مصر: دعوات للتدوين في اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري

مصر: دعوات للتدوين تضامناً مع ضحايا الاختفاء القسري في يومهم العالمي

29 اغسطس 2018
أكثر من 20 شخصاً اختفوا قسرياً في 2013(إبراهيم عزّت/نورفوتو)
+ الخط -

دعت حملة "أوقفوا الاختفاء القسري" في مصر إلى التدوين عن المختفين قسرياً، في اليوم العالمي لضحايا للاختفاء القسري، وتسليط الضوء على معاناة أهاليهم على مدار 5 أعوام، عبر وسمي "#سنوات_من_المعاناة" و"#أوقفوا_الاختفاء_القسري".

ويتزامن اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري مع الثلاثين من أغسطس/آب من كل عام،  يُحتفل به اعتباراً من عام 2011.

وجاء في بيان الحملة، اليوم الأربعاء، أن "يتذكرونهم عند إشراقة كل شمس، وفي رائحة الوسادة التي تتكئ على أسرّتهم الباردة، وقمصانهم التي لا تزال موضّبة على ثنيتها في الخزانة منذ أعوام، يحلمون كل ليلة بلقائهم، وعلى الرغم من مرور سنوات على فقدانهم إلا أنهم لا يزالون ينتظرونهم، ويتخيلون لحظة لقائهم الأسطورية ويتأهبون لها من دون جدوى، ويهرعون إلى كل سجين أُعيدت له الحرية يتقصون أخبارهم ولكنهم يرجعون بالخيبة.. ولا يزالون يبحثون".

وأضافت الحملة "تعاني أسر المختفين قسرياً من طول فترة غياب ذويهم، وخصوصاً الضحايا الذين تعرضوا للاختفاء القسري أثناء فترة الأحداث الدامية التي حدثت عقب 3 يوليو/تموز عام 2013".

ووثّقت حملة "أوقفوا الاختفاء القسري" تعرُّض أكثر من 20 شخصاً للاختفاء القسري والفقْد خلال عام 2013 ولم يظهروا حتى الآن. ومنذ ذلك الحين تغير الكثير والكثير في حياة ذوي الضحايا، وتنوعت معاناتهم الاقتصادية والاجتماعية والنفسية.


وسلّطت الضوء على جزء من معاناة أهالي المختفين قسرياً في رحلة البحث عن ذويهم.

وعن حنان بدرالدين عبدالحفيظ عثمان التي تعرض زوجها للاختفاء القسري من محيط مدينة نصر أثناء أحداث "المنصة"، في يوليو/تموز عام 2013، حين خرج خالد من المستشفى الميداني متأثراً بإصابته في عربة إسعاف، قالت الحملة "عرفت زوجته ذلك عن طريق أطباء المستشفى الميداني، فتوجهت إلى المستشفيات المحيطة في ميدان رابعة العدوية، ومستشفيات أخرى في القاهرة بما فيها مستشفى القبة العسكري ومستشفى سجن طره. انتقلت أيضاً للبحث عنه في المشارح، وقامت بعمل تحليل DNA ولكن لم تتطابق نتيجة التحليل مع الجثث التي تواجدت في المشرحة بعد أحداث المنصة أو عقب فض اعتصام رابعة العدوية".

وأضافت "اتجهت زوجة خالد للبحث عنه في السجون ومعسكرات الأمن المركزي، ولكن الرد دائماً كان بأن الاسم غير مدرج في الكشوف".

كانت حنان بدرالدين تسلك كل السبل القانونية كما ذكر سابقاً، وقامت أيضاً باتخاذ طرق أخرى سلمية للتوصل إلى أي معلومة قد تعرف من خلالها مصير زوجها المفقود، إلا أن رحلة البحث والكتابة عن خالد توقفت عندما تم القبض عليها داخل "سجن القناطر" في 7 مايو/أيار عام 2017 من أمام بوابة "سجن القناطر". وكان سبب تواجدها هناك هو علمها بأن أحد الأشخاص كان مختفياً لمدة عام وظهر، وحاولت أن تعرض عليه صور واسم زوجها لعلّه يدلها على معلومة تستطيع البحث بها عنه.

وأكدت الحملة "لم تتوقف معاناة حنان بدرالدين على القبض وتوقف البحث عن زوجها، ولكنها تعرضت لوعكة صحية منذ دخولها السجن حيث تعاني من حمى البحر المتوسط ولم تتلقَ العلاج اللازم لها، كما أنها تعاني من استمرار حبسها احتياطاً لأكثر من عام وحتى الآن إلا أنها دخلت في إضراب عن الطعام في 6 أغسطس/آب الحالي وحتى البتّ في أمر حبسها احتياطياً في القضية رقم 5163 لسنة 2017".


وعن إبراهيم عبدالمنعم متولي حجازي، مؤسس الرابطة الذي تعرض ابنه للاختفاء القسري، إذ أُلقي القبض عليه بواسطة قوات تابعة للقوات المسلحة بتاريخ 8 يوليو/تموز عام 2013 من شارع "الطيران" في مدينة نصر في القاهرة، قرب دار الحرس الجمهوري في الساعة الثامنة صباحاً، قالت الحملة "قام والده بالبحث عنه ضمن المقبوض عليهم في قضايا أحداث الحرس الجمهوري وتبيّن عدم وجوده ضمنهم. كما قام بالبحث عنه في المستشفيات ضمن الجرحى، والقتلى، لكن من دون جدوى، وكذلك لم يتم التعرف عليه ضمن الجثث المجهولة في المستشفيات أو في مشرحة زينهم".

وأضافت "سعى إبراهيم متولي للبحث عن ابنه المختفي عن طريق مجموعات عُرفت باسم رابطة أسر المختفين قسرياً، حيث كان يتجمع أهالي المختفين بشكل يومي للبحث عن ذويهم في أماكن مختلفة من أجل الحصول على معلومات عنهم".

ألقت عناصر أمن المطار القبض عليه في 10 سبتمبر/أيلول عام 2017 خلال إنهاء إجراءات سفره إلى جنيف للمشاركة في الاجتماع السنوي لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وكان قد أعد ملفاً كاملاً عن قضية "الإخفاء القسري" في مصر لعرضه على مجموعة عمل دولية تناقش القضية. اقتيد إلى مقر الأمن الوطني في العباسية وحرم من الاتصال بالعالم الخارجي مثل ذويه أو محاميه منذ 10 سبتمبر/أيلول التاسعة صباحاً، وحتى تم التحقيق رسمياً من قبل نيابة أمن الدولة يوم 12 سبتمبر/أيلول الرابعة عصراً. تم تجريده من جميع ملابسه، ثم كهربته في أماكن متفرقة في الجسد (مفاصل اليد – الصدر – الخصيتين). تم سكب مياه باردة على جسده وإعادة كهربته مرة أخرى وتم تصويره من دون ملابس.

وتابعت "وانتقل بعد ذلك إلى سجن طرة شديد الحراسة بعد أن اتهمته نيابة أمن الدولة بتولي قيادة جماعة أسست على خلاف أحكام القانون، التواصل مع جهات خارجية، نشر أخبار كاذبة في القضية رقم 900 لسنة 2017. ثم تعرض في سجن طرة لجملة من الانتهاكات عن طريق الحبس في غرفة مليئة بالقاذورات، فيها حمام غير صالح للاستخدام الآدمي، تم فصل التيار الكهربائي عن الغرفة، غلْق الشباك الموجود بالغرفة مما أدى الى غلق منفذ الضوء الوحيد وتم غمْر الغرفة بالمياه، وأيضاً عدم سماح السجن بدخول أي أدوات نظافة شخصية أو حتى دخول ملابس داخلية حيث إنه حضر أول تجديد 20 سبتمبر إلى النيابة بملابس السجن المتسخة وكان لا يرتدي ملابس داخلية". وتم منعه من التريّض بشكل نهائي حتى إنه اتهم إدارة السجن في جلسة 9 أكتوبر بالقتل البطيء".

وقالت الحملة "لم تكن حنان بدرالدين ولا إبراهيم متولي هما الوحيدين اللذين تضررا من اختفاء ذويهم والبحث عنهم، فهناك من مات قبل أن يعرف مصير أبنائه، وهناك أسر تعرضت لضغوطات اقتصادية واجتماعية حيث إن الشخص المختفي هو العائل الوحيد وغيرهم الكثير والكثير من قصص معاناة أهالي المختفين وذويهم".

ويعتبر الاختفاء القسري جريمة لا تسقط بالتقادم طبقًا للاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي تم اعتمادها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول عام 2010 التي عرّفت الاختفاء القسري على أنه "الاعتقال أو الاحتجاز أو الاختطاف أو أي شكل من أشكال الحرمان من الحرية يتم على أيدي موظفي الدولة، أو أشخاص أو مجموعات من الأفراد يتصرفون بإذن أو دعم من الدولة أو بموافقتها، ويعقبه رفض الاعتراف بحرمان الشخص من حريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حماية القانون".

ولكن المشرّع المصري لم يعتمد نصاً صريحاً لتجريم الاختفاء القسري على الرغم من تجريمه للانتهاكات الناتجة عن الاختفاء القسري كحظر التعذيب وضرورة حماية الأشخاص قانونياً عن طريق التواصل مع ذويهم ومحاميهم، غير أن بعض التشريعات التي صدرت مؤخراً مثل القانون رقم 94 لسنة 2015 بشأن قانون مكافحة الإرهاب والتي جاءت المواد 8 و 40 و 41 و42 منه بقواعد تقنّن الاختفاء القسري وتعطي القائمين على إنفاذ القوانين –رجال الشرطة والقوات المسلحة وغيرهم من الموظفين الممنوحين صفة الضبطية القضائية بقانون أو بقرار من وزير العدل– سلطات بالمخالفة للدستور، وتعفيهم من العقاب وتقنن الاستعمال غير المشروع للقوة.

كما طالبت الحملة بـ"سرعة الإفراج عن الأستاذ إبراهيم متولي والدكتورة حنان بدرالدين، وسرعة الإفصاح عن طريق ذويهم وعن كل المختفين قسرياً منذ 2013 وحتى الآن، والتحقيق الفوري والعادل في البلاغات المقدمة من أهالي المختفين قسرياً ومحاميهم الذين ما زالوا قيد الاختفاء القسري".

المساهمون