خريجو الإعلام في فلسطين... حصار البطالة

خريجو الإعلام في فلسطين... حصار البطالة

21 فبراير 2020
صحافيان خلال تغطية المواجهات شرق غزة(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
احتل خريجو أقسام الصحافة والإعلام المرتبة الأعلى في معدلات البطالة في فلسطين عام 2019، وذلك نتيجة تعارض نسب الخريجين المتزايدة كل عام، مع حاجة سوق العمل الفلسطيني القليلة نسبياً. وأظهر الجهاز المركزي للإحصاء في مسح أجراه أخيراً واستهدف القوى العاملة في فلسطين للربع الرابع من عام 2019، أن نسبة البطالة في صفوف الطلبة الذين يحملون شهادات تخصص الصحافة والإعلام بلغت نحو 49.6%.

وخلقت الأزمات المالية التي تتعرض لها المؤسسات الإعلامية الفلسطينية تحدياً أمام خريجي الصحافة والإعلام. فقد أدت الأزمات التي تعاقبت أخيراً إلى إغلاق عدد من القنوات التلفزيونية والمواقع الإخبارية، إلى جانب التقليصات وتسريح نسبة من الصحافيين في عدد من المؤسسات، الأمر الذي سبّب انخفاض الفرص المتاحة أمام حاملي الشهادة الجامعية.

ولا تتوقف الجامعات الفلسطينية عن التنافس فيما بينها، ورفد السوق الإعلامي بالخريجين الجدد، من خلال تخفيض أسعار الساعات الدراسية، وسقف درجات قبول الطلبة، رغم كابوس البطالة الذي ينتظرهم، ويهدد مستقبلهم، خاصة في ظل تزايد نسب البطالة في فلسطين، وشُح فرص العمل.

تقول نور عليان من مخيم جباليا (شمالي قطاع غزة) وهي خريجة لغة عربية وإعلام من جامعة الأزهر منذ عام 2018، إنها لم تتمكن من الالتحاق بأيٍّ من المؤسسات الإعلامية نتيجة شحّ الوظائف الشاغرة، وحالة الاكتفاء لدى معظم المكاتب الإعلامية. وتحاول عليان الترويج لصوتها الإذاعي عبر قراءة النشرات الإخبارية ونشرها عبر صفحتها على "فيسبوك"، وباتت، وفق حديثها مع "العربي الجديد"، مصابة بحالة إحباط بعد مصادفتها للواقع السيئ، الذي اقترب من القضاء على أحلامها بأن تصبح مذيعة.

توجه أسعد سعدات خريج الصحافة الإلكترونية من جامعة الأقصى عام 2016 إلى العمل في مهنة الحلاقة مع أشقائه بعد أن فقد الأمل من العمل في تخصصه، بعد أنّ طرق كل الأبواب، لكنها أُوصدت في وجهه. وحاول سعدات، وفق حديث مع "العربي الجديد"، إثبات ذاته منذ تسلُّمه شهادته الجامعية، وذلك عبر التطوع في عدد من المؤسسات الإعلامية، إلا أنه لم يحظ بأي فرصة حقيقية للعمل، والحصول على مقابل مادي يعينه على توفير مستلزمات أسرته الصغيرة.

ويتعرض خريجو الجامعات الفلسطينية لعدد من التحديات منذ اللحظة الأولى لانتهاء رحلتهم الدراسية، حيث لا يتطلب العمل في بعض القنوات التلفزيونية حمل شهادة الصحافة والإعلام، بل يشترط شروطاً قد تتوافر في أصحاب تخصصات أخرى، ما يضيّق الخناق على الفرص المتاحة، التي تأثرت كذلك نتيجة ثورة الإعلام الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي، التي أثرت بمختلف وسائل الإعلام المكتوبة والمرئية والمسموعة.

ويقول أستاذ الإعلام في الجامعة الإسلامية في غزة، طلعت عيسى، إن رفد سوق العمل في مجال الصحافة والإعلام في قطاع غزة بأعداد كبيرة من الخريجين، تفوق الحاجة، لا يأتي وفق دراسة، أو خطة استراتيجية واضحة. ومسؤولية الأزمة مشتركة بين الجامعات ووزارة التربية والتعليم، حسب تعبير عيسى الذي يوضح لـ"العربي الجديد" أن الجامعات الفلسطينية تتنافس فيما بينها لجذب الطلبة بطريقة "غير منطقية"، بينما لا تُحدد وزارة التربية والتعليم ضوابط لمفاتيح قبول الطلبة في التخصصات وفق حاجة السوق.

ويلفت إلى أن نسب البطالة مرتفعة عموماً في فلسطين، إلا أن ارتفاع نسب البطالة في صفوف خريجي الصحافة والإعلام، ووصولها إلى أعلى المستويات يُعد أمراً خطيراً ومقلقاً، خاصة في ظل الإقبال المتزايد والمتواصل من الطلبة على مختلف التخصصات الإعلامي.

وإعادة تقييم التخصصات الإعلامية في قطاع غزة وقبول الطلبة للدراسة فيها وفق الحاجة ضروري لتجاوز الأزمة الحالية. ويشير الأكاديمي عيسى إلى أنه "لا يوجد من يُلزم الجامعات بمعايير محددة لقبول الطلبة في تخصصات الصحافة، ما رفع سقف المنافسة، وأدى إلى تفاقم الأزمة".

وافتتح عدد من كليات وأقسام الإعلام الفلسطينية تخصصات جديدة ومُكررة، من دون وجود أي تنسيق فيما بينها، ما يُضاعف أعداد الخريجين من ذات التخصصات، في ظل عدم تحرك الجامعات أو مخاطبة الجهات ذات الاختصاص لتدارك الأمر والحد من تفاقم الأزمة. وكان للواقع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة، والأحداث العربية والإقليمية والعالمية كذلك، دور في التأثير السلبي بالواقع الإعلامي الفلسطيني، الذي أدى إلى انخفاض القدرة الاستيعابية لأعداد الخريجين والخريجات من الصحافيين والصحافيات.

وتُخرّج الجامعات الفلسطينية المحلية سنوياً وفق تقديرات المختصين من 15 إلى 18 ألف خريج من مختلف التخصصات الجامعية، ولا تتجاوز نسبة الاستيعاب في سوق العمل سوى 20 إلى 25%، في أحسن الأحوال، ما يضاعف نسب البطالة سنوياً.