عودة المعتقل السابق مازن الحمادة إلى سورية تقسم المعارضة

عودة المعتقل السابق مازن الحمادة إلى سورية تقسم مجتمع المعارضة

24 فبراير 2020
انقسام في الآراء حول خطوة الحمادة (تويتر)
+ الخط -
شغلت عودة المعتقل السابق في سجون النظام السوري، مازن الحمادة، إلى دمشق، وسائل التواصل الاجتماعي، وما قيل عن إجرائه تسوية مع نظام بشار الأسد، أمس الأحد. وانقسم السوريون على ضفة المعارضة بين مشكّك في عودته ووصفه حتى بـ"المهزوم والعميل" وبين من وجد له مبررات، بعد الغربة والعوز المالي الذي وجده في بلد اللجوء، هولندا "ما ولّد أزمة نفسية عانى منها الحمادة"، بحسب مقربين منه.

ورأى البعض أن من حق الحمادة أن يعود إلى سورية بعد أن انسدت في وجهه كل السبل، وكتب الصحافي محمد العويد على صفحته على "فيسبوك": "لا تبكوا مازن الحمادة بانتحاره، لأولى بكاء شح الأنفس". وتابع: "اي قسما بالله لولا فرقة اولادي لرجعت لسورية اليوم قبل بكره ولو النظام سجني. في غربتي القسرية كثيراً ما راودني حلم العودة إلى دمشق حتى لو كان الثمن حياتي... أتعاطف مع مازن".

وتباينت الآراء المنشورات المتعاطفة مع عودة الحمادة، أو عدم تجريمه أو تخوينه على الأقل، ففي حين كتب المصور الصحافي فادي زيدان "في غربتي القسرية كثيراً ما راودني حلم العودة إلى دمشق حتى لو كان الثمن حياتي.... اتعاطف مع مازن"، كتبت الإعلامية ياسمين بنشي "مازن حمادة... اعتقل واتعذب أشد عذاب (جسدي وجنسي ونفسي...) والنظام صفى نص عيلتو بأقبية الأفرع الأمنية. -مازن لجأ على هولندا وقدم تقارير عن انتهاكات النظام وفضح إجرامه -مازن فات بحالة اكتئاب حادة من حوالي سنة... وحدة وعزلة ووحشة وسوء أوضاع -مازن إذا صح الخبر ورجع على سوريا فهو رجع ليموت هنيك -مازن يعرف إنو النظام رح يعتقله... وهالمرة رح يصفيه -الدولة اللي كان فيها مازن هي اللي بتتحمل المسؤولية والحالة المزرية اللي وصللها شب متعذب ومنتهك بسجون النظام... وصل لمرحلة انو يرمي حالو ببلد الموت. الله يسامحك يا مازن ويكون معك والله يكون بعون كل شخص قاعد بالغربة لحالو. أنا لا أبرر ولكن دعونا لا نتمنر على المظلومين اللي ما حدا سائل عنهم".

ورأى إعلاميون سوريون أن مازن حمادة "مبالغ وممثل" حتى خلال روايته عن معاناة اعتقاله، وستؤذي عودته إلى "حضن النظام" الثورة والسوريين كثيراً، خاصة أنه أدلى بشهادته لمحكمة العدل الدولية، والأسد، في رأيهم، خير من يستغل هؤلاء الأشخاص لتكذيب الروايات وخرق شهادات المعتقلين.



وكتب الإعلامي أحمد طلب الناصر المنحدر من دير الزور، مدينه الحمادة: "غداً، حين يظهر مازن الحمادة على شاشات تلفزة النظام لينكر جميع اعترافاته ضده، هل تعلمون ما معنى هذا معناه شيء واحد فقط: تبرئة ساحة النظام أمام المنظمات الحقوقية ومحكمة العدل من التهم الموجّهة إليه، وإظهارنا بمظهر الكاذبين. حينها فقط سيدرك المتعاطفون مع مازن بحجة أنه مريض نفسي (كما تفعل بعض الدول حين يرتكب مواطنوها جريمة ما، فتدّعي بأنه مريض نفسي. وحين يرتكبها واحد منّا يطلقون عليه إرهابي!).. سيدركون بأنه طعن الثورة أكثر من جميع من عادوا إلى حضن الوطن.. وعن وعي وسابق تخطيط".

وأضاف "الذين لا يعلمون حجم الكذب والمبالغة والتمثيل الذي يبرع به مازن، والمتاجرة بقضية المعتقلين بغية الحصول على مكاسب شخصية، والطعن والتخوين الوطني والأخلاقي بالكثيرين من أبناء وبنات الثورة، فأتمنى منهم التزام الصمت وعدم التأثّر بالدموع السخيفة المصطنعة التي ذرفها في جميع مقابلاته.. على الأقل ريثما تتضح الصورة وتنفضح النوايا، وربما أكون أنا المخطئ. بالمناسبة، شكل مازن ولون بشرته والبقع التي يدّعي بأنها آثار حرق السجائر في المعتقل جميعها طبيعية منذ ولدته أمه. والمعتقل، حسب الإعلامي طلب الناصر، دخله بالصدفة منذ 8 سنوات نتيجة تواجده مع ابن شقيقته المطلوب من الأمن (فهد) المغيّب حتى اليوم مع والده (صبحي الجاسم) في أقبية النظام، الله يفك أسرهما".

وختم الناصر مستدلاً بمنشور سابق، منذ ثلاث سنوات، أكد خلاله وقتها، أن الآثار على جسم الحمادة هي من جراء مرض البهاق، وأنه يستعطف الناس، وكلامه وادعاءاته غير صحيحة.

وثمة سوريون رأوا مسألة عودة الحمادة الذي قيل إنه اعتقل في مطار دمشق الدولي فور وصوله عائداً من هولندا، مسألة متعددة الجوانب والآثار.

فكتب رجل الأعمال السوري، محمود عادل بادنجكي "ضحيّة متعدّدة الكوارث: اعتُقِل وعُذّب حتّى قارَبَ الموت. هاجر بذكرياته المميتة وكادت تقتله الكآبة...عاد للنظام لينتحر هناك".

وتابع: "أعتقد أنّ النظام لن يفوّته كهديّة ثمينة، سيعتني به، ويعالجه، ويوظّف حالته إعلاميّاً، فيقتله للمرّة الرابعة، ليهلّل للقاتل، ويعلن ندمه وتوبته، وليُنتَحَر بعدها بعدّة طلقات في رأسه، أو بأيّ طريقة (مافويّة) أُخرى ليُقتل للمرّة الخامسة".

‎وتواصل "العربي الجديد" مع الدكتور أحمد جاسم الحسين في أمستردام، والذي أكد معرفة المعتقل السابق حمادة، وكان لفترة طالباً بمدرسة "هارموني للاندماج" لتعليم اللغات التي يملكها ويديرها الحسين، فقال: أعرفه وسكن بجوار منزلي، وكان أحد الطلاب في المؤسسة التي أديرها، كان يقيم في مدينة هيلخوم الهولندية 15 كم بجانب أمستردام، وقد وقعت مشاكل عدة بينه وبين البلدية نتيجة عدم التزامه بالقوانين، واعتقاده بأن البلدية يجب أن تعامله بشكل خاص. وقد انطوى منذ نحو سنتين وتهجم على عدد من رفاقه القدامى، وشهد موقفه انقلابات لما يتلعق بالثوار والجيش الحر.

وكشف الدكتور الحسين أن الحمادة كان يتعالج جراء أزمات نفسية وتعاطي المخدرات. وبحسب أحد الأطباء المعالجين له، فإنه يمر بمرحلة تراوما الحرب حيث يحضر الماضي بصفته حاضرا، بحيث يعتقد أن المخابرات السورية ستقبض عليه هنا في أوربا...

وقد أشاع قبل نحو سنة أنه سيذهب للقتال مع الجيش الحر، وقبل ذلك كان قد قال إنه سيذهب لمقاتلة داعش، وهو من الأشخاص الذين خسروا كل القريبين والبعيدين نتيجة عدم توازنه.

وكتب الحسين أمس على صفحته بموقع "فيسبوك"، ما يمكن اعتباره تلخيصا لحالة الحمادة: التوازن النفسي والعقلاني هو الذي يقودك إلى القرار الصحيح. إذا كان الشخص فاقداً لهذين العاملين، فإنه لن يتحكم في تصرفاته وأفعاله. طيبة الرجل وبساطته. إدمانه. عدم حصوله على فرصة العمل التي يعتقد أنه يستحقها. فهمه للجوء وعدم تقديره كمعتقل سابق. انشغافه بدور الضحية وتلبسه له. ورغبته بإيصال رسالته، وخيبة أمله بسقوط النظام المجرم... كلها عوامل تقرأ في ضوئها حالة عودته".

وتابع الحسين: "الرجل قدم شهادته عن الاعتقال وظروفه والتعذيب، وأدلى بأسماء أشخاص وجهات مهمة في المجتمع الدولي ولمحكمة العدل الدولية. لم يقدم نفسه وجها فكريا بل وجه معذب عانى ما عانى، لم يقدم نفسه مفكرا أو قائدا.... ليس بقائد فصيل أو محلل معارض... الرجل ضحية معذبة، مقتولة، منهكة، لم يجد معه العلاج النفسي، وصبر الحكومة الهولندية... وكل ما قاله عن تصرفات بلديته والحكومة الهولندية معه محض وهم... فقد لقي كل رعاية واهتمام".

وختم الحسين: "ننزعج نتيجة عودته منه وعليه، وهذه ليست المحاولة الأولى، إذ قرر مرة أن يعود إلى الدير ومرة إلى إدلب...! حاول مع شركة النفط التي عمل فيها حين كان في سورية أن يعاود العمل معهم في الهند، من هولندا ولم تفلح المحاولة... لا أسوّغ ولا أدافع ولا أدين... انظروا إلى ظروف البشر. لا يمكن أن يدخل الرجل في باب العمالة أو سواها من تخوينات مسبقة من مثل أنه مدسوس أو سوى ذلك... مازن كان يبكي ليل نهار. الرجل غير متوازن، أكتفي بهذه الكلمة...ولا أريد أن أزيد...".

وكان نظام بشار الأسد قد اعتقل مازن الحمادة ثلاث مرات منذ بداية الثورة السورية، الأولى بتاريخ 24-4-2011 على يد فرع أمن الدولة في دير الزور، والذي دام حوالي أسبوع. أمّا الاعتقال الثاني فكان بتاريخ 29-12-2011 من قبل الفرع نفسه، وذلك أثناء عودته من دمشق على أحد الحواجز العسكرية في مدخل مدينة دير الزور، ودام نحو أسبوعين. أمّا الاعتقال الثالث، والذي كان الأطول في المدّة والأشرس في التعامل، فكان بتاريخ 1-3-2012 من قبل عناصر من المخابرات الجوية في دمشق، وتحديداً في مقهى "ساروجة" وسط دمشق.

المساهمون