أنس أزرق: ندين الديكتاتورية وإجرام بشار الأسد

المدير التنفيذي لـ"تلفزيون سوريا" أنس أزرق: ندين الديكتاتورية وإجرام بشار الأسد

16 يوليو 2018
خرج أنس أزرق من سورية عام 2013 (تلفزيون سوريا)
+ الخط -
استبق المدير التنفيذي لـ"تلفزيون سوريا"، أنس أزرق، الإطلاق الرسمي للقناة، بكتابته في شباط/فبراير الماضي، مقالة بصحيفة "العربي الجديد" بعنوان "في الانحياز الأخلاقي" إثر حملة قام بها بعض السوريين، تُشكّك بمواقفه من الثورة ونظام بشار الأسد، وتلمح لعمله السابق سواء بالتلفزيون السوري أو بقناة "المنار" (التابعة لحزب الله اللبناني). 

ورغم أن أزرق، وقبل إطلاق "تلفزيون سوريا"، حاول توضيح موقفه من الثورة وقدّم "اعترافاً" لم ينكره أصلاً، ورغم أنه لم يحتل أي موقع رسمي في سورية بينما بعض قيادات المعارضة من احتلوا مواقع رسمية، إلا أن الحملة استعرت بعد إطلاق القناة في آذار/مارس الماضي، ربما بسبب طبيعة الفضاء الإعلامي. وما إن هدأت الحملة، بعد بث القناة لمحتوى يعبر عن الثورة وتطلعات وأحلام السوريين، حتى عاودت من جديد، لتغمز في مجال إدارة التلفزيون حول "تشغيل مراسلة من مدينة بيروت اللبنانية مناصرة لحزب الله" وحول الانتقائية بتوظيف صحافيين يراهم المنتقدون غير مهنيين، في حين يتم إبعاد أكفياء، بحسب مطلقي الحملة. بل ووصل الحال، لمنع التعاون مع كادر التلفزيون في مدينة "إعزاز" السورية، عبر بيان صدر عن المجلس المحلي بالمدينة المحررة.

"العربي الجديد" وبهدف الوقوف على أسباب الحملة ومعرفة تبرير إدارة "تلفزيون سوريا"، زارت مبنى التلفزيون بمدينة إسطنبول التركية، والتقت المدير التنفيذي أنس أزرق الذي قال "بالفعل، نتابع بالآونة الأخيرة، محاولات استهداف "تلفزيون سوريا" وكادره تحديداً على وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك بعد أن تراجع عدد وطرح المنتقدين، إثر مشاهدتهم برامج ونشرات الأخبار بالقناة، بل والسياسة التحريرية التي يمكن استشفافها والتي لا تبتعد بل تطابق وتمثل طموحات السوريين وأهداف الثورة. وأعتقد أن أسباب إعادة الاستهداف حديثاً، تعود في بعضها، لعدم معرفة بعض المنتقدين لما يقدمه "تلفزيون سوريا"، لجهة بنية البرامج والسياسات والأهداف، فيحكمون وفق شائعات غالباً ما تكون مشوّشة ومشوّهة".

وأضاف أزرق "كما أن البعض يعرفون محتوى ما يبثه التلفزيون، بل ويعرفون العاملين فيه، لكنهم يستمرون بالانتقاد بهدف التشويش، ربما نتيجة حسابات خاصة، يتعلق معظمها بعدم عملهم بالقناة "بعضهم ممن تقدم للعمل ولم تتح له الفرصة".
ويوجد نوع ثالث، تابع مدير "تلفزيون سوريا"، ربما لديه حسابات أو ارتباطات، محلية أو إقليمية، لا تتناسب مع الخط الديمقراطي الوطني الذي يؤثر "تلفزيون سوريا" على تقديمه والاستمرار عليه كسياسة تحريرية.

ورأى أزرق أنّ "هناك تضخيماً لما يقال على وسائل التواصل أو حتى اعتباره حملة بالأصل، وربما تأتي الإجابة من خلال ما حققه "تلفزيون سوريا" خلال الأشهر القليلة من عمره، وذلك عبر المتابعة العالية جداً والنجاح الذي حققه ربما هذا النجاح سبب إضافي للهجوم والاستهداف، فهناك كثيرون لا يتمنون النجاح لأحد، بل هم بالفعل أعداء للنجاح والناجحين، خصوصاً نجاح السوريين بوضعهم الحالي، فثمة من يستكثر على السوريين النجاح والتميّز، أو العمل على تأسيس مؤسسة مهنية تتوجه بخطابها لكل السوريين، لاسيما بواقع الإخفاقات العديدة، وعلى مستويات عدة". ويضيف "نحن نفتخر أنّ لدينا مؤسسة مهنية ناجحة تقوم على خبرات شباب سوريين معارضين للنظام. فهل لدينا الكثير من المؤسسات الناجحة التي أقامها شباب معارضون"؟



ورداً على سؤال "قلت إن تلفزيون سوريا نجح وناجح وحقق قبولاً ومتابعة، هل هذا رأيكم أم استندتم إلى استطلاعات ومؤسسات متخصصة"؟ يجيب أزرق "هناك مؤشرات كثيرة لمسناها وقرأناها، دفعتنا للقول إننا نجحنا، منها أرقام المشاهدات والمشاركة على وسائل التواصل، وأطلقنا صفة النجاح على وسيلة إعلامية لم يزد عمرها على أربعة أشهر، بعد ريادة بعض البرامج التي قدمها التلفزيون وتقديم عروض لنا من أكثر من تلفزيون عربي ودولي لمشاركتها أو ترجمتها، مثل برنامجي "همة قوية" و"يا حرية".

وعن أنّ معظم منتقدي ومهاجمي التلفزيون وإدارته هم ممن لم يحصلوا على فرصة عمل، ولماذا لم يحصلوا على فرصة عمل إن كانوا متخصصين وأكفياء وهم على ضفة المعارضة، أوضح أزرق أنّ "أكثر من مائة شاب سوري معارض حصل على عمل في القناة"، مشيراً إلى أنّ "تلفزيون سوريا هو منصة إعلامية مفتوحة وللجميع سواء للظهور على شاشته أو للكتابة بموقعه الإلكتروني. ولكن لجهة العمل فهذه مؤسسة ولها سعة وقدرة محددة، ولا يمكن قبول جميع المتقدمين واستيعاب الجميع، ونتمنى أن نصل ليوم، تكون المؤسسة أكبر وتستوعب كل الراغبين بالعمل فيها".


ما هي المعايير التي تم وفقها قبول المتقدمين، وهل هناك لجان متخصصة ومقابلات منصفة، أم ثمة انتقائية وشللية كما يقول البعض؟ عن هذه الأسئلة، أجاب أزرق "كانت المهنية والتخصص أول وأهم شروط قبول الكادر كما كان هناك لجان تم تشكيلها لاختيار العاملين، سواء لجهة التخصص أو الكفاءة أو المهنية، فضلاً عن شرط الجغرافيا، إذ تقدم على سبيل المثال أكثر من زميل من دول أوروبية للعمل بصفة مراسل، كما وجدنا حرجاً بالمتقدمين من ريف حلب، فلا يمكن للتلفزيون أن يختار أكثر من مراسل من بقعة جغرافية أو دولة يهمه تغطية أحداثها".
ركز بعض المنتقدين على تشغيل تلفزيون سوريا لبعض الإعلاميين الذين لا يؤيدون الثورة، بل ولهم مواقف ومنشورات ربما معادية للثورة وينشرون على حساباتهم على وسائل التواصل، صوراً لأمين عام حزب الله حسن نصر الله، من أمثال المراسلة ببيروت، مانويلا مشيك. عن ذلك، أوضح أزرق أنّ هذه التهمة يرفعها المنتقدون على الدوام، على أن تلفزيون سوريا رمادي وليس له رأي واضح من الثورة، كما يقولون. ورغم أن الرد واضح من خلال ما يبثه التلفزيون، نقول وبمحبة لمن يردد مثل هذا الكلام، إما أنك لا تشاهد القناة ومحتواها وما يبث عليها بل وحتى شعارها المستمد من وحي شعارات الثورة "حرية للأبد" أو أن لديك أجندة مسبقة، وتريد إلحاق الضرر بصورة هذه القناة".

وأكّد أنّ المراسلة ليست ولَم تكن موظفة بالتلفزيون، بل هي من اختيار الشركة المخدمة لنا بلبنان، وقدمت بعض التقارير لفترة لا تتجاوز الشهر، كلها تتعلق بمعاناة أهلنا اللاجئين بلبنان وتنسجم مع خطة وأهداف التلفزيون، والتي منها عدم النظر إلى قومية أو دين أو طائفة من يظهر على شاشته، إن لم يكن ضمن فريق التلفزيون". وأضاف "ورغم ذلك، عندما نشرت بعض وسائل التواصل صوراً للمراسلة وبعض الكتابات السابقة التي تعبر عن رأيها، طلبنا فوراً إلى الشركة المخدمة إنهاء خدماتها وتقديم البديل".
وإثر سؤاله "ألا تتحملون مسؤولية بعدم التحقق المسبق ممن سيظهر على شاشة التلفزيون بصفة مراسل ومن المنطق أنه يمثلكم ويعبر على رأي القناة"؟ أجاب أزرق "شخصياً لا أعرف المراسلة وبالتأكيد نتحمل جزءا من المسؤولية، وها نحن تراجعنا عن الخطأ، الذي قد يقع فيه أي تلفزيون، وأعتقد أن المهم عدم الإصرار على الخطأ".




تطاول معظم الانتقادات أنس أزرق ومواقفه وعمله السابق أكثر من الهجوم على بنية البرامج أو العاملين بالتلفزيون. ويردّ عن ذلك قائلاً "للأسف، ما يقوم به بعض المحسوبين على الثورة من هجوم واستهداف وشخصنة، هو برأيي، أكبر خدمة يقدمها هؤلاء للنظام وربما لبشار الأسد شخصياً. ودعني أفشي سراً لـ"العربي الجديد": كثير من الموالين، يرسلون عبر وسائل التواصل، أو يكتبون "انظروا ماذا فعلتم بأنفسكم عندما اخترتم الخروج على النظام، أنتم تستحقون أكثر من ذلك، ولو كنتم بحضن الوطن لنلتم التكريم اللائق". وبالتأكيد هكذا كلام لا يعنيني البتة، بل ما فعلته أنا جراء وقوفي لجانب الثورة والشعب، كان بمنتهى القناعة ومحض الإرادة، بل ولو أعيد التاريخ، لكنت وقفت لجانب الشعب بوقت أسرع مما فعلت".
وأشار أزرق إلى أن "بعض الذين يهاجمونني شخصياً، يكتبون أني تركت النظام عام 2015 ومنهم يقول عام 2016، في حين أني خرجت من سورية منتصف عام 2013، وساهمت بما يخدم الثورة ودونما ضجيج، عبر أفلام وثائقية وأعمال درامية، بل وكتابات بـ"العربي الجديد" تؤرخ موقفي وتوقيته".

الأسبوع الماضي، صدر بيان من المجلس المحلي لمدينة إعزاز يمنع التعامل مع "تلفزيون سوريا". حول ذلك، أبدى أنس أزرق استغرابه لصدور بيانات من مجالس محلية، يفترض أنها تدير مناطق محررة خرج أهلوها على نظام الأسد بطلب الحرية. وتساءل "هل هذه حرية الكلمة والصحافة في المناطق المحررة؟".
وقال "البيان جاء دون سؤالنا أو إرسال استيضاحات، بل علمنا الموقف وقرأنا البيان على وسائل التواصل الاجتماعي، كم كنا نتمنى لو أرسلت تلك الجهات رأيها أو ردها، ولدينا كل الاستعداد للتعامل بكل مهنية وجدية واحترام. وتقرير معبر باب السلامة، موضوع بيان المجلس المحلي بإعزاز، فأعتقد أن ثمة سوء فهم بقراءته، إذ لم يكن التقرير موقف أو أماني ورغبة تلفزيون سوريا، لأننا نتمنى ألا تعود المعابر لنظام الأسد، الذي نجاهر بإدانتنا لديكتاتوريته وإجرامه. كما أن التقرير لم يتضمن وجهة نظر التلفزيون، بقدر ما كان نقلاً لما قيل إنها خطة روسية، ويمكن اعتباره تحذيرا من التلفزيون".
وأضاف "رغم كل ذلك، قام الزملاء بتغيير عنوان التقرير على الموقع تجنباً لسوء الفهم "التقرير لم يبث تلفزيونياً، بل كان على موقع تلفزيون سوريا الإلكتروني". فأين المشكلة؟ لا يوجد خلاف وحتى لو وجد خلاف هل يكون حله بمقاطعة وسائل إعلام. إنّ من يقاطع وسيلة إعلام تجمع بين المهنية ومعارضة نظام الأسد في الوقت ذاته هو الذي يخسر. ونحن لن نفرط به.
ولفت أزرق إلى أنّه "ضمن سياسة التلفزيون عدم الدخول بأي مهاترات بل واحترام كل ما يقال ويكتب عن التلفزيون والنظر فيه، فنحن لسنا معصومين بل ونتطلع على الدوام للأخذ بآراء المشاهدين لنتطور ونلبي رغباتهم دون الانزياح عن المهنية والأهداف". وأضاف "كل ما أقوله لأي منتقد، أتمنى عليكم مشاهدة الشاشة وما يبث عليها، وليكن الحكم من خلال ذلك، بعيداً عن أي آراء أو مواقف مسبقة، أو حتى شخصنة".

وحول ما يتعلق بجديد التلفزيون، اعتبر أزرق أنّ "ذلك هو الرد الوحيد، سواء للمحبين لشاشتنا من قبيل الوفاء لهم، أو حتى المشككين والمنتقدين"، موضحاً أنّ "لدينا مجموعة من البرامج الجديدة، منها بدأ أخيراً كمثل "عصبة الساخرين" وغيره سيظهر خلال الفترة المقبلة كالبرنامج الاجتماعي "طوق نجاة"، فضلاً عن التوسع بالنشرات لتتضمن أخباراً اقتصادية ورياضة".

دلالات

المساهمون