ما دور برمجيات الإنترنت في التضليل الإعلامي؟

ما دور برمجيات الإنترنت في التضليل الإعلامي؟

14 يوليو 2018
مشكلة الأخبار الزائفة طاولت العالم كله (Getty)
+ الخط -
في صميم مسألة نشر الأخبار الملفقة، يُسلَّط الضوء على الخوارزميات التي تستخدمها محركات البحث ومواقع وشبكات التواصل الاجتماعي المتهمة في أكثر الأحيان بإبراز المعلومات الملفقة أو الخادعة بغض النظر عن عواقب ذلك.

ما هو دور الخوارزميات؟

تشغل هذه البرمجيات مكانة أساسية ولكنها غير مرئية، إذ عليها اتخاذ قرارات من تلقاء نفسها. فهذه البرمجيات تبحث عن روابط مهما كانت ضعيفة في كميات هائلة من البيانات التي تسمح لها بإدارة التعاملات المالية ومواءمة تكلفة التأمين حسب الحالة أو إجراء تشخيصات طبية وشراء تذاكر السفر.

في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، ترتب الخوارزميات النتائج على محركات البحث، وتدير تغذية الأخبار على "فيسبوك" وتفرض رقابة على المحتوى غير المرغوب فيه (مثل المحتوى العنصري والمواد الإباحية والعنف...)، وتوصي بمشاهدة مقاطع فيديو أو قراءة مقالات.

وهكذا توكل مهام معقدة وحساسة أحيانًا إلى هذه الأنظمة التي تعمل بصورة مستقلة على نحو متزايد، وتتصرف بما يشبه "صناديق سوداء" تطور ذكاءها الاصطناعي من خلال البيانات التي نغذيها بها.


رؤية متحيزة عن العالم؟

تقول المفوضة الأوروبية للمنافسة، مارغريت فيستاجر، إن "الخوارزميات يمكن أن ترشدنا عبر الكم الهائل من المعلومات المتاحة على الإنترنت"، لكن "الخطر في أن نرى فقط ما تختار أن تظهره لنا هذه البرامج والشركات التي تستخدمها".

من خلال إعادة تنظيم المحتوى عبر الإنترنت، تُنشئ الخوارزميات مُرشِّحات تفرز الأخبار أو ما يسمى "فقاعات التصفية" التي تعزلنا عن الآراء المختلفة. خلال الانتخابات الأميركية عام 2016، اتهم "فيسبوك" بمساعدة المرشح دونالد ترامب، من خلال السماح لناشطين بتعميم معلومات غير صحيحة في كثير من الأحيان ضد منافسته، هيلاري كلينتون، ما يجعل مؤيدي هذه الأخبار يفكرون وفق النمط نفسه.

وتميل الخوارزميات أيضاً إلى جعل وجهات النظر المتطرفة "أكثر بروزاً"، وفق ما توضح مؤسسة جمعية "مراقبة الخوارزميات" غير الحكومية، لورينا جايمي-بالاسي. ومع ذلك، لفتت إلى صعوبة قياس تأثيرها على المستخدمين، مؤكدة أنه لا يمكن أن يُعزى إلى هذه الخوارزميات وحدها على سبيل المثال صعود القومية في أوروبا.


نشر أخبار كاذبة؟

إن الهدف الرئيسي من خوارزميات الشبكات الاجتماعية هو تعميم المحتوى الأكثر شعبية من دون الحكم على صحته، ولهذا السبب تتسبب في تضخيم تأثير الأخبار الملفقة. على موقع "يوتيوب" على وجه الخصوص تحظى الآلاف من مقاطع الفيديو التي تدافع عن مسائل تدخل في خانة أطروحات المؤامرة بانتشار أوسع، نظراً لأنه "يوصى بها" أكثر بكثير من المحتوى الخاضع للتدقيق، وفق ما يقول المهندس السابق في هذه المنصة، غيوم شاسلو.

هذه الأشرطة التي يمكن أن تزعم على سبيل المثال أن النزول على القمر كذبة وكذلك مشكلة الاحتباس الحراري العالمي، تحظى بمشاهدات وتعليقات أكبر، وتبقي المشاهدين وقتاً أطول على المنصة، وتتسبب بإضعاف مصداقية وسائل الإعلام التقليدية، وفق شاسلو.


خوارزميات أكثر مراعاة للأخلاقيات؟

يعتقد بعض المراقبين أنه يمكن برمجة الخوارزميات "لخدمة الحرية الإنسانية"، في حين تطالب جمعيات غير حكومية بشفافية أكثر.

وتشرح جايمي-بالاسي "لا تكشف شركة كوكا كولا عن خلطتها، لكن منتجاتها تخضع للاختبار لدراسة تأثيرها على صحتنا"، مؤكدة على الحاجة إلى تشريعات واضحة.

وكانت "هيئة حماية الخصوصية الفرنسية" قد أوصت، العام الماضي، بأن تشرف الدولة على الخوارزميات وبالعمل بجدية على تثقيف الناس "كي يفهموا كيف تعمل آلة (تكنولوجيا المعلومات)". وتسمح قواعد حماية البيانات الأوروبية الجديدة للناس بالطعن في قرار الخوارزمية و"المطالبة بتدخل بشري" في حالة تعارض الآراء.


وبدأت بعض شركات الإنترنت العملاقة من تلقاء نفسها بالعمل على المسالة، إذ شرعت "فيسبوك" بمحاولة لتصنيف الرسائل المشبوهة تلقائياً، بينما يعزز "يوتيوب" "عناصر التحكم البشرية" في مقاطع الفيديو التي تستهدف الأطفال.

ومع ذلك، فقد حذّر عاملون سابقون في "وادي السيليكون" أنشأوا "مركز التكنولوجيا البشرية" غير الحكومي لمحاربة تجاوزات التكنولوجيا، من "أننا لا نستطيع أن نتوقع أن تقوم شركات تعتمد أساساً على اقتصاد جذب الانتباه مثل (يوتيوب) و(فيسبوك) و(سناب شات) أو (تويتر) بالتغيير لأنه يتعارض مع خطة عملها التجارية".

(فرانس برس)

المساهمون