مصر: اعتراضات على خطة الحكومة لتطوير المؤسسات الصحافية القومية

مصر: اعتراضات بالجملة على خطة الحكومة لتطوير المؤسسات الصحافية القومية

27 يناير 2020
رفض نقابيون الخطة (كيم بدوي/Getty)
+ الخط -
قبل أيام، أعلنت الحكومة المصرية عن خطة متكاملة لتطوير المؤسسات الصحافية القومية، تضمن المساس بملف التعيينات والمعاشات، ما أحدث ضجة واسعة في الأوساط الصحافية والإعلامية في مصر، وتعالت الأصوات الرافضة لتلك الخطة، ونداءات لضرورة التصدي الحازم لها.

وكان رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد عقد اجتماعًا الأحد 26 يناير/كانون الثاني الجاري، بحضور وزيري المالية والدولة للإعلام، وكذلك رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، ونائب وزير التخطيط لشئون التخطيط، ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية ورؤساء التحرير، تضمن الاجتماع محورين، الأول حول الرقمنة والثورة التكنولوجية، من خلال إعادة تأهيل المؤسسات القومية لمواكبة التطور التكنولوجي، والتركيز على زيادة نسب التفاعل والمشاركة على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف استعادة دور الإعلام في تشكيل الرأي العام.

وفي هذا المحور، تقرر إنشاء بوابات إلكترونية لجميع المؤسسات الصحافية القومية، على غرار بوابة الأهرام، مع العمل على إنشاء أقسام داخل كل بوابة إلكترونية تتفاعل مباشرة مع القطاعات المؤثرة في السوشيال ميديا. وتنظيم سلسلة من الدورات التدريبية للصحافيين والإعلاميين، ودراسة تسويق كنوز المؤسسات الصحافية القومية، مثل الصور النادرة، والوثائق، والأحداث التاريخية، و مقالات كبار الكتاب.

بينما تضمن المحور الثاني إعادة الهيكلة والإصلاح المالي والإداري بالمؤسسات القومية، من خلال الحصر الشامل للأصول وتحديد الأعباء والالتزامات المحملة بها، مع تقديم مقترحات لحسن استثمارها. وإنشاء مشروعات مشتركة بين المؤسسات ولكل مؤسسة على حدة. وإنشاء صندوق لتمويل مشروعات المؤسسات الصحافية، ودراسة ملف حصر الديون بمختلف أنواعها وتقديم مقترحات لإعادة جدولتها وطرق سدادها.

وخلال الاجتماع، طرح رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، أبرز التوصيات الصادرة عن الدراسة التي أعدتها الهيئة، وتمت مناقشتها في الاجتماع، وهي، استثمار أصول المؤسسات الصحافية القومية غير المستغلة، وتحديد الأصول التي يتم بيعها سواء للاستثمار أو سداد الديون، والفصل بين منصبي الإدارة والتحرير، ودراسة الأنشطة الخاسرة في المؤسسات، وإصدار نماذج إرشادية للوائح المالية والإدارية، والعمل على حسن اختيار رؤساء مجالس الإدارة ورؤساء التحرير، وتفعيل أدوات الشفافية والمحاسبة، ودراسة ملف الديون، وتحديد الأصول التي يتم التنازل عنها كجزء من سداد الديون، والاتفاق على جدولة الديون المتبقية، وإنشاء شركات متخصصة أو قابضة في التوزيع والطباعة والإعلان.

كما تم الاتفاق على، عدم فتح باب التعيين في أي مؤسسة صحافية قومية، ومنع التعاقدات. ومنع المد فوق سن المعاش إلا في حالات الضرورة القصوى، لكبار الكتاب فقط، بعد التنسيق مع الهيئة الوطنية للصحافة، والعمل على تسوية مديونيات هذه المؤسسات باستغلال عدد من الأصول غير المستغلة التي تمتلكها هذه الصحف، مع الأخذ في الاعتبار دراسة موقف كل الإصدارات واتخاذ ما يلزم بشأنها. وكانت هذه البنود الأخيرة هي البوابة لموجة الاعتراضات التفصيلية على خطة التطوير.

وقال نقيب الصحافيين الأسبق، الكاتب الصحافي يحيى قلاش، إن "ما صدر عن اجتماع رئيس الوزراء مع بعض المفروض أنهم معنيين بشؤون الإعلام والصحافة القومية حول مصير الصحافة القومية وأصولها وحقوق العاملين بها تداعياته خطيرة".

وتابع "الأمر يحتاج إلى وعي جميع العاملين بهذه المؤسسات بخطورة هذا القرارات وإدراك أهمية موقفهم قبل فوات الأوان، كما يحتاج إلى توفر إرادة نقابة الصحافيين والنقابة العامة للعاملين بالصحافة في اللقاء والاجتماع ودعوة جمعياتهم العمومية للحوار الحر والمفتوح لوضع تصور وخطة والدخول في حوار واسع مع كل الأطراف المعنية والملمة بشؤون الصحافة وأوضاع العاملين بها".

وقال قلاش "علينا أن ندرك أن وزارة الإعلام ليست معنية بإدارة شئون الصحافة، وأن القيادات التي انتهت صلاحيتها طبقاً للقانون ليست مخولة أيضاً بذلك الآن، كما أن تجاهل نقابة الصحافيين في أمر يتعلق بتقرير مصير الصحافة القومية وحقوق العاملين بها لا يجب التسليم به".

وذكر قلاش بـ"خطة يوسف بطرس غالي وجمال مبارك للتخلص من الصحافة القومية وبيع أصولها، التي يتم إخراجها من الأدراج كل فترة وأن آخر من تصدى لها كان جلال عارف عندما كان رئيسا للمجلس الأعلى للصحافة".

وأكد قلاش "الحلول البديلة كثيرة والإصرار على إغلاق باب الحوار وتجاهل المعنيين بطبيعة الموضوع والإصرار على التمسك بقيادات فاشلة وعاجزة تفاقم الأمر ولا تذهب بنا إلا لمزيد من المأساة. أوضاع الصحافة والإعلام ومستقبل هذه المؤسسات لن تحل بالقرارات الإدارية والاجتماعات المغلقة وتعليمات اللهو الخفي.. افتحوا نوافذ الحوار".

من جانبه أعلن الصحافي المصري والناشط النقابي المصري، حازم حسني، بدء سلسلة تحريض لمجلس النقابة الصحافيين لحضور جمعية عمومية ضد قرارات رئيس الوزراء، وقال إن مشاركة العمال والإداريين في المعركة ضرورة.

وقال "عندما يقرر مجلس الوزراء ووزارة الدولة للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة وقف التعيين في المؤسسات القومية رغم أن هناك شباب أضاعوا أعمارهم في تلك المؤسسات دون تعيين؛ إذًا فالهدف من ذلك هو التصفية وتسريح العاملين فيها من صحافيين وعمال وإداريين".

وأضاف "عندما يقرر مجلس الوزراء عدم المد فوق سن المعاش إلا للحبايب والمحاسيب من سيعتبرونهم كبار الكتاب؛ فإن الهدف من هذه الخطة هو التصفية والتسريح، وكذلك الحال مع قرار دمج المؤسسات وإلغاء الإصدارات".

وقال حسني "هذه الأزمة تستدعي مشاركة كل أعضاء الجمعية العمومية في المعركة خاصة الزملاء في المؤسسات القومية بل مشاركة العمال والإداريين أيضاً وأقل من ذلك مضيعة للوقت والجهد فليجوب أعضاء مجلس النقابة المؤسسات القومية لتوعية الزملاء بخطورة الأمر ودعوتهم لحضور جمعية عمومية دفاعًا عن مصالحهم".

وبينما لم يصدر موقف واضح من نقابة الصحافيين المصرية، كان لعدد من أعضاء مجلس النقابة مواقف رافضة لكن فردية، منهم عضو مجلس النقابة محمود كامل الذي وصف البيان الصادر عن اجتماع رئيس الوزراء ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحافية القومية ورئيس الهيئة الوطنية للصحافة، بـ"الكارثي"، وقال إنه يستدعي اجتماعاً طارئاً لمجلس نقابة الصحافيين وإصدار بيان عاجل للرد على ما صدر عن الاجتماع الكارثي، وكذلك اتخاذ إجراءات عملية عاجلة لمواجهة هذه الأزمة.

وفند الأزمة في "إقصاء نقابة الصحافيين ومجلسها المنتخب، الممثل الشرعي الوحيد للجمعية العمومية عن حضور الاجتماع وإبداء الرأي"، و"قرار عدم التجديد للصحافيين بعد سن المعاش يخالف مطالب الجمعيات العمومية المتعاقبة للنقابة، ويؤكد أن من حضروا الاجتماع وبعضهم تجاوز سن المعاش بسنوات لا يدركون طبيعة العمل الصحافي ويتجاهلون مطالب رواد المهنة ودورهم في نقل الخبرات للأجيال القادمة"، و"قرار وقف التعيينات، يؤكد أن جميع من حضروا الاجتماع ليس لديهم دراية بقانون العمل، وهو قرار مرفوض وغير قانوني ويمثل اعتداء صارخاً على حقوق زملاء يمارسون المهنة منذ سنوات".

وأكد كامل أن "الحديث عن تحويل الإصدارات الورقية إلى إلكترونية لتخفيض نفقات الطباعة، لن يكون حلًا لأزمة الصحف القومية، الأزمة تكمن في المحتوى غير الجاذب للقراء وغير المواكب لاهتمامات القراء وهمومهم، وكذلك في اختيار رؤساء تحرير من أهل الثقة لا أهل الخبرة والموهبة".

وتساءل كامل "لماذا استيقظ رئيس الهيئة الوطنية فجأة بعد ثلاث سنوات وقرر وضع خطة تطوير بالتزامن مع موعد تغيير الهيئات الصحافية والإعلامية".

وأعلن كامل أنه يسعى مع عدد من أعضاء مجلس نقابة الصحافيين، لإصدار بيان عاجل والدعوة لاجتماع طارئ، ودعا الصحافيين أعضاء الجمعية العمومية للحضور والضغط على مجلس النقابة لممارسة دوره المنوط به ودعم أية تحركات في سبيل ذلك.

المساهمون