لقاء الرئيس الجزائري والصحافة... تصحيح علاقة أم استدراج سياسي؟

لقاء الرئيس الجزائري مع الصحافة... تصحيح علاقة أم استدراج سياسي؟

22 يناير 2020
اعتبرت هذه الدفعة الأولى من المؤسسات (العربي الجديد)
+ الخط -

يلتقي الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، مساء اليوم الأربعاء بمسؤولي صحف وقنوات محلية حكومية مستقلة، في أول لقاء من نوعه منذ آخرَ لقاء مماثل عقده الرئيس الجزائري الأسبق، الشاذلي بن جديد، عام 1990، في خطوة يستهدف منها الرئيس تبون إرسال إشارات إيجابية بشأن انفتاحه على الإعلام في الجزائر.

وتبث مساء اليوم أول مقابلة صحافية للرئيس تبون على وسائل الإعلام الحكومية والخاصة، ودعت الرئاسة الجزائرية مدراء ثماني مؤسسات إعلامية إلى اللقاء، وهي "المجاهد" أقدم الصحف الحكومية، والتلفزيون الرسمي، و"الخبر" كبرى الصحف في الجزائر، و"لوسوار دالجيري" (مساء الجزائر) التقدمية، و"لوكوتيديان دورون" (يومية وهران) الإصلاحية، وقنوات "الحياة"، و"الشروق" و"البلاد" المستقلة.

واعتبرت الرئاسة أن هذه هي الدفعة الأولى من مدراء المؤسسات الإعلامية الذين سيلتقون بالرئيس تبون، على أن تتم برمجة لقاء ثانٍ بين الرئيس ومدراء مجموعة أخرى من الصحف والقنوات المحلية. ولا يعرف، على أساس هذه التعهدات، ما إذا كانت الرئاسة ستدرج في الأفق لقاءات بين تبون ومؤسسات الصحافة الإلكترونية، أو مراسلي الصحف والقنوات الأجنبية العاملين في الجزائر.

وتبدي الكثير من المؤسسات الإعلامية والصحافيين في الجزائر ارتياحاً لإقدام الرئيس على هذه الخطوة، بما يوحي ببدء مرحلة جديدة باتجاه إحداث مصالحة بين الإعلام ومؤسسة الرئاسة، وتبني طريقة جديدة في التعاطي مع الصحافة وإبلاغ الرأي العام بالموقف من كبريات القضايا السياسية المحلية والدولية التي تكون محل اهتمام الرأي العام، واستدراك حالة انغلاق مارسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة سابقاً لعقدين من الزمن، وبعد فترة قطيعة تامة بين الرئاسة والإعلام المحلي دامت أكثر من 20 سنة، حيث لا يحتفظ الإعلام الجزائري، بما فيه الإعلام الرسمي والحكومي، بأية مقابلة مع الرئيس بوتفليقة، والذي أنهى منذ تسلمه السلطة عام 1999 علاقته مع الإعلام المحلي بعد سلسلة حوارات أجراها في الشهر الأول لتسلمه السلطة.

وفي هذا السياق، قال الإعلامي والأستاذ الجامعي، حمدي بركاتي، لـ"العربي الجديد" إن "مجرد أن يخصص رئيس الجمهورية لقاء خاصاً بمؤسسات إعلامية في حد ذاته خطوة إيجابية"، مضيفاً "بقي الدور هنا على الممارسين أن ينتقلوا إلى ضفة الشريك في صناعة الرأي لا الناقل للمعلومات والتصريحات والمواقف فقط".

ويعتقد أن مثل هذه اللقاءات يتوجب أيضاً أن تسهم في "معالجة نقاط مهمة جداً يجب الفصل فيها، منها تنظيم فوضى السمعي البصري في البلاد من خلال منظومة قوانين مؤطرة، تنظيم عمل الإعلام الإلكتروني الجديد، موضوع الاستفادة من الإعلانات الحكومية، تأسيس نقابات في السمعي البصري لضمان حقوق الصحافيين، الحفاظ على هامش حرية الرأي والتعبير وضرورة توضيح قانون تجريم خطاب الكراهية وهل يمس العمل الصحافي".

ويجد رئيس التحرير في صحيفة "الشروق" (المشاركة في اللقاء)، عبد الحميد عثماني، أن أي خطوة اتصالية وتواصلية بين الرئاسة ومؤسسات السلطة لتصحيح العلاقة مع الإعلام ومعالجة مشكلاته لا يمكن إلا تثمينها، لكنه يعتبر أن "الأهمّ هو أن تكون مبادرة فعلية لا مجرد ذر للرماد في العيون، وهذه مسؤولية مشتركة بين الطرفين الرئاسة والإعلام، حيث يتعيّن على الرئيس أن يشجع الصحافة على النقد الموضوعي والبنّاء ويرفع عنها كل التضييق، وعلى الإعلاميين نقل هموم المواطن والوطن بعيداً عن المجاملات ومنطق المكاسب الخاصّة. أما إذا تحولت مقابلات الرئيس مع الصحافة إلى دعاية في اتجاه واحد فستكون نكسة أخرى للإعلام الحر".

وفيما يجري تسويق اللقاء الصحافي المرتقب على أساس أنه انفتاح جدي يبديه تبون على  الصحافة، تتفاوت المواقف والقراءات من الخطوة الرئاسية الجديدة. ويذهب عدد من العاملين في قطاع الصحافة إلى أن الحكم على مخرجات هذه الخطوة التواصلية والاتصالية مرهون بمدى قدرتها على صنع حالة مكاشفة للحقيقة ومواجهة الرئيس تبون بالملفات والأسئلة الساخنة، وعدم تحويل هذه اللقاءات إلى مجرد فرصة للإدلاء بخطاب سياسي، خاصة مع وجود تجربة سابقة لبوتفليقة الذي قام أيضاً بسلسلة طويلة من الحوارت في شهوره الأولى من الحكم لكن علاقته مع الصحافة انتهت إلى حالة قطيعة.

وقال الصحافي في قسم الشؤون السياسية في صحيفة "الخبر"، حميد غمراسة، لـ"العربي الجديد" إنه يعتقد أن الرئيس تبون يبحث عن شرعية غائبة، ويكثف من التدابير والمساعي لاستدارك شرعية تبدو بالنسبة للبعض معطوبة بسبب الظروف والملابسات التي جرت فيها انتخابات 12 ديسمبر/كانون الأول التي حملته إلى سدة الحكم".

وكان تبون، خلال الحملة الانتخابية للرئاسيات الأخيرة، وفي خطاب أداء اليمين الدستورية، قد تعهد بإجراء لقاءات دورية مع الصحافة الوطنية وتحرير الإعلام من كل الإكراهات. وقال حينها إنه "يريد صحافة حرة بلا سقف أو حدود، لكن مع حرية مسؤولة".

المساهمون