حزب الله يُصعّد ضد "الجديد" ويُحرّض على صحافييها

الاعتداء على الإعلام اللبناني: حزب الله يُصعّد ضد "الجديد" ويُحرّض على صحافييها

20 نوفمبر 2019
احتجاج لمناصري "حزب الله" أمام "الجديد" (ابراهيم عمرو/فرانس برس)
+ الخط -
لا مجال للرأي الآخر أو لكشف الفساد. هذا ما حاول مؤيدو "حزب الله" و"حركة أمل" المندفعون إلى أمام مبنى قناة "الجديد" في بيروت ليل أمس الثلاثاء قوله، اعتراضاً منهم على مقدّمة النشرة المسائيّة، والتي حمّلت فيها القناة "حزب الله" مسؤولية الاعتداء على مراسليها إثر حملةٍ إلكترونيّة، جرّاء صمت الحزب.

لطالما أعرب مناصرو "حركة أمل" عن انزعاجهم من القناة ورأيها، ونفّذوا عراضاتٍ احتجاجيّة أمام مقرّها، بل أحرقوا أيضاً سيارات نقل مباشر تابعة لها سابقاً، وحطّموا واجهة القناة. والدعاوى القضائيّة من الحركة ضدّ القناة تشهد على ذلك "الانزعاج"، وليس آخرها تقدّم رئيس مجلس النواب نبيه بري بشكوى ضدّها قبل أيام. بعدها، أعلن النائب عن الحركة، هاني قبيسي، عن اقتراح قانون معجّل مكرر لرفع الحصانة عن الوزراء لملاحقتهم في قضايا هدر المال العام، مضيفاً تعليقاً عن "الجديد"، قائلاً "#قناة_الجديد، نطمئنكم بأن الاقتراح لن يطحن بمطرقة المجلس النيابي لأننا تقدمنا به أنا والزميل حسن فضل الله بعد الحصول على موافقة الرئيس بري لتبدأ المحاسبة وخاصة في كيفية تمويل محطة تلفزيونية تفتح الهواء منذ شهر ٢٤/٢٤".

في ذلك اليوم، انطلقت حملة عمّمت أرقام هواتف مراسلي القناة وصحافييها، فعمد مناصرون للحركة والحزب وضعوا صوراً لأمين عام حزب الله، حسن نصرالله، وللإمام موسى الصدر، بالتحرش بالصحافيين، محاولين إزعاجهم وأذيّتهم وثنيهم عن إعلان مواقف تؤيّد الثورة.

بعد كلّ ذلك بيوم واحد، تحدّثت القناة عن الاعتداء على مراسليها، وعن الانتهاكات الدستوريّة الحاصلة في البلاد، في مقدّمة قالت فيها "جلسةٌ تشريعيةٌ ثانيةٌ تَسقُطُ بضربةِ ثورة .. وصُدّق/ ولثلاثاءَ آخرَ لم يكن مجلسُ النوابِ سيدَ نفسِه ولا استطاعَ إليه سبيلا.. ومَن أمكنَهُ ذلك كان إما عَبرَ قضاءِ الليلِ حتّى الصباحِ في محيطِ ساحةِ النجمة وإما بالوصولِ عَبرَ دراجةٍ ناريةٍ كالنائب علي عمّار/ (...)/ ولمّا بات وزيرُ المالِ علي حسن خليل معَ رئيسِ المجلسِ في الغُرَفِ القريبةِ المُغلقةِ فقدِ استيقظَ على موكِبِه يُطلقُ النارَ بينَ المتظاهرين/ ما دفعَه إلى إطلاق رَشَقاتٍ سياسيةٍ على وزيرةِ الداخلية ريا الحسَن/. (...) أحكمَ المتظاهرونَ السيطرةَ على برلمانِ الشعبِ فأعادوا "النَّصابين" أدراجَهم بلا نِصاب (...) أما شغَبُ القصورِ فقد تولاهُ الحكَمُ المتمثّلُ في الرئيس ميشال عون/ وآخرُ أهدافِه تشكيلُه حكومةً معَ التأليفِ والتكليف/ (...) وبما يتبيّنُ فإن عون ساهر فقط على مستقبلِ صِهرِه وزيرِ العهد".

وتواصل مقدمة الجديد "فخامةَ الرئيس" ليس مِن اختصاصِك تأليف حكوماتٍ قبلَ التكليف.. (...) الرئيس مأخوذٌ بالمهاترات .. ومجموعاتٌ مِن حِزبِ الله بغطاء غير رسمي تُديرُ أمرَ عملياتٍ ضِدَّ الإعلام.. وما تعرّض ويتعرضُ له موظفو الجديد لا يقبلُه عقلٌ ولا دين.. افتراءاتٌ وشتائمُ وصورٌ إباحيةُ وتوزيعُ خُطوطِ زميلاتٍ وزملاء.. ومعظمُ الجيوش من البراغيتِ المُهاجمة تحتمي بصورةِ السيد حسن نصرالله لادّعاءِ الحَصانةِ الحزبية / ومعَ استمرارِ القصفِ المركّزِ على الزملاءِ وأعراضِهم فإنّ الحزبَ صمَتَ عن الإدانةِ أو عن تسطيرِ بيان من بياناته الرادعة .. ولأن الصمتَ علامةُ الرضا فإنّ الجديد تحمّلُه اليومَ مسؤوليةَ هذا الهجومِ حتى يتبينَ العكس. الجديد تركت الرد على رئيس مجلس الإدارة تحسين خياط الى حينه.. وصمتت على الكثير من الافتراءات في الهرب والقروض وخلافه.. لكن عندما يصل الامر الى أعراض الناس.. فسوف لن نضع نقطةً على أي سطر".

لم يكن في المقدّمة أي تعرّض لحزب الله، لا بل إنّ القناة طالبته بالتحرّك في كلامها. لكنّ مناصرين للحركة والحزب حضروا إلى مقر القناة، عددهم كان حوالى 50 في الجولة الأولى، ثم أكثر من ذلك بقليل في الجولة الثانية، ليل الثلاثاء، محتجّين وهاتفين ضدّ مالكها تحسين الخياط، واصفينه بـ"الحرامي" و"الصهيوني".


ترافق كلّ ذلك مع حملة شتم وتحريض إلكترونيّة ضدّ القناة ومراسليها، ووصفها بقناة الفتنة، لا بل أيضاً بتعابير كـ "الحقارة" و"الإفلاس" و"الإرهاب" إلى جانب تعبير "الثورة"، كمُبرّر لمهاجمتها. لكنّ الحملة التي شاركت فيها حسابات وهمية بالدرجة الأولى، باستخدام وسم "دكانة الجديد" على "تويتر"، دعت أيضاً إلى الاعتداء الجسدي والمادي على الصحافيين والقناة، ولإحراقها.

كلّ هذا، بينما شخصيّات مؤيدة للحزب ومقرّبة منه، تُشجّع هذا التحريض وتُمجّده على مواقع التواصل الاجتماعي، طبعاً من دون تحرّك "تويتر" لا لحذف التهديد ولا لحذف الحسابات الوهميّة؛ لتُشارك الشركة، بشكلٍ غير مباشر، في قمع آراءٍ في لبنان أيضاً، بعد مساهمتها في القمع في دول عربية أخرى كفلسطين والسعودية.

المساهمون