فض اعتصام الخرطوم: الإعلام السعودي ـ الإماراتي يبرّر المجزرة

فض اعتصام قيادة الجيش في الخرطوم: الإعلام السعودي ـ الإماراتي يبرّر المجزرة

الخرطوم

العربي الجديد

العربي الجديد
03 يونيو 2019
+ الخط -
بدت ساحة الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش (القيادة العامة) في الخرطوم ساحة معركة من طرفٍ واحد، ضحاياها مدنيّون عُزّل، مع قيام الجيش السوداني بفض الاعتصام السلمي المستمر منذ 6 إبريل/نيسان الماضي، اليوم الإثنين، فيما اختلفت التغطية على القنوات العربية، بينما كان مشهد العنف واضحاً على مواقع التواصل.

وكانت مواقع التواصل الاجتماعي تعجّ بمقاطع فيديو وصور تُظهر العنف الممارس من قبل العسكر على المدنيين وآثاره، فجر اليوم، في وقت كانت شاشات القنوات العربية تخلو تماماً من أي متابعة للحدث، باستثناء قناة "الجزيرة" التي تبثّ مقاطع حيّة لفضّ الاعتصام منذ ساعات الفجر الأولى.

واستضافت "الجزيرة" عدداً من الناشطين السودانيين الذين دعوا إلى تصعيد شعبي سلمي وخروج الجماهير مجدداً "حتى النصر" رفضاً لأي حكم بالقوة وللحكم العسكري. ونشرت القناة مقاطع سجّلها متظاهرون عبر هواتفهم النقالة، بعدما أُغلق مكتبها في الخرطوم قبل يومين.

وجاءت هتافات المتظاهرين واضحةً؛ إذ قالوا "حكومة العسكر تسقط بس، حكومة الموت تسقط بس"، بينما رأى صحافيون ومغرّدون أنّ إغلاق مكتب "الجزيرة" كان تمهيداً لفضّ الاعتصام، كون القناة تدعم الثورة السودانية.


كما أظهر البثّ الحي لقناة "الجزيرة" عثور أحد عناصر الجيش على هاتف كانت الشبكة تبثّ منه مباشرةً في الخرطوم، وقام بإقفاله. 


كما فتح "التلفزيون العربي" شاشته للبثّ الحي، ناقلاً مشاهد نشرها الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال رسائل مباشرة من مراسلته في العاصمة السودانية، سالي عثمان، مع تخصيص شريط الأخبار العاجلة في أسفل الشاشة لنقل التطورات الأمنية والميدانية. وفيما أكّدت مراسلة التلفزيون مداهمة مراكز العلاج وحصار عمل الأطباء في أماكن الاعتصام، أشارت إلى وجود أعداد كبيرة للجرحى والقتلى؛ إذ تم استخدام العنف المفرط لتفريق المدنيين العزّل. هذا فيما قال عضو لجنة المفاوضات مع المجلس العسكري، صديق يوسف، للتلفزيون العربي إنّ المجلس العسكري نسّق مع السعودية والإمارات لفض الاعتصام بالقوة.


وتحت عنوان "احتجاجات السودان"، فتحت قناة "بي بي سي عربي" الهواء، لمشاهد من الخرطوم، ونقل الجرحى المدنيين إلى المستشفيات، مع لقطات قريبة للمواجهات في الشوارع. وركزت القناة تغطيتها من خلال سلسلة من المداخلات الهاتفية مع محللين سودانيين ومختصين في الشأن السوداني، عن إمكانية قيام ثورة ثانية، إلى جانب تسليط الضوء على أركان الثورة المضادة في البلاد.

من جانبها، تحوّلت قناة "العربية" السعودية إلى ما يشبه الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري السوداني، ليظهر انحيازها بشكل واضح ضد المعتصمين. وهو ما دأبت عليه في تغطيتها، عبر إبراز وجهة نظر العسكر على حساب المتظاهرين منذ بدء الاعتصام.

وإمعاناً في هذه التغطية المنحازة، قامت القناة، اليوم، بنقل وجهة نظر المجلس العسكري لا السودانيين، فجاءت كل "عواجلها" نقلاً عن "مصادر المجلس". هكذا بثّت أخباراً عاجلة من نوع "الأمن دخل الميدان بعد دخول مجموعة كبيرة من المخالفين إليه، وأن فارين من منطقة كولومبيا دخلوا إلى مكان الاعتصام، ما اضطر الأمن إلى مطاردتهم"، في تبرير واضح لعمليات القتل الحاصلة.

واستخدمت القناة تعبير "محاولة الفض" طيلة تغطيتها، مبرّئة المجلس العسكري من عمليات المجزرة، ومعلنة أن "الجهة المسؤولة عن إطلاق النيران غير معروفة حتى الآن"، وهو ما يفتح الباب لشيطنة المتظاهرين وإظهار المجلس العسكري كمجلسٍ سلمي، في بروباغندا تستمر القناة في الترويج لها في أكثر من دولة عربية، دعماً منها للعسكر. 

ولعلّ الخبر العاجل الأكثر استفزازاً للسودانيين كان أيضاً نقلاً عن المجلس العسكري، معتبرة أن عمليات القتل هي عمليات تنظيف لساحة الاعتصام. فجاء في الخبر "مصادر المجلس العسكري: الشرطة نظفت ساحة الاعتصام بعد خروج المعتصمين ولن تسمح بعودتهم".


من جهتها، بثّت قناة "سكاي نيوز عربية" مقاطع للسودانيين الفارين من مكان الاعتصام على وقع إطلاق النار، مركّزةً على "مغادرة المتظاهرين مكان الاعتصام على وقع محاولة الفضّ" كما سمتها. وبعد ساعاتٍ من ذلك، أخذت القناة منحى "العربية"، فنقلت عن المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي في السودان قوله "كنا على تواصل حتى صباح اليوم مع قيادات في قوى الحرية والتغيير، لم نفض الاعتصام بالقوة.. والمعتصمون فروا من ساحة الاعتصام بعد دخول الخارجين على القانون من ساحة كولومبيا"، ناقلةً "أمله" في استمرار "الحوار السياسي".

وكانت قناتا "العربية" و"سكاي نيوز" الأوليين في نقل مصادر عن المجلس العسكري تتحدث عن "دعوته إلى استئناف مفاوضات الانتقال مع قوى الحرية والتغيير".

وفيما كان الإعلام السعودي ـ الإماراتي يتحدث عن حالة "إرباك" في السودان، كان المغرّدون ينشرون تعليقاتهم ومقاطع فيديو تُظهر عنف العسكر عبر وسوم "#لم_تسقط_بعد" و"#فض_اعتصام_القياده_العامه" و"#مجزرة_القيادة_العامة" و"#السودان" وغيرها.

وأظهرت المقاطع اعتداء عساكر على المواطنين العزل بالعصيّ وضربهم بشكل مبرح، كما أظهرت خروجهم إلى الشوارع بأعداد كبيرة، فيما سُمع إطلاق الرصاص في أغلب الفيديوهات. 

وتخوّف الناشطون من تكرار سيناريو فض اعتصام رابعة العدوية في مصر، مشددين على رفضهم إعادة السيناريو المصري في السودان. وأشار الناشطون إلى أنّ اجتماع القمة العربية الأخير يبدو أنّه تمخّض عنه إباحة الاعتداء على الثوار السودانيين. 

ودعا الناشطون إلى النزول مجدداً إلى الميادين وإغلاق الطرق والمشاركة في عصيان مدني شامل، كما نشروا سجلات بأسماء المصابين في عدد من الشوارع.
 
أما حساب "شبكة المدونين السودانيين" فكان ينقل بشكل لحظي وعاجل كل التطورات التي تحصل في الخرطوم. 







ذات صلة

الصورة
أطفال سودانيون في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور في السودان (الأناضول)

مجتمع

أفادت منظمة أطباء بلا حدود بأنّ طفلاً واحداً على الأقلّ يقضي كلّ ساعتَين في مخيّم زمزم للنازحين بولاية شمال دارفور غربي السودان بسبب سوء التغذية.
الصورة
نازحون سودانيون في مدرسة في وادي حلفا 1 (أشرف شاذلي/ فرانس برس)

مجتمع

في فناء رملي لمدرسة تحوّلت إلى مركز إيواء للنازحين في شمال السودان، يلعب أطفال بالكرة. من حولهم، ينتظر عشرات الأشخاص المنهكين الفارين من الحرب، منذ أشهر، تأشيرة دخول الى مصر.
الصورة
تشاد (مهند بلال/ فرانس برس)

مجتمع

فرّ مئات الآلاف من السودانيين من الحرب في بلادهم إلى تشاد، ووجدوا الأمان في أكواخ هشّة في مناطق صحراوية، لكنّهم باتوا أمام تحدٍّ لا يقلّ صعوبة وهو إيجاد الرعاية الطبية والأدوية للبقاء على قيد الحياة.
الصورة
مطار إسطنبول الدولي (محمت إيسير/ الأناضول)

مجتمع

استغاثت ثلاث عائلات مصرية معارضة لإنقاذها من الترحيل إلى العاصمة المصرية القاهرة، إثر احتجازها في مطار إسطنبول الدولي، بعدما هربت من ويلات الحرب في السودان عقب سبع سنوات قضتها هناك، مناشدة السلطات التركية الاستجابة لمطلبها في الحماية

المساهمون