إرث عائلة بن علي الإعلامي يرهق الحكومة التونسية

إرث عائلة بن علي الإعلامي يرهق الحكومة التونسية

03 ابريل 2019
اتهامات لحكومة يوسف الشاهد بالتنصل من مسؤولياتها(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تعاني المؤسسات الإعلاميّة التونسيّة المصادرة من قبل الحكومة بعد سقوط نظام المخلوع زين العابدين بن علي إثر الثورة من مشاكل كبرى، لا تكاد أن تنتهي، يتخللها تحرّكات مطلبية للعاملين فيها، بانتظار استجابة الحكومة. 

دخل العاملون في إذاعة "الزيتونة للقرآن الكريم" منذ مساء الإثنين في اعتصام مفتوح بمقر الإذاعة إلى حين أن تستجيب الحكومة التونسية لمطلبهم الأساسي وهو إلحاق هذه الإذاعة بالإذاعات العمومية (الرسمية) ضماناً لاستقلالية وحياد خطها التحريري. ويأتي ذلك بعد اتهام النقابة العامة للإعلام والنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين، حزب حركة النهضة ذا المرجعية الإسلامية، بالرغبة في السيطرة على هذه الإذاعة وتوجيهها لخدمة أجنداته السياسية، وهو ما تنفيه الحركة التي تؤكد أنها بمنأى عن هذه الصراعات الداخلية في المؤسسات الإعلامية.

اعتصام إذاعة "الزيتونة للقرآن الكريم" سبقه بخمسة أيام اعتصام مفتوح للعاملين في إذاعة "شمس أف أم" التي يطالب العاملون فيها الحكومة التونسية بتقديم توضيحات عن الطريقة الممكنة لبيعها لمستثمر خاص وكيفية ضمان الخط التحريري المستقل للإذاعة وضمان الاستقرار المادي للعاملين فيها، كما طالبوا بسداد مستحقاتهم المالية المتخلدة بذمة الإذاعة.

على جانب آخر، يعاني العاملون في مؤسسة "دار الصباح"، وهي مؤسسة تصدر ثلاث صحف، اثنتين يوميّتين وصحيفة أسبوعية، من وضع مادي صعب وخانق. فرغم عراقة هذه المؤسسة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1953 إلا أنها تعاني من فوضى في تسيير شؤونها، فقد تخلت المديرة العامة السابقة عن مهامها من دون أن يتم تعويض غيابها، ليظل الوضع ضبابياً داخل المؤسسة وهو مرشح للانفجار في أي لحظة وفقاً للعاملين فيها.

الخيط الرابط بين هذه الملفات التي ترهق الحكومة التونسية أن ثلاثتها مؤسسات مصادَرة لأفراد من عائلة الرئيس التونسي المخلوع، فإذاعة "الزيتونة للقرآن" ودار الصباح كانتا ملكاً لمحمد صخر الماطري الصهر السابق للمخلوع، أسس الأولى أي إذاعة الزيتونة في أيلول/ سبتمبر 2007 في إطار سياسة بن علي حينها لمحاولة التصدي للقنوات الدينية التي انتشرت بكثرة. أما دار الصباح فقد قام صخر الماطري بشرائها سنة 2008 من عائلة شيخ روحو العائلة المؤسسة للدار في صفقة قيل حينها أنه تمّ ممارسة كل الضغوط على العائلة حتى تتحقق.

في المقابل، أسست سيرين بن علي نجلة الرئيس المخلوع من زوجته الأولى سنة 2010 إذاعة "شمس أف أم" حتى تنافس إذاعة "موزاييك أف أم" التي كان بلحسن الطرابلسي شقيق ليلى بن علي الزوجة الثانية للرئيس المخلوع واحدا من مالكيها، وهو ما عُرف حينها بصراع أجنحة الحكم بين عائلة بن علي.

لكن عند نجاح الثورة التونسية سنة 2011 تمّت مصادرة هذه المؤسسات الإعلامية من قبل الحكومة التونسية وتكليف مؤسسة "الكرامة هولدينغ" بالإشراف عليها. لكن هذا الإشراف أدخل هذه المؤسسات في أزمات مالية وتسييريّة خانقة حولتها إلى ملفات حارقة للحكومات التونسية المتعاقبة منذ الثورة وآخرها حكومة يوسف الشاهد التي تتهمها فوزية الغيلوفي عضو المكتب التنفيذيللنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين المكلفة بالتفاوض فى هذه الملفات بأنها تؤزم الوضع. إذ قالت إنّ "الوضع في قطاع الإعلام يزداد تأزما وتعفنا في ظل تنصل السلطة من تعهداتها السابقة ومماطلتها في حل الأزمة". وأضافت، الإثنين: "العاملون في إذاعة شمس أف أم في اعتصام منذ أسبوع والعاملون في إذاعة الزيتونة للقرآن الكريم يدخلون في اعتصام اليوم والوضع في دار الصباح في طريقه إلى الانفجار دون أن ننسى تفقير وتهميش قطاع الإعلام العمومي (الرسمي) لإحكام السيطرة عليه قبل أشهر من الانتخابات" الغيلوفي وجهت أصابع الاتهام للسلطة الحاكمة معبرة عن قناعاتها بفشل مخططاتها بالقول "نسيت السلطة - وسط هذه المؤامرة - أمراً مهماً وهو رفض الصحافيين في القطاع لسياسة التركيع والتطويع وإصرارهم على الحفاظ على مؤسساتهم واستقلاليتها. لن تفلح السلطة في تكميم الأفواه ولا في تطويع القطاع".

يبدو أنّ إرث عائلة المخلوع سيزيد من الضغط على الحكومة التونسية في سنة انتخابية تشهدها البلاد، فيما قد تبدو الحلول للخروج من الضغوط محدودة في ظلّ ضعف هامش التحرك أمامها إثر حرص الصحافيين والعاملين بهذه المؤسسات على الحفاظ على حقوقهم واستقلالية مؤسساتهم.

المساهمون