهم وعدم السماح لهن بالخروج من المنازل بملابس مكشوفة وضيقة لكي لا يتعرّضن للتحرش والاغتصاب. ومجدداً، أمام الحملة الواسعة التي أطلقها مغردون ضد هذا الشاب، طلب مدير الأمن العام الأردني اللواء حسين الحواتمة، من مديرية الجرائم الإلكترونية تعزيز إجراءاتها للتصدي لمثل هذه السلوكيات "الخارجة عن أخلاق وقيم الأردنيين" كما قال.



هاتان الحادثتان أعادتا إلى الواجهة المطالبة بحملات توعية عن خطورة استخدام خطاب الكراهية والتحريض على النساء أو اللاجئين أو غيرهم من الفئات المهمشة، لكن من دون المساس بحرية التعبير عن الرأي. رئيسة اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة سلمى النمس إحدى أبرز المتابعين في هذا المجال، قالت في تغريدة لها على تويتر إن "على قادة الرأي، الذين قادوا حملات التشهير والهجوم على مكافحة التحرش وبرروا التحرش بملابس النساء، تحمل المسؤولية الأخلاقية التي أوصلت شبابنا إلى هذه المرحلة. وعلى الإعلام، الذي فتح لهم منصاته، أن يراجع سياساته التحريرية. يكفي ادعاء أنكم حراس الفضيلة وأنتم تروجون للعنف وتبررونه". وأشارت النمس في تصريحات صحافية إلى أنها لم تعلق على الفيديو لإصابتها بحالة من اليأس مما يحدث، مؤكدة أن مواقع التواصل الاجتماعي فضاء مهم لممارسة حرية الرأي والتعبير، إلا أنه يقابلها خطاب تحريضي خطير، سواء بفيديوهات أو منشورات أو حتى تغريدات بحق المرأة.

الناشط طلال الشوبكي قال لـ"العربي الجديد" إن الرأي العام في الأردن "هش وضعيف للغاية بسبب تأثره بشكل كبير في الأنباء والأحاديث التي يتمّ تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي الصحيح منها والمغلوط". وطالب الشوبكي بتدريس مادة "محو الأمية الإعلامية" وتبني الحكومات القادمة لهذا النهج لإدارة التواصل الاجتماعي بشكل صحي وسوي.

الخبير في الإعلام الرقمي علاء ناجي أكد أن فيديوهات ومنشورات كهذه لا يجب أن تعمم على الحالة العربية والأردنية بشكل خاص، لأنه يقابلها مشاهد أخرى أكثر إيجابية. وأكد ناجي في حديثه لـ"العربي الجديد" أن قانون الجرائم الإلكترونية توجد فيه مصطلحات "فضفاضة" وبحاجة إلى ربط وتوضيح أكثر. وطالب ناجي من الأهالي الانتباه إلى كل ما يتابعه أطفالهم، خاصة الفتيان المراهقين وهم أبرز فئة مستهدفة ونشطة على موقع "تيك توك" حيث إنهم يقلدون بشكل أعمى كل ما يشاهدونه بهدف كسب المشاهدات والشهرة السريعة التي تأتي من غير دراسة ووعي، ومن دون معرفة عواقبها الوخيمة.

الحادثتان المذكورتان أعلاه ليستا فريدتين من نوعهما. بل عرف الأردن في السنوات الأخيرة انتشار عدد من الفيديوهات التي أثارت جدلاً واسعاً، أبرزها حادثة "فيديو اللانسر" الشهير الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي نهاية العام الماضي ويظهر من خلاله ممارسة شاب وفتاة للجنس في شارع عام.

ومن الحوادث التي جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً، حادثة توقيف الناشط الأردني الساخر عبد القادر العقايلة من قبل الأجهزة الأمنية لتحديه قرار حظر التجول. ونشر الناشط العقايلة مقطع فيديو على صفحته الشخصية على "فيسبوك" وهو يسبح ويتحدى قرار الحظر. ومن بين الحوادث الشهيرة أيضاً، توقيف الناشطة والمدونة زين كرزون لمدة أسبوع في سجن الجويدة، إثر طلب قضائي بحقها بعد شكاوى تتعلق بالذم والقدح عبر "سناب شات" الخاص بها عام 2016.

المساهمون