حرق معاذ: تقنيات عالية وترهيب أكبر

حرق معاذ: تقنيات عالية وترهيب أكبر

05 فبراير 2015
من الفيديو
+ الخط -
ليست مشاهد قتل تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي للطيار الأردني معاذ الكساسبة عادية، ولا تشبه أي فيديو سابق لإعدام أي رهينة، أو حتى لتنفيذ أحكام بحقّ أشخاص في مناطق سيطرته. فاثنتان وعشرون دقيقة ونصف، في فيديو "شفاء الصدور" تجعلك ترتجف. والفيديو، الذي أُطلق ليل الثلاثاء - الأربعاء، وأظهر حرق الكساسبة حياً، هو ترجمة حقيقيّة لإمكانات "داعش" الإعلاميّة في الحرب النفسية.

يبدأ الفيديو بكلمة لملك الأردن عبدالله يتحدث فيها عن مشاركة بلاده مع التحالف الدولي في الحرب ضد "داعش". ويقول: "عندما قال رئيس الأركان الأردني للطيارين: نحن ضد داعش ونبحث عن متطوعين، فمن يرغب فليتقدم، رفع كل الطيارين أيديهم معلنين تطوعهم". بعدها، يتكلّم "الراوي" من التنظيم في الخلفية عن تبعيّة الأردن للغرب، بينما تُظهر الصور لقاءات بين ملك الأردن والرئيس الأميركي.

وبإخراج مُحكم، ينتقل الفيديو إلى مشاهد إعلان خبر أسر الطيار بعد إسقاط طائرته من قبل التنظيم، من بينها أخبار من "روسيا اليوم"، وتلفزيون "الآن". لينتقل بعدها إلى مشهد يظهر فيه الكساسبة، وهو يرتدي الثياب البرتقالية (التي تعتمدها داعش للإشارة إلى معتقل غوانتانامو واعتمدتها في إعدام جميع الرهائن الأجانب)، ويظهر تحت عينه من جهة اليسار خطّ أسود وكأنه علامات تعذيب. يُصوّر الفيديو الكساسبة من الأمام والجنب، فيما هو يروي تفاصيل إبلاغهم بالأوامر العسكريّة لقصف التنظيم، ورحلة طائرته حتى إسقاطها. وتزامناً، تظهر رسوم بتقنيّة عاليّة، توضح مسار طائرة الكساسبة منذ إقلاعها وحتى إسقاطها. بعد كُل ذلك، يوجه الكساسبة رسالةً للشعب الأردني ويحمل على الحكومة الأردنيّة، كما كان الحال في جميع الفيديوهات التي أظهرت رسائل من رهائن لدى التنظيم.

كُلّ تلك المشاهد يُمكن أن تعتبر عاديّة حتى تبدأ التقنيّات العالية تظهر بشكل أكبر، عندما يتجوّل الطيار وهو ينظر إلى السماء، بينما يحاوطه عناصر التنظيم الملثّمون المسلحون. وبينما يتنقّل الكساسبة، تظهر مشاهد لمن يُصوّرهم "داعش" على أنّهم أصيبوا بقصف التحالف الدولي، وبينهم أطفال يتمّ انتشالهم، بينما يتذكّر الكساسبة "فعلته".

ينتقل الطيار بعدها إلى قفص حديدي، ليقوم "أحد أمراء المناطق التي قصفها التنظيم" كما يقول الفيديو، بإشعال كرة ناريّة، يُشعل بها فتيلاً يصل إلى القفص، ليحترق الكساسبة وهو حي. لكنّ المشاهد، تُظهر النيران تنتقل بسرعة، وتُظهر عمليّة الحرق تتمّ بسرعة، بينما يصرخ الكساسبة صرخة واحدة، قبل أن تقوم جرّافة بردم القفص بحجارة بدا وكأنّها ركام منازل تحطّمت بقصف التحالف، لتسوي القفص بالأرض، ويكون نفسه هو قبر الطيار.

ورغم كُلّ الغضب والحسرة التي تتسلّل بسرعة إلى قلب المشاهد بينما يرى كُلّ هذا الإجرام، والتي كانت عمليّة الحرق أقصر مشهد فيها، يتساءل عن أنواع المؤثرات المستعملة في عملية الحرق نفسها، لأنّ النيران تبدو غير حقيقية في المشاهد. وفي غضون ذلك، تبدو الرسالة من كل هذا الفيديو ترهيب كل المؤيدين للتحالف الدولي والحرب على داعش، لأنهم قد يواجهون نفس المصير، خصوصاً مع ذكر التنظيم أسماء طيارين أردنيين "مطلوب قتلهم" في آخر الفيديو.

المساهمون