مصر: عندما تصبح السخرية أداة سياسية

مصر: عندما تصبح السخرية أداة سياسية

08 ديسمبر 2014
من الصور الساخرة التي تم تداولها بعد البراءة (فيسبوك)
+ الخط -
عقب صدور حكم براءة الرئيس المصري المخلوع، حسني مبارك وحاشيته، نشطت مواقع التواصل الاجتماعي عموماً، من خلال نشر صور وتعليقات كوميدية تنتقد حكم العسكر في مصر وقراراته.

أبرز هذه الصفحات الفايسبوكية "Media2day sarcasm society" و"Asa7be Sarcasm Society" و"خرابيش Kharabeesh" و"فاصل مش إعلامي". ونشرت هذه الصفحات صوراً مع حوارات بين شخصيات تمثيلية ومبارك. كما نشرت فيديوهات قصيرة يظهر فيها إصدار حكم البراءة بالإضافة إلى مقاطع ساخرة من أفلام أو مسرحيات.

تكثّفت هذه الصفحات في العامين 2013 و2014، وكانت شبه معدومة قبل العام 2011. لا تاريخ محدداً لبدء هذه الظاهرة على مواقع التواصل. إذ إنّها تتجدد مع كل مرحلة سياسية تمرّ بها مصر، وغالباً ما تتناول هذه الصفحات الأخبار السياسية وتعيد طرحها بشكل كوميدي، مستخدمةً جملاً من أفلام ومسلسلات مصرية.

في إحدى صور محاكاة حكم براءة مبارك، استخدم الناشطون في الحوار شخصيات مسرحية كوميدية، وجرت إضافة حوار ينتقد حكم البراءة بشكل مبطّن مستخدمين عبارة "العفو عند المقدرة".

واستطاعت الكوميديا السياسية الاجتماعية المصرية، إبراز نجوم موسيقى وإعلاميين. وخدمت الثورة المصريين في الحصول على الحرية ـ التي لم تكتمل بعد، كما سلّطت الضوء على موسيقيين مستقلين، أمثال "اسكندريلا" و"كايروكي" و"مسار إجباري"، وشعراء أمثال مصطفى إبراهيم. كما فتحت فرصاً إعلاميّة لآخرين، أمثال باسم يوسف. لذا، نستطيع القول إن "ريمكس" الثورة مع الكوميديا ساهم في تطوير المجتمع المصري، كما ساهم في استقطاب عيون الخارج، وتحويل ملفها السياسي، إلى ملف دائم في المحافل الدولية.

ومن الصفحات الكوميديّة التي شاركت النقد السياسي الساخر لأحداث مصر صفحة "خرابيش" الأردنية، والتي نشطت أخيراً من خلال نشرها لصور كوميدية ومقاطع فيديو تنتقد حكم براءة حسني مبارك.

ففي فيديو "طالع خلاص بكرا براءة مبارك"، قامت الصفحة بعرض مقطع من محاكمة القرن، والذي يُقرّ فيه القاضي ببراءة مبارك، مضيفةً إليه مقطعين مختلفين من مسرحيات الممثل المصري عادل إمام. المقطع الأول من مسرحية "شاهد ما شافش حاجة"، والمقطع الثاني من مسرحية "الزعيم"، وذلك في محاكاة ساخرة من شخصية رئيس الجمهورية وأعوانه والظلم الذي يتعرّض له الشعب.

وازدهرت السخرية السياسية بعد الثورة، حيث كان يقتصر النقد الساخر قبل الثورة على المواضيع الاجتماعية. وخير مثال على ذلك ظاهرة الإعلامي باسم يوسف، الذي انتقل برنامجه من استديو بسيط يبث عبر "يوتيوب" إلى استديوهات تلفزيونية محلية وفضائية ضخمة، ومن خلال برامجه استطاع يوسف وعموم الشعب المصري أن يوظفوا السخرية السياسية كأداة لتطوير الثورة، وتحويل الحدث السياسي من مجرد خبر إلى حدث فكاهي ناقد يحمل رسائل مبطنة ومباشرة تساهم في نشر الوعي السياسي، وتساعد على الانتفاض إلى الحرية.

استطاع الشعب المصري أن ينقل عدوى "النقد الساخر السياسي" إلى البلدان العربية المجاورة، ونتج عن ذلك برامج سياسية ساخرة. وفيما يؤكّد كُلّ هذا أنّ الحسّ الكوميدي للمصريين يغلبُ الأحداث السلبيّة والحزينة... يُشير أيضاً إلى أنّ الكوميديا أداةٌ أساسيّة في محاربة النظام، وهو يخافها كما يخاف التظاهرات... لذلك، أوقف باسم يوسف. فهل يُحظر "فيسبوك"؟