الذكاء الاصطناعي يطارد فيروس كورونا

الذكاء الاصطناعي يطارد فيروس كورونا

19 فبراير 2020
تأسست "بلودوت" عام 2013 (نويل سيليس/ فرانس برس)
+ الخط -

على ضفاف بحيرة أونتاريو، كانت شركة ناشئة كندية من بين أولى الأطراف التي نبهت إلى خطر انتشار فيروس كورونا المستجد الذي انطلق من يوهان في الصين، معتمدة في ذلك على الذكاء الاصطناعي.

وطورت شركة "بلودوت"، ومقرها في تورنتو، برمجية حسابية قادرة على الاطلاع على مئات آلاف المقالات الصحافية يومياً وبيانات الملاحة الجوية، لرصد انتشار الأمراض المعدية ومتابعة أخطارها. 

وفي حالة فيروس كورونا المستجد الذي انطلق في الصين، أرسلت "بلودوت" إلى زبائنها تنبيهات اعتباراً من 31 ديسمبر/كانون الأول، أي بعد أيام قليلة على أولى البيانات الرسمية لهيئات الصحة الرسمية الكبرى. وتوقعت بشكل صحيح الدول التي قد ينتشر فيها الفيروس.

وقال مؤسس "بلودوت" ورئيس مجلس إدارتها، كمران خان، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس": "نحاول أن نوسع أفق استخدام البيانات والتكنولوجيا وتحليلها من أجل التقدم بسرعة أكبر. إدارة الوقت أمر أساسي في مواجهة انتشار المرض".

طرأت فكرة "بلودوت" على ذهن عالم الأوبئة البالغ 49 عاماً إثر انتشار وباء المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) في 2003. وكان يومها طبيباً متخصصاً بالأمراض المعدية في أحد مستشفيات تورنتو، ووقف عاجزاً أمام هذا الفيروس الفتاك الذي أودى بحياة 44 شخصاً في المدينة الكندية الكبيرة هذه. وأوضح "أصيب أفراد في الطاقم الطبي، من بينهم أحد زملائي، وتوفي بعضهم وفتح ذلك عينَي. وبعد لجم الوباء، قلت إنه لا ينبغي أن يتكرر هذا الوضع".

في 2013، أسس "بلودوت" التي باتت توظف 40 شخصاً يقول عنهم خان إنهم "يشكلون فريقاً فريداً" مؤلفاً خصوصاً من أطباء وبيطريين وعلماء أوبئة و"علماء بيانات" (داتا ساينتيستس) ومطوري برمجيات. وضع هؤلاء نظام إنذار مبكر يستند إلى وسائل المعالجة الآلية للّغة والتعلم الآلي.

تتفحص البرمجية كل 15 دقيقة على مدار الساعة تقارير رسمية ومنتديات مهنية وآلاف المقالات عبر الإنترنت، وتمسح نصوصاً بحثاً عن كلمات مفتاح وعبارات معينة. ويمكنها قراءة 65 لغة، وهي قادرة على تتبع أكثر من 150 نوعاً من الأمراض.

وأوضح خان أن "الآلة تبحث عن إبر في كومة تبن، وتعرضها على الخبراء البشريين". ويدرب فريق "بلودوت" الآلة عندها على التعرف إلى المعلومات المرصودة على أنها تشكل تهديداً أو وباء فعلياً، من عدمه. وإذا كانت البيانات موثوقة، تدرج في قاعدة بيانات تحلل مكان البؤرة والمطارات المحيطة بها ومسارات السفر الجوي للركاب في العالم بأسره. وتدرس كذلك بيانات مناخية، فضلاً عن النظام الصحي في كل بلد أو حتى وجود بعوض أو حيوانات تقف وراء أمراض لدى البشر.

وعند الانتهاء من التحليل، ترسل "بلودوت" إلى زبائنها، وهم هيئات حكومية وشركات طيران ومستشفيات خصوصاً، تنبيهاً حول الأمكنة والمناطق التي ستستضيف العدد الأكبر من هؤلاء المسافرين. والهدف من ذلك أن تتمكّن هذه الأطراف من الاستعداد واتخاذ الإجراءات الاستباقية.

ففي صباح 31 ديسمبر/ كانون الأول، رصدت برمجية "بلودوت" مقالاً بالصينية يتحدث عن حالات التهاب رئوي حاد مرتبطة بسوق الحيوانات في ووهان. ولم يكن الفيروس قد حدّد بعد، إلا أن الآلة تمكنت من رصد عبارتين لفتتا انتباهها "التهاب رئوي حاد" و"سبب مجهول". وعند الساعة العاشرة من ذلك اليوم، أرسلت أول تنبيه إلى زبائنها.
وقال كمران خان "لم نكن نعلم أن الأمر سيتحول إلى وباء عالمي، لكننا رصدنا بعض المكونات المشابهة لما كنا قد لاحظناه على صعيد متلازمة سارس". وبفضل هذه الطريقة، نجحت "بلودوت" أيضاً في توقع انتقال الفيروس من ووهان إلى بانكوك وتايبيه وسنغافورة وطوكيو وهونغ كونغ.

وهذا ليس أول إنجاز للشركة. فعام 2016، توقعت "بلودوت" بشكل صحيح أن فيروس "زيكا" في البرازيل سيصل إلى جنوب فلوريدا. وأكد خان "هذه الفيروسات معقدة وهذه الأمراض كذلك. إلا أننا نوسع دائماً حدود معرفتنا بعد كل انتشار لهذه الأوبئة".
(فرانس برس)

المساهمون