فلسطينيون عن "قدوتنا رئيسنا": أبو مازن على خطى القذافي

فلسطينيون يسخرون من كتيّب "قدوتنا رئيسنا": أبو مازن على خطى القذافي

10 مايو 2019
عند الإعلان عن الكتيّب (تويتر)
+ الخط -
أثار إعلان وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إطلاق كتيّب بعنوان "قدوتنا رئيسنا" ردود أفعال كثيرة على مواقع التواصل، معظمها رافضة للفكرة. إذ ضجّ موقعا "تويتر" و"فيسبوك" بالتعليقات التي اعتبرت أن الخطوة لم تكن موفقة، كونها تعزّز من سلطة الفرد، وسيكون لها أثر على التلاميذ على مقاعد الدراسة، حيث سيتم توزيع الكتيب عليهم ضمن المنهج الدراسي المحلي. 

وما كاد ينتهي الحفل الذي نظمته وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في رام الله لإطلاق كتيب "قدوتنا رئيسنا" الذي يضم اقتباسات مأخوذة من كتابات سابقة للرئيس محمود عباس، حتى انهالت التعليقات من الناشطين الفلسطينيين رفضاً لإصدار الكتيب.
"قدوتنا رئيسنا" صدر من ضمن مبادرة بعنوان "لأجل فلسطين نتعلم"، بحضور وزيري التعليم مروان عورتاني والثقافة عاطف أبو سيف وأعضاء من اللجنتين المركزية لحركة "فتح" والتنفيذية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية"، مثل عزام الأحمد، وصائب عريقات، وشخصيات أخرى.

وقد ذهب كثير من المعلقين إلى تشبيهه بـ"الكتاب الأخضر" الذي ألّفه معمر القذافي غداة ثورته التي حكم بمقتضاها ليبيا لنحو أربعين عاماً.

وفي وقت استعان فيه ناشطون فلسطينيون بأقوال العلماء التي تدلل على الصفات الواجب توفرها في شخصية "القدوة"، تساءل آخرون عما سيحويه الكتيب، خصوصاً مع إعلان الوزير عورتاني أن الوزارة ملتزمة بطباعته وتعميمه على مدارس الوطن.

الناشط صلاح أبو شمالة قال في تدوينة له إن "الحالة الفلسطينية لم تكن فقيرة لإصدار كتاب يحمل بعض الاقتباسات عن الرئيس، وهذا لا يعني التشكيك بوطنية الرجل ولا بالمعارضة لمشروعه الفكري. ولكن الحياة الفلسطينية مليئة بالحالة الثقافية والتوعوية والإنتاج الأدبي والوطني والثوري بما يمكن أن يعزز المنهاج الفلسطيني".

وطرح أسئلة من بينها "لماذا لا يقرأ طلابنا على امتداد المراحل التعليمية عائد إلى حيفا، وأم سعد، وأرض البرتقال الحزين، وموت سرير رقم 12، وما تبقى لكم؟؟ وغيرها من الإنتاج الأدبي المقاوم ضمن تعزيز الروح الوطنية من خلال اللغة العربية!! لماذا لا نقرأ فلسطيني بلا هوية والذي يحمل قيمة نضالية أكثر من تلك المنتشرة في منهاج التربية الوطنية وغيرها؟".

ورد عليه أحمد مصطفى قائلاً: إن "مَن يدير هذه المنظومة التعليمية هو مَن يتحمل عواقب المسؤولية الثقافية، وأقصد كل من اقترح فكرة إعداد الكتيّب.. إنهم لا يبحثون عن الثقافة، بل عن تعزيز مواقعهم في سُلّم الخدم يا صديقي".


أما الإعلامية رولا سرحان، فعلّقت قائلة: إن "عملية صناعة الرمز؛ أو تقديم النموذج؛ هي عملية سيكولوجية بالأساس تفرضها كاريزما قوية لشخصية القائد تماماً مثلما كانت كاريزما حضور الرئيس الراحل ياسر عرفات، طاغية الحضور، دون الحاجة إلى إثبات أو تأكيد، أو كتيبات أو اقتباسات"، مضيفةً أن "النموذج الملهم؛ يفرض حضوره من حضور إنجازاته على الأرض، المبنية على مقدرة فذة لتطويع الظروف الاستثنائية وجعلها ملائمة للفرضية التي يطرحها".

وختمت تعليقها الطويل بتوجيه نصيحة للرئيس، قائلة "واستعِنْ على صَلاحِ قلبِكَ بشيءٍ من العُزلةِ.. فالقلبُ يُفسِدهُ الزِّحَام".


النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني المنحل محمود الخطيب من رام الله، أدى برأيه أيضاً، بقوله: "لا يعنيني نقد الأمر دينياً كما فعل كثير من البسطاء، فالموقف سياسي... ما يعنيني أمر هذه العقلية التي أوصلت الأمور إلى هذه الزاوية..  معقول ناقشوا في اللجنة التنفيذية مثل هكذا قضايا وقرروا فرضها... معقول الرئيس هو من يفكر بمثل هكذا زوايا، وإذا كان كذلك مع تقدم عمره فالرؤية المحصورة عنده بحاشيته لا تتعدى تلك الزاوية.. مصيبة وكارثة أن نرى الوطن برؤية الأشخاص، لا بل نقدس تلك الرؤى، ونجعلها الميزان وندرسها ونعممها".


أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت عماد الأصفر، كتب بلغة عامية معلقاً "يعني عريقات وعزام وعورتاني وأبو سيف يروحوا يناموا مرتاحين واحنا سهرانين نكداً وتحسباً من جلطة"، وأتبع ذلك بمنشور آخر قائلاً "فتح ليست حزب بعث، ولا نريدها كذلك، ولا نريد من يريدها كذلك، ولا نريد من حكومتها أن تكرس نظاماً شمولياً بائساً؛ يلقن التلاميذ أقوال الرئيس. هذا فعل غير لائق".

أما الصحافي مجاهد مفلح، فكتب رداً طويلاً حول إصدار كُتيّب "قدوتنا رئيسنا"، رافضاً ما يبرره البعض من أنه جاء في سياق تشجيعي للتلاميذ على البحث العلمي. متسائلاً "إذا سلّمنا بهذه الحجّة المهزلة، هل كان سيصدر وسيعمم هذا "البحث" الذي أعدته طالبات في ثانوية البيرة قبل أشهر، لو كان تناول شخصية مخالفة للخط السياسي الذي ينتهجه "أبو مازن"؟

وتابع "لماذا لم تفكروا بكتاب يضم اقتباسات لمختلف القيادات والشخصيات الفلسطينية البارزة؟ من لا يجرؤ على ذلك ليرح نفسه ويرحنا معه، ويتجنّب الشتائم التي لحقته ولحقت القدوة التي يريد".

المساهمون