تخوّف نقابي تونسي على حرية الصحافة ومطالبات بحمايتها

تخوّف نقابي تونسي على حرية الصحافة ومطالبات بحمايتها

10 ديسمبر 2019
(جديدي وسيم/SOPA Images)
+ الخط -

رغم التأكيدات المتتالية من قبل الرئيس التونسي قيس سعيد ورئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي بأن حرية الصحافة مكسب ثوري لا يمكن التخلي عنه بأية حال من الأحوال، ولقائهما بنقيب الصحافيين التونسيين وتقديم ضمانات في هذا المجال، إلا أن النقابات الإعلامية في تونس، ومنها "النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين" و"النقابة العامة للإعلام" (المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل)، لا تزال تخشى على حرية الإعلام.

المخاوف تزايدت بعد وصول أحزاب وتيارات سياسية إلى البرلمان، المعروفة بعدائها للصحافيين، وأبرزها ائتلاف الكرامة الذي قام بعض نوابه يوم الأحد 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بالاعتداء على الصحافيين ومنعهم من العمل من خلال وضع أيديهم على كاميرا التلفزيون الرسمي لمنع نقل الإشكالات الدائرة بالبرلمان. هذه الحادثة دفعت النقابة العامة للإعلام إلى إصدار بيان هددت فيه برفع الشارة الحمراء داخل مجلس نواب الشعب أو الإضراب، في حال تواصل المسّ بالعمل الصحافي.

من ناحيتها، سارعت النقابة الوطنية للصحافيين، والتي عبّرت في أكثر من مناسبة عن تخوفها على حرية الصحافة مطالبةً باليقظة حتى لا تتمّ العودة بالإعلام التونسي إلى مربع الاستبداد الأول عبر المال الفاسد وسيطرة بعض الأحزاب على وسائل إعلام، إلى الاجتماع بممثلين عن المجتمع المدني وممثلي وسائل الإعلام السمعية البصرية العمومية (الرسمية) والخاصة وممثلي جمعية مديري الصحف، اليوم الثلاثاء، لوضع وثيقة للالتزامات المحمولة على كل الأطراف لضمان حرية الصحافة والتعبير.

وشخصت النقابة مواطن ضعف الإعلام التونسي في سبع نقاط أهمها، منظومة تشريعية وقانونية غير مكتملة خاصة في ما يتعلق بإرساء الهيئة التعديلية الدستورية، وغياب الإطار القانوني المنظم للإعلام العمومي، وتأخر مؤسسات إصلاح الإعلام العمومي في مستوى حوكمتها وتنظيمها وآليات تمويلها مما يهدد قدرتها على أداء وظائفها، ووجود مؤسسات صحافية هشة وغير قابلة للحياة أحياناً، ما يجعلها غير قادرة على إنتاج مضامين جيدة، وتُضاف لها سوق إعلانات تجارية محدودة وغير منظمة مما يفسد التنافس الحر والعادل على الموارد الضرورية لديمومة المؤسسات الإعلامية الخاصة والعامة، إضافةً إلى غياب تنظيم قانوني للإعلانات الرسمية وفق المعايير الدولية.

ودعت النقابة إلى ضرورة الخروج من هذه اللقاءات بوثيقة تحدد الالتزامات المحمولة على كل الأطراف المتدخلة في العملية الإعلامية، لضمان ديمومتها وضمان حرية الصحافة. وأهم هذه الالتزامات هي، الالتزام بوضع التشريعات الضامنة لحرية الرأي والتعبير ولصحافة حرة ومستقلة، والالتزام بدعم الإعلام العمومي بمختلف مؤسساته حتى يؤدي أدواره كمؤسسة من مؤسسات الديمقراطية، والالتزام بدعم منظومة التعديل ومنظومة التعديل الذاتي لضمان استقلالية هذه المؤسسات وأدائها لأدوارها، والالتزام بوضع سياسة عمومية لضمان ديمومة الإعلام الخاص عبر التوزيع العادل والشفاف للإعلانات التجارية الرسمية وإرساء آليات الدعم المناسبة لتعزيز قدرة مؤسسات الإعلام العمومي على إنتاج صحافة ذات جودة. إضافةً إلى الالتزام بالعمل على وضع سياسة عمومية ضامنة للتميز المهني للصحافيين ولمكانتهم الاجتماعية، وقادرة على توفير فرص الابتكار عبر آليات دعم مناسبة لمشاريع صحافية مجددة والالتزام بدعم منظومة التكوين الجامعي والتدريب المهني حتى تتوفر للصحافيين الشروط الضرورية للترقية المهنية.

وهذه الالتزامات ترى النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين وشركاؤها الاجتماعيون ومن المجتمع المدني أنها ضرورية، حتى لا يعود الإعلام إلى "بيت الطاعة لدى السلطة الحاكمة" مهما كان لونها السياسي، وتحصيناً للإعلام التونسي من المال الفاسد الذي عرف طريقه إلى بعض المؤسسات الإعلامية مما قد يؤدي إلى توظيف هذه المؤسسات لخدمة أجندات سياسية ومصالح شخصية ضيقة.

المساهمون