فيروس كورونا يظهر الخلافات داخل الإعلام التونسي

فيروس كورونا يظهر الخلافات داخل الإعلام التونسي

03 ابريل 2020
خلافات شخصية سياسية إعلامية (شاذلي بن إبراهيم/NurPhoto)
+ الخط -
لم تمر حلقة برنامج "لكلنا تونس"، التي بثتها قبل أيام قناة التاسعة الخاصة حول فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، والتي قامت فيها إحدى الصحافيات بالدخول إلى مركز للحجر الصحي دون إذن مسبق، من دون أن تظهر حجم الخلافات التي تعصف بالإعلام التونسي.
الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، ورغم معاقبتها للبرنامج وللقناة، إلا أنها لم تفوت الفرصة دون أن تظهر الخلاف العميق مع المستشارة الإعلامية للرئيس التونسي، رشيدة النيفر. فقد ردّ عضو الهايكا، هشام السنوسي، على النيفر بعنف حين طلب منها أن تصحح الأخطاء الاتصالية التي تقع فيها وعدم التدخل في عمل الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، وذلك على خلفية نشرها تدوينة تطالب فيها بالإيقاف الفوري لبرنامج "لكلنا تونس" ومعاقبة القناة على ما قامت به.
رد السنوسي على النيفر ليس الأول من نوعه، فقد سبق أن اتهمها بالوقوف ضد استقبال الرئيس قيس سعيد لأعضاء "الهايكا" بسبب موقفها القديم من الهيئة، حيث سبق لها أن كانت عضوا في مكتبها التنفيذي، لكنها استقالت مع رياض الفرجاني عام 2015، ووجهت اتهامات لأعضاء الهيئة بأنهم غير مستقلين ولا محايدين، وهو الأمر الذي يبدو أنه بقي جدار صدّ في التواصل بين المستشارة الإعلامية للرئيس وأعضاء الهيئة الذين بدورهم يتهمونها بأنها تعرقل أعمالهم لتصفية حسابات شخصية.
أعادت حلقة البرنامج حول كورونا إلى السطح من جديد الخلافات داخل قناة التاسعة، حيث ندد أحد المساهمين في رأسمال القناة، لطفي شرف الدين، باسمه الشخصي وباسم مجمع شرف الدين، بما تمّ عرضه في القناة، مبيناً عدم موافقته البتّة على الخط التحريري لـ"قناة التاسعة" معتبرا أنه لا يمثله مطلقاً. واستنكر ما حصل في هذه الظروف التي تمرّ بها تونس في حربها ضد فيروس كورونا، وأدان كل ما ورد في البرنامج، واعتبر أنّ القناة تبحث عن إثارة الانتباه دون مراعاة لمصلحة البلاد، مبيناً أن خلافه حول الخط التحريري للقناة مع بقية المساهمين، وهم عائلة جنيح، ليس جديداً، إذ سبق أن عبر عن رفضه لتوجه القناة وطريقة تسييرها من طرف المساهم الرئيسي فيها عمر جنيح، مطالباً "الهايكا" بالعمل على "الحد من هذه الانحرافات" التي تشهدها القناة في خطها التحريري وتوظيفها لخدمة طرف معين.

وموقف شرف الدين فيه تلميح للخلاف الجوهري بين مالكي القناة والذي له تبعات سياسية أيضاً. فعائلة شرف الدين كانت واحدة من المساندين الرئيسيين لحزب "قلب تونس" ولرئيسه نبيل القروي، كما أن رضا شرف الدين، المالك الفعلي لمجمع شرف الدين، ترشح للانتخابات التشريعية التي شهدتها تونس نهاية سنة 2019 رئيساً لقائمة حزب "قلب تونس" في محافظة سوسة الساحلية. في الطرف الآخر، كانت عائلة جنيح مساندة لحزب "تحيا تونس" ورئيسه رئيس الحكومة السابق يوسف الشاهد. كما أن حسين جنيح، شقيق عمر جنيح، رئيس مجلس إدارة قناة التاسعة، ترشح للانتخابات التشريعية نهاية سنة 2019 رئيساً لقائمة حزب "تحيا تونس" في محافظة سوسة، وهو ما جعل الصراع بين العائلتين يتداخل فيه السياسي بالإعلامي وحتى الرياضي، باعتبار أنّ كلّا من العائلتين تريد السيطرة أيضاً على فريق النجم الرياضي الساحلي، أحد أكبر فرق كرة القدم التونسية.
كل هذه العوامل جعلت الصراع بين العائلتين على أشده، ما استغله لطفي شرف الدين في قضية الحصة الخاصة حول فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، ليعيد طرح هذه المشاكل على السطح وتبرئة عائلته واتهام عائلة جنيح بأنها تعرقل حرب تونس على الفيروس.
يشير ذلك إلى أنّ الإعلام التونسي مقبل على مزيد من الصراعات في الفترة المقبلة، خصوصاً أمام إصرار كل طرف على تبرئة نفسه أمام الرأي العام التونسي وإلصاق التهم بالخصم المفترض.