الذكاء الاصطناعي والدكتاتورية الخالدة: الخيال والواقع

الذكاء الاصطناعي والدكتاتورية الخالدة: الخيال والواقع

02 سبتمبر 2018
هل يخلق الذكاء الاصطناعي دكتاتوريين جدداً؟ (Getty)
+ الخط -
حذّر إيلون ماسك (مؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس) من الذكاء الاصطناعي، موضحًا أنه إذا لم يُنظم أو لم يُتحكم فيه فإنه سيؤدي إلى خلق "الدكتاتور الخالد"، وقتها لن يكون هناك أي مهرب أو حل للبشرية. هل ما يقوله ماسك حقيقة أم خيال؟ 

ما هو الدكتاتور الخالد؟
الدكتاتور هو القائد السياسي (أو الروبوت) الذي لديه سلطة مُطلقة. في العالم الحديث، يستخدم مصطلح "الديكتاتور" عادة لوصف القائد الذي لديهِ قدر كبير من السلطة الشخصية. غالباً ما تتميّز الديكتاتوريات ببعض السمات التالية: تعليق الانتخابات والحريات المدنية وإعلان حالة الطوارئ وقمع المعارضين السياسيين بدون الالتزام بإجراءات سيادة القانون. تشمل الدكتاتوريات دولة الحزب الواحد وعبادة الشخصية. الدكتاتور هو الحاكم الذي يتصرف بطريقة استبدادية ولديه السلطة الكاملة على بلد ما، وعادة ما يسيطر هذا الدكتاتور على ذلك البلد بالقوة.

طبيعة الدكتاتور الخالد
ما الذي يمكن أن يفعله الدكتاتور الخالد؟ يمكن للدكتاتور الخالد (الروبوت القائم على الذكاء الاصطناعي) أن يخلق الفوضى في المجتمعات البشرية. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى القمع والسياسات التعسفية في الحياة الاجتماعية. القمع هو استخدام القوة لإخضاع شيء ما أو شخص ما وهو أيضًا يعني التعرض لفترة طويلة من سوء المعاملة. أما السياسات التعسفية فهي ما تمنع الناس من فعل شيء مفيد للبشرية.
وقال ماسك مُضيفاً: "على الأقل عندما يكون هناك دكتاتور بشري، يبقى هناك أمل بأن هذا الدكتاتور سيموت، ولكن لو كان هذا الدكتاتور ذكاء اصطناعياً، فهذا يعني أنه لا يموت. سيبقى للأبد، وسيكون لدينا دكتاتور خالد لا يمكن الهرب أو التخلص منه. وإذا كان لدى هذا الذكاء الاصطناعي هدف ما، وكانت البشرية تقف في وجه تحقيقه هدفه، فسيدمّر البشرية بطبيعة الحال بدون مراجعة نفسه أبدًا، ولن يشعر بأي شيء أو أي عاطفة تجاه فعله".
هل سيظهر الديكتاتور الخالد في المستقبل القريب؟
قال ماسك: "وتيرة تقدم الذكاء الاصطناعي سريعة جدًا، وإذا لم يكن لديك اطلاع على شركات مثل ديب مايند فلن تكون لديك أي فكرة عن هذه السرعة، فهي تنمو وتطور بشكل أقرب ما يكون للنمو الأُسيّ. بالنظر إلى التطور في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا، فيمكنني أن أقول إن ظهور الدكتاتور الخالد لم يعد بعيدًا أبدًا".



هل "الدكتاتور الخالد" مجرد خيال؟
نعم، ولكن هناك كثير من التخوفات. لطالما كان إلون ماسك منتقدًا للذكاء الاصطناعي وكثيرًا ما طلب أن تكون هناك أدوات لتنظيمه وضبطهِ. وماسك ليس وحده، فهناك العديد من الشخصيات البارزة التي تصدق بأنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يدمر البشرية.
فقد حذر عالم الفيزياء النظرية الشهير ستيفن هوكينغ من أن: "تطوير ذكاء اصطناعي كامل يمكن أن يؤدي إلى نهاية الجنس البشري. أخشى أن يأخذ الذكاء الاصطناعي مكان البشرية. إذا كان بإمكان أحدهم أن يصمم فيروسات الكمبيوتر، فسيقوم شخص ما بتصميم الذكاء الاصطناعي الذي يُحسّن ويكرر نفسه، وسيكون هذا شكلًا جديدًا من أشكال الحياة التي تتفوّق على البشر".

يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون خيِّرًا:
يعتقد مارك زوكربيرغ وبيل غيتس وأميت راي وراي كورزويل أن الاستفادة التي سنكسبها من الذكاء الاصطناعي ستكون أكبر بكثير من الأذى المحتمل له. ويعد الكاتب الأميركي الشهير وعالم الكومبيوتر والمخترع راي كورزويل من الأصوات العديدة التي تؤمن بأنه يمكن للذكاء الاصطناعي أن يفيدنا، وقال: "لطالما كانت التكنولوجيا سلاحًا ذا حدين. فالنار وفرت لنا التدفئة ووسيلة للطبخ وفي نفس الوقت حرقت منازلنا. قُتل في الحرب العالمية الثانية 50 مليون شخص، وكان سبب ذلك بالتأكيد هو قوة التكنولوجيا في ذلك الوقت"
يُحب الدكتور أميت راي أن يركز على الجوانب الإيجابية والوردية للذكاء الاصطناعي. وفي كتابه "ذكاء اصطناعي خارق رحيم AI 5.0" قال: "إن الذكاء الاصطناعي هو أفضل وسيلة لتغيير المجتمع وإلغاء عدم المساواة. على صعيدٍ ما، فإن البشرية الآن على وشك أن تدخل في عصر عبودية للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات الحيوية، وعلى صعيد آخر، فإن البشرية على وشك التحرر من الآلام والمعاناة بمساعدة الذكاء الاصطناعي وغيره من التقنيات. وفي ظل هذا النمو المتسارع للذكاء الاصطناعي، فإن التوقيت هو كل شيء، والأمر متروك لنا في كيفية استخدام هذه الأدوات القوية. يمكن منع إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي، عبر تطوير أجزاء معقدة من المشاعر العميقة، مثل الحب والرحمة في خوارزميات التعلم".
قال الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك"، مارك زوكربيرغ، إنه متفائل بخصوص الذكاء الاصطناعي. وذات مرة علّق على أحدهم: "أنا لا أفهم هؤلاء الناس الرافضين الذين يحشدون سيناريوهات نهاية العالم. إنه لأمر سلبي حقًا، وأعتقد بأنه فعل غير مسؤول إلى حد كبير".
وأخيرًا، فإن فكرة التفرد التكنولوجي (أو الذكاء الفائق للآلة) تعود على الأقل إلى رائد الذكاء الاصطناعي راي سولمونوف الذي حذر في عام 1967: "على الرغم من عدم وجود آفاق للآلات الذكية للغاية في المستقبل القريب، إلا أن الأخطار والمشاكل المحتملة صعبة وجدية جدًا. سيكون من الجيد أن يكرس عدد كبير من البشر الأذكياء كثيراً من التفكير لهذه المشاكل قبل ظهورها".

المساهمون