سنة ثامنة ثورة: الإعلام التونسي مستفيد أكبر

سنة ثامنة ثورة: الإعلام التونسي مستفيد أكبر

15 يناير 2019
تحرّكات غاضبة للصحافيين سبقت اتفاقيات مع الحكومة(فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
تتزامن الذكرى الثامنة لانتصار الثورة التونسية وإطاحتها، يوم 14 يناير/كانون الثاني 2011، بنظام الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، مع تحقيق الصحافيين التونسيين مكاسب كبرى لم تتحقق في أيّ قطاع، وفقاً للكثير من المراقبين. هذه المكاسب تُعدّ أوكسجين حياة الإعلام في تونس، وأهمها حرية التعبير التي يتمتع بها الإعلام التونسي، وتُعدّ أيضاً نموذجاً في المنطقة العربية، مثلما تؤكد المنظمات الدولية والحقوقية. 

حرية التعبير والصحافة كثيراً ما اعتبرتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين مهدّدةً، نتيجةَ الأوضاع الاجتماعيّة الصعبة للكثير من العاملين في القطاع، وهي أوضاع اعتبرها نقيب الصحافيين التونسيين، ناجي البغوري، بمثابة الخطر الأكبر على حرية الصحافة، والمدخل الممكن للعودة إلى مربع الاستبداد الأول من جديد، لذلك طالبت النقابة بتحصين القطاع الإعلامي من هذا "الخطر الداهم الممكن توظيفه من المال السياسي والمال الفاسد". وأشارت، في تقاريرها السنوية حول وضعية الحريات الصحافية التي تصدرها كلّ عام يوم الثالث من أيار/مايو، إلى الوضعية الهشة لجُلّ العاملين في القطاع والمتمثلة في تدني الأجور التي تصل في بعض المؤسسات للصحافي المبتدئ إلى 300 دينار تونسي، أي ما يعادل 120 دولارًا أميركياً.

هذا الخطر تم الحد منه من خلال توقيع اتفاقيّة إطارية بين النقابة من ناحية، ونقابات أصحاب المؤسسات الإعلامية برعاية الحكومة التونسية من ناحية أخرى، الأسبوع الماضي. وتنصّ أهم بنود الاتفاقيّة على ضمان دخلٍ مالي محترم للصحافي التونسي يجعله يعمل في ظروف مريحة نسبياً. فقد حددت الاتفاقية الأجر الأدنى للصحافي المبتدئ بـ1400 دينار تونسي، أي ما يعادل 600 دولار أميركي، و"هو إنجاز تاريخي للقطاع الإعلامي". واعتبره نقيب الصحافيين التونسيين "واحدا من الضمانات الأساسية لحرية الصحافة والتعبير، ومدخلاً مهماً للارتقاء بالقطاع وتجويد المضامين الإعلامية"، كما أشاد به الإعلاميون، خصوصاً الشباب منهم، الذين يعانون صعوبات كبرى في مستوى التشغيل وسداد أجورهم بشكل منتظم.

يضاف إلى ذلك تعهّد الحكومة التونسية بتقديم كل التسهيلات وقطعة أرض لإنجاز مشروع سكني لصالح الصحافيين، يُمكّنهم من اقتناء مساكن بأسعار تفضيلية لا تقارن بأسعار العقارات في تونس. والتعهد بتخصيص خمسة بالمائة من العائدات المالية للإعلانات التجارية الرسمية لفائدة صندوق اجتماعي يخصص للصحافيين الذين يعانون من أوضاع مالية صعبة. كما ستكون من المهام الأساسية لهذا الصندوق ضمان حياة كريمة للصحافيين الذين يتمّ تسريحهم من عملهم، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال هذه النسبة السنوية التي ستدرّ مداخيل تناهز، وفقاً للتقديرات الأولية، المليون دينار تونسي، أي ما يعادل 400 ألف دولار أميركي، وهو رقم مرتفع إذا قورن بعدد الصحافيين التونسيين الذي لا يتجاوز الأربعة آلاف صحافي في أقصى الحالات.

كما أن الرفع من القدرة التشغيلية لهذا القطاع كانت من أبرز مكاسب القطاع الذي عرف انفجاراً من حيث عدد الإذاعات التي بلغ عددها 35 محطة إذاعية بين رسمية وخاصة، والتلفزيونات التي بلغ عددها 12 قناة، منها قناتان رسميتان، بينما كان لا يتجاوز عددها قبل الثورة 15 بين محطات إذاعية وقنوات تلفزيونية، منها تسع إذاعات عمومية (رسمية) وقناتان تلفزيونيتان عموميتان (رسميتان).

إلى كل ذلك، يُضاف تأسيس هيكل تعديلي للقطاع السمعي البصري، هو الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري (الهايكا)، ما خلّص القطاع من الرقابة التي كان يفرضها عليها النظام قبل الثورة، لتصبح المهام الأساسية لهذه الهيئة التدخل للتعديل، لا للمنع من البث.
هذه المكاسب تجعل من القطاع الإعلامي المستفيد الأكبر من الثورة التونسية. مكاسب من المنتظر أن تتعزز في الأشهر المقبلة بتأسيس مجلس للصحافة الورقية والإلكترونية، والذي سيعمل على خروج قطاع الصحافة الورقية من الأزمة المالية الخانقة التي يتخبط فيها منذ سنوات، أدت إلى غلق الكثير من المؤسسات الصحافية وتراجع عدد المطبوعات من 255 مطبوعة سنة 2010، إلى أقل من 50 نشرية سنة 2018.

المساهمون