عودة "غوغل" إلى الصين: انضمام إلى "نادي الأشرار"؟

عودة "غوغل" إلى الصين: انضمام إلى "نادي الأشرار"؟

12 اغسطس 2018
أكثر من 770 مليون مستخدم للإنترنت في الصين(فرانس برس)
+ الخط -
تعمل "غوغل" على إنشاء تطبيق مخصص للهواتف المحمولة يحظر مصطلحات بحث معينة، وبالتالي يتيح لها العودة إلى السوق الصيني، بعد خروجها منه قبل 8 سنوات بسبب الرقابة والقرصنة الإلكترونية.

ويصمم مهندسوها برمجيات من شأنها إخراج الشركة من القائمة السوداء في الصين، وفق ما أكدت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، بناءً على شخصين مطلعين لم تذكر اسميهما. وكان موقع "ذي إنترسبت" الإخباري قد كشف عن الأمر أولاً، لافتاً إلى أن تطبيق البحث الصيني صُمم خصيصاً للهواتف العاملة بنظام "أندرويد" المدعوم من "غوغل". وذكر أن المشروع عُرض على المسؤولين الصينيين.

مخاوف حقوقية

عبّر الحقوقيون في الصين عن تخوفهم من التطبيق المرتقب، معتبرين أن موافقة "غوغل" على الرقابة الصينية "ستكون يوماً مظلماً على حرية الإنترنت".

وقال الباحث الصيني في "منظمة العفو الدولية"، باتريك بون، إن "من المستحيل وجود توافق بين هذا المشروع وشعار "غوغل": قم بالشيء الصحيح. وندعو الشركة إلى تغيير نهجها هذا"، في حديثه لصحيفة "ذا غارديان" البريطانية.

كما وجهت مجموعة من 6 أعضاء ديمقراطيين وجمهوريين في مجلس الشيوخ، بقيادة ماركو روبيو، رسالة إلى الرئيس التنفيذي في الشركة، ساندر بيتشاي، يطالبونه فيها بإجابات ملموسة حول الخصوصية والرقابة، خاصة أن "غوغل" لم توضح إلى الآن صراحة "خططها المستقبلية". ووصف أعضاء مجلس الشيوخ هذه الخطوة، إذا اتُّخِذت بالفعل، بـ "المزعجة للغاية"، مشيرين إلى أنها "تخاطر بجعل "غوغل" متواطئةً في انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بنظام الرقابة الصارم في الصين"، وفق ما نقل موقع "إنغادجت".

المخاوف طاولت أيضاً أحد مسؤولي "غوغل" السابقين الذين عملوا في الصين، لقمان تسوي، إذ وصف مشروع العودة بمحرك بحث يتناسب مع القواعد الصينية بـ "الغبي"، لافتاً إلى أنه "لا يستطيع التفكير في أي سيناريو يجنب محرك البحث انتهاك حقوق الإنسان في هذه الحالة".

وشدّد على تغير مقاربة الشركة للحقوق والحريات، وأبرزها تخليها عن توظيف أشخاص مسؤولين عن "إدارة قسم حرية التعبير"، وهو المنصب الذي تولاه تسوي سابقاً، في مقابلة حصرية مع موقع "ذي إنترسبت"، يوم الجمعة الماضي.

وأكد أن إطلاق محرك البحث الخاضع للرقابة في الصين "سيكون انتصاراً معنوياً لبكين التي ليس لديها ما تخسره. لذلك إذا أرادت (غوغل) العودة، فستخضع للشروط والأحكام التي ستفرضها بكين". وقال: "لا أستطيع أن أرى كيف ستتمكن (غوغل) من التفاوض على أي نوع إيجابي من الصفقات، ولا أستطيع أن أرى طريقة لتشغيل محرك البحث في الصين من دون انتهاك معايير حقوق الإنسان الدولية".

للمفارقة، فإن صحيفة "الشعب" اليومية المدعومة من السلطات الصينية أكدت هذه المخاوف. إذ نشرت مقالة رأي صممت فيها على "الترحيب بعودة (غوغل) إلى الصين شرط امتثالها للقوانين". وحاولت الصحيفة تبرير موقف بكين بشأن الرقابة على الإنترنت، معتبرة أن "أي دولة لن تسمح أن تعج شبكة الإنترنت بالمواد الإباحية والعنف والرسائل التخريبية والانفصالية العرقية والتطرف الديني والعنصرية والإرهاب". وهذا ادعاء خاطئ، بالطبع، حيث يمكن العثور على المواد الإباحية والعنصرية على الإنترنت في أجزاء كثيرة من العالم.

صندوق "غوغل" الأسود: خدمات بالجملة لواشنطن


منافسة "بايدو"


فور انتشار التقارير الإخبارية حول نية "غوغل" العودة إلى السوق الصينية، سارع الرئيس التنفيذي في شركة "بايدو"، وهي محرك البحث الأكبر في الصين، روبن لي، إلى تحذير الشركة الأميركية من "صعوبة التعامل مع قوة الشركات الصينية"، ومنبهاً إياها إلى ضرورة معرفة أن "العالم يستنسخ الصين التي تمسك بزمام المبادرة الآن"، في رسالة وجهها عبر خدمة التراسل "وي تشات".

وكانت "غوغل" قد تأسست قبل "بايدو" في الصين، لكن عندما سحبت الشركة محرك البحث الخاص بها من الصين، عام 2010، كانت حصتها السوقية في انخفاض، وادعى لي أن هذا مرده إلى تفوق "بايدو" على الشركة الأميركية بـ "الابتكار التكنولوجي للمنتجات".

وعلى الرغم من اللهجة الحادة للرئيس التنفيذي في "بايدو"، إلا أنه لا يمكن التغاضي فعلاً عن العوائق الكثيرة التي تواجه عودة محرك البحث الأكثر شعبية في العالم. جيل كامل من الصينيين يمتلك عادات مختلفة على شبكة الإنترنت عن باقي أجزاء العالم، إذ على مدار العقد الماضي، منعت سلطات البلاد "غوغل" و"فيسبوك" و"تويتر" و"إنستغرام"، بالإضافة إلى آلاف المواقع الأجنبية الأخرى بينها موقع "ويكيبيديا" الصيني.

وقد ظهرت مجموعة كبيرة من المواقع الصينية لتوفير الخدمات نفسها، على الرغم من الرقابة الواسعة المفروضة على مستخدميها. كما أن نظام الرقابة أكثر تشدداً في الصين حالياً مقارنة بعام 2010، حين سُحب محرك البحث "غوغل" من أسواقها.

في المقابل، يعدّ سوق الإنترنت حالياً أكبر وأكثر ربحاً. إذ تضم البلاد حالياً أكثر من 770 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت، ومعظمهم يستخدم الأجهزة العاملة بنظام تشغيل "أندرويد"، وفقاً لموقع "وايرد" المتخصص في الأخبار التقنية.

بدء حقبة الفيديوهات الزائفة... انهيار الواقع المشترك


الأزمة الأخلاقية


يأتي الجدل حول محرك البحث الصيني المقترح بعد البلبلة التي أثارها قرار "غوغل" بتطوير برنامج خاص بوزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) يستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي في تحليل لقطات الفيديو، ويمكن استغلاله في تحسين أهداف هجمات الطائرات من دون طيار (درون).

وعلى الرغم من أن شركات التكنولوجيا تسعى غالباً نحو عقود في قطاع الدفاع الأميركي، إلا أن مشاركة "غوغل" في برنامج "مايفن" استفزت الموظفين.

وفي أواسط أيار/مايو الماضي، حصدت عريضة أطلقت في شباط/فبراير لمطالبة غوغل بالبقاء خارج "تجارة الحرب" أكثر من أربعة آلاف توقيع بين الموظفين، كما أن نحو 12 موظفاً لوحوا بالاستقالة.

احتجاج الموظفين دفع الرئيس التنفيذي إلى تأكيد عدم السماح باستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي الخاصة بـ "غوغل" في صناعة الأسلحة أو أساليب المراقبة غير المنطقية، كجزء من جهودها لتنظيم معاييرها في المجال، ومحاولة التركيز على الحصول على عقود حكومية في مجال الأمن السيبراني والتجنيد العسكري والبحث والإنقاذ.

وكانت رئيسة سحابة أعمال "غوغل"، دايان غرين، أخبرت الموظفين، في يونيو/حزيران الماضي، بأن العقد مع البنتاغون لن يُجدّد عندما تنتهي مهلته العام المقبل، وفق ما أفادت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية وموقع "غيزمودو" المتخصص. لكنّ التقارير أشارت إلى أنّ الصفقة تستمرّ 18 شهراً.

المساهمون