سياسات "فيسبوك" تكبّل المحتوى الفلسطيني

سياسات "فيسبوك" تكبّل المحتوى الفلسطيني

04 يوليو 2019
تكررت عمليات الحذف للمحتوى الفلسطيني (محمد تلاتيني/الأناضول)
+ الخط -
انعكس الحذف المتكرر الذي تتبعه إدارة موقع "فيسبوك" بشكلٍ واضح على طبيعة المحتوى الفلسطيني، لا سيما مع تكرار إدارة الموقع حذف عشرات الحسابات والصفحات الخاصة بالناشطين والمواقع الإخبارية والتثقيفية الفلسطينية. وأدت عمليات الحذف العشوائي التي اتبعتها إدارة موقع "فيسبوك" لفقدان المئات من الناشطين الفلسطينيين لعشرات الآلاف من المتابعين، بالرغم من عدم وجود مخالفات في كثير من الحالات التي رصدتها "العربي الجديد" وعدم معرفة أصحاب هذه الحسابات للأسباب التي قادت لحذفها وتعطيلها. 

و"فيسبوك" هو المنصة الأوسع انتشاراً والأكثر حضوراً بين الفلسطينيين، وفق الإحصائيات المتخصصة، لكن سياسة الحذف الأخيرة جعلت البعض يهرب نحو تطبيقات التراسل الفوري كواتساب وتلغرام إلى جانب تويتر.

المصور والناشط فادي ثابت قام "فيسبوك" بحذف حسابه مرتين، ما تسبب في فقدانه لأكثر من 60 ألف متابع، إذ كان يقتصر ما يعرضه عبر حسابه على ما تلتقطه عدسته من صور إنسانية لفئة الأطفال على وجه التحديد. ويقول ثابت لـ"العربي الجديد"، إن "فيسبوك" منصة مهمة، وهو الموقع الأول من حيث تفاعل المتابعين عليه، وهو ما دفعه باتجاه نشر الصور والتركيز على الأطفال ومعاناتهم في غزة ومحاولة مخاطبة المجتمع الدولي والعالم بهذه الصور لعرض معاناتهم.

ويشير إلى أنّ تكرار حذف فيسبوك لحساباته وغيره من النشطاء والصحافيين سيضر بالرسالة الإعلامية كون هذه الصفحات والحسابات مصدر بث الرسالة الإعلامية وهو ما سينعكس بالسلب على المحتوى الفلسطيني. ويعتبر ثابت أنّ الهدف من الحذف والحظر المتبع حالياً "إخماد" الصورة الفلسطينية وطمسها، لكن النشطاء سيبقون يعملون كل ما بوسعهم من أجل إيصال هذه الرسالة والصور التي تحجبها إدارة الموقع للعالم من أجل عرض معاناة الشعب الفلسطيني.

وما يعرضه ثابت هو محتوى يركز فقط على المشاهد الإنسانية والتي لا تحمل فيها أي مشاهد للعنف، إذ إنها تعرض ما يعانيه الأطفال في غزة من معاناة وإهمال بفعل الظروف المعيشية التي يكابدونها. ووثق مركز صدى سوشال المختص برصد مواقع التواصل الاجتماعي، قيام إدارة "فيسبوك" بحملة غير مسبوقة ضد الناشطين والصحافيين الفلسطينيين شملت حذف الحسابات والمنشورات والحظر خلال شهر أيار/ مايو تجاوز 75 انتهاكاً.

من جانبه، يقول المختص في الشأن الدعائي حيدر المصدر، إن عمليات الحذف المتواصلة للحسابات والصفحات الفلسطينية تساهم في تقليص المحتوى الفلسطيني المنتشر عبر "فيسبوك" مع اتساع رقعة عمليات الحذف التي تتعرض لها الحسابات. ويوضح المصدر لـ"العربي الجديد"، أن حذف فيسبوك للحسابات التي تمتلك آلاف المتابعين ينعكس بشكلٍ واضح وصورةٍ مباشر على المحتوى الفلسطيني المنشور عبر هذه المنصة من ناحية التفاعل والانتشار التي كانت تتحقق في السابق.

وبات "فيسبوك"، بحسب المختص الفلسطيني في الشأن الدعائي، يتبع طرقاً مختلفة مع المحتوى الفلسطيني، وهو ما أوجد نوعاً من الرقابة الذاتية، الأمر الذي ساهم في قلة نشر الصور المرتبطة بالمقاومة الفلسطينية أو حتى التفاعل مع الحملات والوسوم الخاصة بها.
ويؤكد على أن هذا النوع من الرقابة الذاتية أوجدته سياسة "فيسبوك" القائمة على الحذف العشوائي لمئات الحسابات، وهو ما أضر بأصحابها، خصوصاً مع فقدان الكثيرين منهم لآلاف المتابعين بشكلٍ مفاجئ ودون سابق إنذار. ويستبعد المصدر أن يكون هناك اتجاه واسع نحو المنصات الاجتماعية الأخرى لما للموقع الأزرق من انتشار واسع في صفوف الفلسطينيين، إلا أن السياسة المتبعة ستخلق محتوى متحيزاً على حساب المحتوى الفلسطيني لصالح المحتوى الإسرائيلي.

ويقرّ بوجود قصور فلسطيني حقيقي في استغلال خصائص موقع "فيسبوك" للتبليغ عن المحتوى الإسرائيلي الذي يضج بالتحريض على الفلسطينيين عبر الصفحات والحسابات المختلفة نتيجة لعوامل أبرزها قلة المتحدثين باللغة العبرية. ويدعو كذلك إلى رفع حالة الوعي بالآليات والمساهمة في كشف الجهات المسؤولة عن إغلاق وحذف الحسابات الفلسطينية، إلى جانب تعزيز المعرفة بالأساليب الدعائية لمواجهة المحتوى الإسرائيلي وخدمة المحتوى الفلسطيني.
ورصدت دراسة إحصائية كتابة الإسرائيليين لمنشور موجّه ضد الفلسطينيّين في العام 2018 بشكل تحريضيّ كلّ 66 ثانية، في حين كان هناك عام 2017 منشور كلّ 71 ثانية. هذا فيما كان عدد المنشورات التي تضمّنت دعوة لممارسة العنف وتعميم عنصريّ وشتائم ضد الفلسطينيّين في العام 2018، 474.250 منشورًا، أما في 2017 فكان العدد 445.000.

وفي السياق ذاته، يقول المختص في مواقع التواصل الاجتماعي خالد صافي، إن الكثير من النشطاء لديهم جماهير كبيرة ولديهم قدرة على نقل الأحداث وتقديم المحتوى الفلسطيني بشكل سريع، وعملية الحذف كان لها أثر سلبي عليهم وعلى المحتوى الفلسطيني المنشور. ويوضح صافي لـ"العربي الجديد"، أن فيسبوك يقوم بعمليات حذف ممنهجة بحق الصفحات والحسابات الفلسطينية، وهو ما انعكس بالسلب على المحتوى الفلسطيني المنشور، وخصوصاً أن هناك عدداً كبيراً من المتابعين داخلياً وخارجياً له.

وأصبح المحتوى الفلسطيني ملاحقاً، فالكثير من الصفحات والحسابات تم حذفها بعد الترصد لها وبذرائع وحجج وهمية من قبل إدارة فيسبوك، وبات أي محتوى مرتبط بالقضية الفلسطينية يجري حذفه وحظره من الانتشار، وفق صافي. ويلفت إلى أن عدداً كبيراً من الناشطين الفلسطينيين أصبحوا يراقبون أنفسهم قبل نشر أي محتوى، وهو ما يحد من انتشار الرواية الفلسطينية بشكل كبير، وهو ما يعني انتشار الرقابة الذاتية بين الناشطين، الأمر الذي سبب عدم وصول الرسالة في وقتها الصحيح.

وبلغ إجمالي عدد الانتهاكات التي قام بها فيسبوك بحق الصفحات والحسابات الفلسطينية خلال عام 2018 نحو 176، الأمر الذي يعطي انطباعاً واضحاً على ملاحقة موقع التواصل الاجتماعي للمحتوى الذي ينشره الفلسطينيون، وفقاً لصافي.