"وي تشات" و"ويبو": بروباغندا الصين ضد هونغ كونغ

"وي تشات" و"ويبو": بروباغندا الصين ضد هونغ كونغ

16 اغسطس 2019
تحارب الصين تظاهرات هونغ كونغ عبر الإعلام أيضاً(فرانس برس)
+ الخط -
بعد ثلاثة أشهر من التظاهرات في هونغ كونغ، يقرأ الناس ويُتابعون نسخًا مختلفة تمامًا من الأحداث عبر تطبيقات التراسل المُتاحة. فيوم السبت الماضي، وفيما دخلت الاحتجاجات أسبوعها العاشر مع استمرار الاشتباكات بين المتظاهرين والشرطة في هونغ كونغ، نشرت صحيفة "الشعب" اليومية مقالًا على خدمة الدردشة الصينية "وي تشات"، جاء فيه أنّ أعضاء ومسؤولين عن جميع الأطراف والأطياف المحتجّة والمتظاهرة في هونغ كونغ يدعون إلى وقف العنف. ومع استمرار التظاهرات السلمية في مطار هونغ كونغ نهاية الأسبوع الفائت، نشرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية مقاطع ڤيديو على تطبيق "ويبو" عن صراع بين المتظاهرين وصراخ غاضب من السكان: "نريد فقط أن تكون هونغ كونغ آمنة". 

وخلال الشهرين الماضيين، تبدّل حال وسائل الإعلام الحكومية الصينية، وتحوّلت من الصمت على الاحتجاجات والرقابة الشاملة على لقطات التظاهرات، إلى دفع ممنهج للأخبار والافتتاحيات ومقاطع الڤيديو والمناقشات عبر الإنترنت، وذلك بإستخدام تطبيقي "ويبو" و"وي تشات". ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانيّة عن الأستاذ في جامعة هونغ كونغ والمتخصص في الاتصالات، فانغ كيتشنغ، قوله إنّ وسائل الإعلام الصينية لا يمكن إعتبارها وسائل إعلام أصلًا، فهي مختصّة في الدعاية الممنهجة وتعترض على جزء صغير من المعلومات لتشويهها وتضخيمها.

وعلى مدى أسابيع، وُصِفَت التظاهرات بـ"أعمال الشغب" من قبل وسائل الإعلام الحكومية الصينية، إذ إنّ التغطية اليومية والملحقات العاجلة أظهرت لقطات للمتظاهرين وهم يقذفون الحجارة، ويصرخون على الشرطة. ووصفت وسائل الإعلام الصينيّة، المتظاهرين، بأنهم "متطرفون" و"سفاحون" يسعون لإسقاط النظام بأكمله من خلال السيطرة على المدينة. ويركّز الإعلام الصيني في إعلامه على تشويه صورة التظاهرات عبر نشر منشورات فردية لبعض المتظاهرين وذلك لإيصال فكرة التشتّت وعدم توحيد مطالب المتظاهرين، قائلةً إنّ "الغالبية غير مهتمة بالاستقلال والحرية، بل هي تسعى للفساد، السرقة والتخريب".

ومع وصول عدد مستخدمين لقرابة المليار مستخدم نشط لتطبيقي "ويبو" و"وي تشات" في الصين، تسعى السلطات للتغلغل بين الشباب وبثّ الأخبار الكاذبة والتي من شأنها إحباط عزيمتهم وتشويه صورة الحراك والتظاهرات. وهنا، تتخاذل تطبيقات التراسل الصينية في تأمين الحماية لمستخدميها، مرغمةً كانت أم مقتنعة بأهمية الأمن الإلكتروني. ومع ميزات كالدردشة والتراسل، تستطيع السلطات الصينية مراقبة المحادثات والاطلاع على محتواها، خصوصًا أنّ بنود سياسة الخصوصية الرئيسية لتطبيق "وي تشات" الصيني تنصّ على مشاركة البيانات الشخصية للمستخدم والمخزّنة لديه، مع أطراف أخرى أو مع الرأي العام في الحالات الاستثنائية، بموجب القوانين والمعايير المتّبعة في البلاد، ومن دون الحصول على إذن مسبق من المستخدم نفسه، وذلك في الحالات التي يتطلّبها الأمن القومي، والدفاع الوطني، والأمن العام، والصحة العامة، ومصالح الدولة، والتحقيقات، وفي الإجراءات القضائية، وهي جميعها عبارات مطاطة يمكن التلطي بها للحصول على معلومات المستخدمين في دول قمعية مثل الصين.

هنا، يظهر جليًا سبب سماح السلطات الصينية للمواطنين باستخدام تطبيق "وي تشات" دون سواه، ومنعها تطبيقات كبرى كتويتر، فيسبوك، يوتيوب، واتساب، إنستغرام وغيرها. وبذلك، فإنّ حريّة الاستخدام في هذه الحال تقع على عاتق المستخدم، والذي هو على دراية مطلقة بأنّ الدولة والسلطات تتجسّس لحظة بلحظة على جميع محادثاته، صوره ومقاطعه المصوّرة.

وإذا ما كان المستخدمون على علم بأنّ أمنهم الإلكتروني مُخترق، يبدو أنّ كُثُرا غير مدركين أنّ السلطات مشاركة وبقوة في الأخبار التي تُرسل إليهم، بُغية التلاعب بهم لفضّ التظاهرات والتخفيف من عدد المشاركين فيها وذلك للوصول للهدف وهو إخمادها. وتتعاطى الصين مع ما يحصل في هونغ كونغ كقضية تهدد أمنها الوطني، ذلك لأن هذه المقاطعة لديها نظام خاص اقتصادياً وقانونياً وسياسياً وترفض العودة إلى "السيادة" الصينية.