نظام السيسي لا يعترف بحرية الصحافة في مصر

نظام السيسي لا يعترف بحرية الصحافة في مصر

08 ديسمبر 2019
حبس الصحافيين النمط الأكثر شيوعاً من الانتهاكات(محمد الشاهد/فرانس برس)
+ الخط -
بدأ العام الحالي باعتراضات صحافية واسعة للائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام التي بدأ تنفيذها رسمياً منتصف مارس/آذار الماضي، واعتبرها صحافيون وإعلاميون "الحلقة الأخيرة في إعلان وفاة الصحافة والإعلام"، لما فيها من قيود تستهدف مصادرة حرية الرأي والتعبير في الصحف والقنوات، وحتى مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي 26 مارس/آذار الماضي، قررت محكمة النقض المصرية إدراج 11 إعلامياً مصرياً في قائمة جديدة ضمن ما يسمى بالقوائم الإرهابية، في القضية المعروفة إعلامياً باسم "طلائع حسم"، رغم أن جميع المدرجين يقيمون خارج مصر منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز عام 2013، كما أن مواقفهم معروفة برفض العنف والإرهاب.
ووصل عدد المواقع المحجوبة في مصر إلى 546 موقعاً على الأقل، بعد الهجمة التي صاحبت تظاهرات سبتمبر/أيلول الماضي.
وفي يونيو/حزيران الماضي، صدر قرار من جهة سيادية بإيقاف مقال الكاتب الصحافي عبد الله السناوي، في صحيفة "الشروق" المصرية الخاصة، وسبقها منع مقال للكاتب الصحافي المصري عبد العظيم حماد في الصحيفة نفسها، وقبله الكاتب الصحافي أيمن الصياد خلال الفترة نفسها.
وفي أغسطس/آب الماضي، نشر أستاذ العلوم السياسية مصطفى السيد، على حسابه الخاص في موقع "فيسبوك"، خبر منع مقالته في "الشروق" التي تناولت الوجوه المتعددة للفقر في مصر، واعتمد فيها على بيانات بحث الدخل والإنفاق الذي أصدره أخيراً "الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء". واستعلم السيد عن سبب منع المقالة، لافتاً إلى أنه "عرف أن المسألة خرجت عن إرادة دار الشروق".
لكن الأشهر الثلاثة الأخيرة شهدت منعطفاً خطيراً في ملف الحريات الصحافية، منذ القبض على 5 صحافيين على خلفية تظاهرات 20 سبتمبر/أيلول الماضي، مروراً باقتحام موقع "مدى مصر"، ووصولاً إلى خطف صحافيين من الشارع والزج بهم في السجون على خلفية انتماءاتهم السياسية.
وصاحبت الاحتجاجات التي اندلعت في مصر يوم 20 سبتمبر/أيلول الماضي، واستمرت أسبوعًا كاملًا، المزيد من القيود والتضييقات على حرية الصحافة والإعلام، أحدثها التوسع في حجب المواقع الإخبارية الدولية وإبطاء سرعات الإنترنت في مصر، وحجب جزئي لمواقع التواصل الاجتماعي، وبالطبع لم تخل القبضة الأمنية والاعتقالات العشوائية من استهداف بعض الصحافيين. 
وحاولت السلطات المصرية منع الوصول إلى تطبيقي "واير" و"ماسينجر"، بالإضافة إلى استمرار محاولات حجب "فيسبوك" و"تويتر" التي أدت في بعض الأحيان إلى حجب الموقعين في نطاق جغرافي محدد. يشار إلى أن قطع الاتصالات جزئياً أو كلياً سلوك انتهجته الأجهزة الأمنية في مصر سابقاً، إبان ثورة 25 يناير/كانون الثاني عام 2011، لمواجهة الاحتجاجات والتظاهرات الحاشدة. 
وفي 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اقتحمت قوات الأمن المصرية مقر موقع "مدى مصر" الإخباري المستقل، واحتجزت جميع الصحافيين المتواجدين داخله، بعد 24 ساعة من القبض على الصحافي في الموقع نفسه، شادي زلط، من منزله، ثم أفرج عنه لاحقًا مع ثلاثة صحافيين آخرين احتجزوا يوم اقتحام المقر. وعلى مدار العام، كان حبس الصحافيين يمثل النمط الأكثر شيوعاً من انتهاكات حرية الإعلام، وآخرهم سولافة مجدي وحسام الصياد ومحمد صلاح.
وكانت "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وثّقت وجود 54 صحافياً مقيداً في كشوف النقابة في السجون المصرية، بينما يرتفع العدد في إحصاء "المرصد العربي لحرية الإعلام"، إلى نحو 106 محتجزين (صحافيين ومراسلين ومصورين ميدانيين ومتدربين) ما بين حبس حكمي أو حبس احتياطي. وبشأن قائمة الصحافيين السجناء الصادرة ضدهم أحكام قضائية، بلغ عددهم 29 صحافياً وإعلامياً، وفقاً لآخر حصر لـ "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان".
وفي تقرير لها عن حالة حرية الرأي والتعبير في مصر في الربع الثالث من العام، رأت "مؤسسة حرية الفكر والتعبير" أن الحكومة المصرية بأجهزتها الأمنية وبرلمانها وهيئاتها ومجالسها المشكَّلة حديثاً فرضت سيطرة شبه كاملة على الصحافة، سواء كانت مملوكة للدولة أو خاصة، حتى أصبحت الأخيرة بدرجة ما منضوية تحت عباءة الدولة.
إلى ذلك؛ أظهر التصنيف العالمي لحرية الصحافة لـ "منظمة مراسلون بلا حدود"، لعام 2019، تراجع مصر إلى المرتبة 163 عالمياً، بتراجع مركزين عن العام الماضي، من أصل 180 بلداً.

المساهمون