روسيا وقوانين الرقابة: تنصّت بالأثر الرجعي

روسيا وقوانين الرقابة: تنصّت بالأثر الرجعي

06 يوليو 2018
من تظاهرة لحرية الإنترنت في روسيا (صفا كراشان/الأناضول)
+ الخط -
مع دخول حزمة قوانين "مكافحة الإرهاب" والمعروفة إعلامياً بـ"حزمة ياروفايا" حيز التنفيذ في روسيا اعتبارًا من 1 يوليو/تموز الجاري، يتخوّف المدافعون عن الحريّات من تحوّلها إلى أداة الدولة للرقابة التعسفية على مضمون الاتصالات والمراسلات.
ويتخوف الناشطون أيضاً من التنصت على الاتصالات بالأثر الرجعي، خصوصاً أنّ القوانين الجديدة تلزم شركات الاتصالات والإنترنت بحفظ الرسائل النصية والتسجيلات الصوتية للمكالمات والصور والفيديو والرسائل الإلكترونية لمدة ستة أشهر، مع منح مهلة حتى 1 أكتوبر/تشرين الأول المقبل فيما يتعلق بحفظ بيانات حركة الإنترنت (ترافيك) بالخوادم.


في هذا الإطار، يأخذ المدير التنفيذي لـ"مجموعة الدفاع عن الإنترنت"، ميخائيل كليماريف، على "حزمة ياروفايا" أنها لا تنظّم إجراءات الاطّلاع على البيانات المحفوظة، وتتعارض مع المادة الـ23 من الدستور الروسي التي تكفل سرية المراسلات والاتصالات باستثناء حالات صدور قرارات قضائية.
ويقول كليماريف في حديث لـ"العربي الجديد" إن "المأخذ الرئيسي على "حزمة ياروفايا" أنها لا تُنظّم بأي شكل من الأشكال كيفية الاطلاع على البيانات المحفوظة"، متسائلاً في ذات السياق: "مَن يحق له الاستماع إلى المكالمات المسجلة؟ بموجب أي مسوّغات ووثائق؟ مَن سيراقب قانونية الاطلاع على أرشيف البيانات؟".
وحول تأثير ذلك على المستخدمين العاديين، يضيف: "ينطبق القانون على جميع عملاء شركات الاتصالات الروسية، وليس المواطنين الروس وحدهم. يعني ذلك أن "المستخدمين العاديين" هم كل من يستخدم البنية التحتية لشركات الاتصالات الروسية، وسيتم تسجيل مكالماتهم جميعاً، بمن فيهم المتحدثون مع الروس في الخارج. ستتمكن الأجهزة الخاصة من التنصت على مكالمات "المستخدم العادي" بلا رقابة وبشكلٍ تعسفي، وقد تنشأ السوق السوداء لمثل هذه البيانات والتسجيلات، ليطلع عليها من يشاء".

على مدى العامين الماضيين، لم تواجه "حزمة ياروفايا" انتقادات من الحقوقيين فحسب، وإنما أيضاً من اللاعبين في قطاع الاتصالات لقناعتهم بأن تطبيقها سيكلف الشركات الكبرى مليارات الدولارات لإنشاء مراكز لمعالجة وحفظ البيانات، وسيدفع بها إلى حافة الإفلاس، ناهيك عن الصعوبات التقنية المتعلقة بذلك. إلا أنّ سلسلةً من مفاوضات طويلة بين اللاعبين في القطاع والسلطات المعنية، أسفرت عن التوصل إلى اتفاق للتطبيق التدريجي للقانون، ممّا خفّف الأعباء المالية على الشركات بعض الشيء.




ويوضح كليماريف أن شركات الاتصالات الروسية لم تف بالمتطلبات التقنية لـ"حزمة ياروفايا" بشكل كامل بعد، ولكنها قابلة للتحقيق فيما بعد.
ويخلص إلى أن "استخدام الاتصالات الهاتفية في روسيا الاتحادية لم يعد آمنا منذ 1 يوليو/تموز 2018، لأن جميع المكالمات قد يتم تسجيلها واستخدامها ضد المواطن بشكل تعسفي".

في تلك الأثناء، بدأت المواقع الليبرالية والمعارضة بتقديم نصائح للمستخدمين حول كيفية تجنب التنصت. ونصحت قناة "دوجد" متابعيها بعدم التحدث في مواضيع "حساسة" هاتفيا، واستخدام الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) عند التواصل عبر تطبيقات التواصل مثل "واتساب" و"سيغنال" والمحادثات السرية بـ"تيليغرام"، محذرة من شبهات تعاون شبكة "فكونتاكتي" الروسية للتواصل الاجتماعي مع أجهزة الأمن.

في المقابل، يشدد المدافعون عن "حزمة ياروفايا" على أن تطبيقها لا يعني تلقائياً السماح للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، بالتنصت على المكالمات والمراسلات، بل يتطلب ذلك الحصول على إذن من النيابة أو لجنة التحقيق أو القضاء.
واعتبر الخبير بالأكاديمية الروسية للاقتصاد الوطني والإدارة العامة، فلاديسلاف غينكو، أن اعتماد حزمة القوانين يدل على "انتهاج روسيا سياسة منفتحة في مجال الأمن"، على حد قوله.
وقال غينكو في حديث لموقع "إنفو رياكتور" إن "جميع الخطوات معلنة، ولا يتم عمل شيء خارج أحكام القانون"، محملا الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة المسؤولية عن التنصت على مواطنيهما بشكل سري.
وأضاف: "أظهر البحث عن "المسؤولين" عن "التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية" بجلاء، أن وكالة الاستخبارات المركزية ومكتب التحقيقات الفدرالي أصبحا دمى بين أيدي السياسيين لتصفية الحسابات بين بعضهم البعض. وبغطاء البحث عن "الإثباتات"، يتم تلفيق "أدلة" تظهر تدهورا كاملا لمنظومة حماية حقوق الإنسان في الولايات المتحدة".
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قد وقع في يوليو/تموز 2016 على حزمة قوانين "مكافحة الإرهاب" التي اقترحتها النائبة البرلمانية إيرينا ياروفايا، إلى أن اعتمدت الحكومة الروسية في أبريل/نيسان الماضي، القواعد لشركات الاتصالات.
وفي السنوات الماضية، سعت روسيا لتشديد رقابتها على الإنترنت من خلال سن قانون يلزم بحفظ البيانات الشخصية للمواطنين الروس داخل روسيا، مما تسبب في حجب شبكة "لينكد إن" بعد إدراجها على قائمة "منتهكي حقوق أصحاب البيانات الشخصية" في نهاية عام 2016.

دلالات