جدل لنشر "نيويورك تايمز" تفاصيل عن مخبر فضيحة ترامب

حماية المُبلّغين: جدل بعد نشر "نيويورك تايمز" تفاصيل عن المخبر بقضية أوكرانيا

29 سبتمبر 2019
كشفت الصحيفة معلومات عن المبلّغ (دون إيميريت/فرانس برس)
+ الخط -
أثارت صحيفة "نيويورك تايمز" جدلاً واسعاً وأحيت النقاش حول حماية المبلغين بعد نشرها تفاصيل عن المخبر الذي تسبب في بدء إجراءات لعزل الرئيس الأميركي، وسط أجواء التوتر السياسي المتزايد في الولايات المتحدة. وجاء ذلك بعد نشرها تقريراً يتهم الرئيس دونالد ترامب بطلب "تدخل بلد أجنبي في انتخابات عام 2020" الرئاسية، إذ كشفت الصحيفة الخميس الماضي تفاصيل عن المُبلّغ (نافخ الصفارة).

وذكرت الصحيفة أنه من عناصر وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه)، وعمل لفترة في البيت الأبيض، خبيرا في الملفات الأوروبية والوضع السياسي في أوكرانيا. واعتبر محامو هذا المبلغ، أن الكشف عن هذه المعلومات المتعلقة به أمر "خطير" بالنسبة إليه على المستويين المهني والشخصي. وانتشرت دعوات لإلغاء الاشتراك بهذه الصحيفة الواسعة النفوذ على مواقع التواصل الاجتماعي تحت وسم "الغوا نيويورك تايمز"، فيما طالب البعض باستقالة رئيس تحريرها، دين باكيت.

ودافعت "نيويورك تايمز" عن قرارها نشر التفاصيل المتعلقة بالمبلّغ. وأوضحت أن ترامب ومؤيديه هاجموا مصداقيته، وأن نشرها تلك التفاصيل يسمح للقراء في أن "يحكموا بأنفسهم" على مصداقيته. لكن هذه الإيضاحات لم تقنع الجميع.


ورأى جون مارشال الأستاذ في كلية الصحافة في جامعة نورث ويسترن، أن "هذا القرار صعب. وجدت نيويورك تايمز نفسها بين مبدئين مهنيين متضاربين". من جهة، مبدأ "البحث عن الحقيقة ونشرها"، من جهة أخرى "الحد من الآثار السلبية التي يتسبب بها ذلك، ما يعني عدم تعريض المصادر للخطر".

بالإضافة إلى كل ذلك، يدخل عامل المنافسة الإعلامية التي تفاقمها ضغوط دوائر المعلومات ما يترك لوسائل الإعلام "وقتاً قليلاً" للتفكير في عواقب قراراتها.

ويرى مارشال وآخرون أن "شخصاً واحداً أو اثنين فقط" تتطابق أوصافهما مع الوصف الذي نشرته الصحيفة عن المبلّغ. ويرون لذلك أن الصحيفة وضعت هذا الشخص بالنتيجة "في خطر محتمل"، حيث إن بعض مؤيدي ترامب "يتصرفون أحياناً بشكل حادّ" ضد مناوئيه.



ويعتبر مارشال أن وصف المخبر بأنه عنصر ذو خبرة في وكالة الاستخبارات المركزية كان كافياً للتأكيد على مصداقيته. مع اعتقاده أيضاً بأن هذا المخبر قد يكون في خطر، اعتبر تود غيلتين أستاذ الصحافة في جامعة كولومبيا، مع ذلك أن قرار الصحيفة "مبرر". وقال إن هذا الشخص، وكعنصر في وكالة الاستخبارات المركزية، يجب أن يكون "على علم بالمخاطر، وأن يكون اتخذ احتياطاته".

بالإضافة إلى ذلك، يعمل هذا الشخص "في منظمة مخصصة للأمن"، وإذا فشلت قيادته في حمايته، "فستسقط رؤوس" حتى في ظل هذا المناخ السياسي المتوتر، بحسب غيلتين.

وتوضح نائبة مدير برنامج حماية المبلغين في منظمة "إكسبوز فاكتس" غير الحكومية، كاثلين ماكليلان، أن هذا المبلغ كان حذراً جداً في خطواته، فقد احترم كل القواعد المتعلقة بتقديم الشكاوى، وعمل بالتشاور مع محامين متخصصين. وذلك خلافاً لموظف وكالة الأمن القومي إدوارد سنودن الذي كشف للصحافة عن وجود نظام رقابة عالمي على الاتصالات والإنترنت، وعلى عكس تشيلسي مانينغ العسكرية التي نقلت آلاف الوثائق إلى ويكيليكس في عام 2010. لكن الخبيرة تشدد على أن أي شخص يعمل في الاستخبارات هو دائماً عرضة لخطر الردود الانتقامية.

وخلافاً لقطاعات مهنية أخرى، لا يمكن لعنصر استخبارات اللجوء للمحاكم لمقاضاة مرؤوسيه، وليس لديه سوى خيار تقديم شكوى امام السلطة التنفيذية. ويعني ذلك أنه إذا أراد الرئيس أن يدفعه ثمن فعلته، فلا يمكن للمبلّغ أن يعترض إلا لدى الرئاسة.

وترى ماكليلان أنه لذلك، يجب على وسائل الإعلام "احترام حق المبلّغين في عدم الكشف عن هويتهم"، و"التركيز على ما قاموا بكشفه". ولا ترى أن ذريعة "المصداقية" التي تحدثت عنها نيويورك تايمز مقنعة، لأن المفتش العام الذي تلقى بلاغ المخبر قد اعتبره أصلاً "ذا مصداقية"، في خطوة "غير اعتيادية".

على أية حال، يتوقع تود غليتين معرفة هوية المبلّغ قريباً، سيما أن الكونغرس يرغب في استجوابه. وعندما ستكشف هويته، "سيرد اسمه في كتب التاريخ إلى الأبد، كما اسم دانييل إلسبرغ"، محلل الاستخبارات العسكرية السابق الذي سرب وثائق سرية حول التخطيط لحرب فيتنام، كما كتب الجمعة المؤرخ دوغلاس برينكلي في صحيفة "واشنطن بوست". 






(فرانس برس)