شبهة عدم الدستورية لنص في قانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني

نص في قانون الجرائم الإلكترونية الفلسطيني تحت شبهة عدم الدستورية

24 أكتوبر 2019
نص القرار (العربي الجديد)
+ الخط -
قررت محكمة صلح رام الله، اليوم الخميس، إحالة المادة 39 من قانون الجرائم الإلكترونية إلى المحكمة الدستورية الفلسطينية للبت في دستوريتها، وهي المادة التي استند إليها قرار محكمة الصلح بحجب 59 موقعاً وصفحة إلكترونية. وقد حصلت "العربي الجديد" على صورة عن نص قرار المحكمة.

إحالة المادة جاء بعد طلب محاميَيّ الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ونقابة الصحافيين الفلسطينيين، وهما وكلاء موقع ألترا فلسطين الذي شمله الحجب، بالتراجع عن قرار حجب المواقع، وإحالة المادة للدستورية.

ونص المادة 39 من قرار بقانون 10 لسنة 2018 بشأن الجرائم الإلكترونية هو:  "لجهات التحري والضبط المختصة، إذا ما رصدت قيام مواقع إلكترونية مستضافة داخل الدولة أو خارجها، بوضع أي عبارات أو أرقام أو صور أو أفلام أو أي مواد دعائية أو غيرها، من شأنها تهديد الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة، أن تعرض محضراً بذلك على النائب العام أو أحد مساعديه، وتطلب الإذن بحجب الموقع أو المواقع الإلكترونية أو حجب بعض روابطها من العرض".

كما نصت المادة ذاتها: "يقدم النائب العام أو أحد مساعديه طلب الإذن لمحكمة الصلح خلال (24) ساعة، مشفوعاً بمذكرة برأيه، وتصدر المحكمة قرارها في الطلب، في ذات يوم عرضه عليها إما بالقبول أو بالرفض، على ألا تزيد مدة الحجب على ستة أشهر، ما لم تجدد المدة وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في هذه المادة".

وتتيح المادة وفقا لنصها لجهات التحري والضبط أي الأجهزة الأمنية تقديم محضر للنائب العام إذا رصدت قيام المواقع الإلكترونية بنشر عبارات من شأنها تهديد الأمن القومي أو النظام العام أو الآداب العامة.

وقال محامي الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان أحمد نصرة لـ"العربي الجديد": "إن المحكمة وجدت في نص المادة شبهة مخالفة دستورية، وهو ما كان جزءا من دفوعات المحامين في جلسة المحكمة أمس الأربعاء، وهذا أمر مهم جدا حتى لو لم يتم الإحالة اليوم، كان من الضروري أن تقوم جهة ما بمراجعة المحكمة الدستورية بشأن هذا النص، لأنه يحوي انتهاكا واضحا واعتداء على الحريات، فهي تتيح للنيابة العامة حجب مواقع دون إجراءات قانونية سليمة".

ونظر محامي نقابة الصحافيين الفلسطينيين علاء فريجات للقرار في حديثه لـ"العربي الجديد" بتفاؤل نسبي، حيث من المنتظر أن تعالج المحكمة الدستورية إشكالية تحصين هذه المادة للقرارات الصادرة وفقا لها من الطعن، في حين أن حق كل إنسان الطعن على قرارات المحاكم، ولذلك بحسب فريجات توجه الدفاع إلى المحكمة ذاتها ليطلب منها التراجع عن قرار الحجب، كون القانون لم يرسم خطا للطعن القانوني.

وبحسب فريجات، فلن تستطيع النيابة العامة تقديم طلبات حجب لمواقع أخرى في ظل إحالتها للدستورية، كونها معطلة بسبب شبهة عدم دستوريتها، لكن قرار الحجب الحالي سيظل ساريا حتى رد المحكمة الدستورية، والسير قدماً بطلب الرجوع عن الحجب. وأشار فريجات إلى أن الدفاع سيتدارس تقديم طلبات أخرى أمام المحاكم لوقف العمل بقرار الحجب وفق الإمكانات القانونية المتاحة.


من ناحيته، قال المحامي والقاضي السابق داود درعاوي لـ"العربي الجديد": "إن المأخذ على القرار، هو إبقاء حالة الحجب قائمة"، مشيرا إلى أن في ذلك مخالفة قانونية حسب رأيه، فطالما أن القاضي وصل إلى قناعة أولية من ظاهر الدفوع المثارة بأن هناك شبهة دستورية للمادة، فكان عليه أن يوقف قراره بشكل مؤقت إلى حين أن تصدر المحكمة الدستورية قرارها، لا أن يبقى الحجب على المواقع.

وحول سؤال عن وجود مدة قانونية لاتخاذ المحكمة الدستورية للقرار، أشار درعاوي إلى أنه لا يوجد مدة محددة، ولكنه رأى أن القضايا الدستورية هي قضايا مستعجلة، يجب البت بها على وجه السرعة، وخاصة إذا ما تعلقت بانتهاك حقوق، كما هو حال حظر للمواقع.

وحول الإجراءات المتبعة بشأن إحالة النص في القانون إلى الدستورية، قال درعاوي: "إنه في حالة إحالة المادة من قاض بشكل مباشر؛ فالأصل أن تتصل المحكمة الدستورية اتصالا مباشرا بالدعوة، وتسير بالإجراءات فقط من خلال إبلاغ الحكومة، وثم تتخذ قرارا إما بالتدقيق (دون عقد جلسة) أو بجلسة علنية".

وأوضح درعاوي أن المحكمة الدستورية منذ أن شكلت بتشكيلها الحديث؛ جميع جلساتها انعقدت تدقيقا ولم تدع الطاعنين لمرافعات علنية ومسموعة ومنشورة ومغطاة أمام الرأي العام. وقال: "أعتقد أن على المحكمة الدستورية أن تعقد جلسة علنية لتوصل رسالة طمأنة للمجتمع الفلسطيني، خاصة ان حرية التعبير عن الرأي هي حجر الزاوية للحريات والحقوق الأخرى".

وشدد درعاوي على أن الشبهات المحيطة بالنص المحال تتعلق بحق الدفاع لأن القرار الذي يصدر عن القاضي وفقا له، لا يعتبر قرارا قضائيا؛ لأنه يصدر دون انعقاد الخصومة القضائية، ودون توفر حق الدفاع لأصحاب المواقع الذين يمكن اعتبارهم متهمين، ويتخذ بالصلاحيات الولائية لقاضي الصلح، ويمكن اعتباره قرارا إداريا يمكن الطعن به أمام محكمة العدل العليا.

وكانت محكمة الصلح في رام الله قررت في السابع عشر من الشهر الحالي، حجب 59 موقعا وصفحة إلكترونية، بطلب من النائب العام، بدعوى تهديدها للأمن القومي والآداب العامة والنظام العام، وفقا لقرار بقانون الجرائم الإلكترونية رقم 10 لسنة 2018، والذي جاء معدلا لقرار بقانون صدر عام 2017 اعترض عليه الصحافيون ومؤسسات المجتمع المدني، وبقيت لهم العديد من الملاحظات عليه بعد التعديل.

المساهمون