"حرية الفكر والتعبير": الدولة تصفي حساباتها مع الناشطين

"حرية الفكر والتعبير": الدولة في مصر تصفّي حساباتها القديمة مع الناشطين


03 يونيو 2018
اعتُقل ناشطون رغم إيقاف نشاطهم (سين غالوب/Getty)
+ الخط -
أصدرت مؤسسة حرية الفكر والتعبير (منظمة مجتمع مدني مصرية) تقريراً حديثاً بشأن قضايا الرأي في مايو/أيار الماضي، حيث وصفتها بأن "الدولة تصفي حساباتها القديمة مع النشطاء".

وقالت المؤسسة "شهد شهر مايو تغيّراً نوعياً في قضايا حرية الرأي، حيث استهدفت الحملات الأمنية منازل بعض أصحاب النشاط السياسي والحقوقي البارز، المعروفين بمعارضتهم للسلطات، ولم يشفع لبعضهم أنه قد أوقف نشاطه بالفعل منذ سنوات، شملت الحملات نشطاء مثل شادي أبو زيد، صاحب فيديو الواقي الذكري الشهير في ميدان التحرير يوم 25 يناير/كانون الثاني 2016، بالإضافة لشادي الغزالي حرب ووائل عباس وهيثم محمدين وأمل فتحي وحتى المهندس حازم عبد العظيم الذي كان في وقت سابق مسؤول الشباب في حملة ترشح المشير عبد الفتاح السيسي للرئاسة، أما الاتهامات فكانت ثابتة تقريباً بالنسبة للجميع، الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة".

في القضية المعروفة إعلامياً بقضية "مكملين 2"  تم تجديد حبس المتهمين لمدد تراوحت بين 15 يوماً و45 يوماً، بقرارات توزعت بين نيابة أمن الدولة العليا ومحكمتي جنايات القاهرة وجنايات الجيزة، وتضم القضية عشرات المتهمين، تولّت مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقديم الدعم القانوني لبعضهم وهم: الصحافي والمدون إسلام الرفاعي الشهير بخُرم، ومحمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، والصحافي حسام السويفي، وأحمد عبد العزيز محمد، ونسرين عبد اللطيف محمد، وأحمد خالد الطوخي، والصحافي إسلام سعد غيط، وشريف محمد عبد المطلب، ومحمد أحمد عشري.

وفي قضايا أخرى تحمل نفس الاتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة، جدّدت نيابة أمن الدولة العليا أيضاً حبس الصحافيين حسن البنا مبارك ومصطفى الأعصر، اللذين سبق لهما التعرّض لأسبوعين من الاختفاء القسري في فبراير/شباط الماضي، وضمت إليهما في نفس القضية الصحافي والمدون وائل عباس، كما جددت حبس المصور الصحافي والمونتير أحمد طارق، الشهير بأرنوب، والصحافي بالمعاش "حسن حسين"، وكان كل منهما قد تعرض للاختفاء القسري لمدة 5 أيام.

وجددت كذلك حبس الناشط شريف الروبي، عضو حركة 6 إبريل، والمدون والصحافي الحر محمد إبراهيم، الشهير بمحمد أكسجين، وكان الأخيران قد تعرضا بدورهما للاختفاء القسري على يد قوات الأمن قبل عرضهما على النيابة، حيث تعرض شريف الروبي للاختفاء لمدة 10 أيام، بينما تعرض محمد إبراهيم للاختفاء لمدة أسبوع.

ويذكر أن القضايا المذكورة تضم عدداً آخر من المتهمين، أغلبهم من الصحافيين وأصحاب النشاط الحقوقي والسياسي، غير أننا نقتصر في هذا التقرير على عرض حالات المتهمين الذين تتولى مؤسسة حرية الفكر والتعبير تقديم الدعم القانوني لهم.



وفي سياق متصل قرّرت محكمة جنايات أول المنتزه تأجيل محاكمة الصحافي محمود عبد النبي وشقيقه إبراهيم في القضية التي تضم 31 متهماً آخرين، لجلسة 25 يونيو/حزيران، وبحلول هذا التاريخ سيكون المتهمون قد أكملوا 5 أعوام تقريباً من الحبس الاحتياطي رغم أن القانون قد حدد مدة عامين كحد أقصى للحبس الاحتياطي، وتعود القضية لأحداث سيدي بشر بالإسكندرية يوم عزْل الرئيس السابق محمد مرسي، 3 يوليو/تموز 2013، ويواجه المتهمون فيها اتهامات بالانضمام لجماعة محظورة والتجمهر والقتل والشروع في القتل واستعراض القوة، بينما أصدرت محكمة الجنايات بالشرقية حكماً بالحبس لمدة سنة ضد محمد صفوت عبد الحليم، المتهم بالانضمام لجماعة محظورة والتظاهر، وحكماً آخر بالحبس لمدة 3 سنوات ضد أمين حسن همام المتهم بالتظاهر أيضًا، ويذكر أن "أمين همام" قد أنهى 3 سنوات من الحبس الاحتياطي على ذمة القضية ما يعني انقضاء المدة التي حُكم عليه بها.

وجددت نيابة الدقي حبس رئيس تحرير موقع مصر العربية، عادل صبري، 15 يوماً على ذمة التحقيقات، حيث وجهت له اتهامات بنشر أخبار كاذبة، والتحريض على تعطيل أحكام الدستور، والانضمام لجماعة محظورة، والتحريض على التظاهر، وذلك بعد مداهمة شرطة المصنفات الفنية لمقر الموقع يوم 4 إبريل/نيسان، والقبض على رئيس تحريره، كما استأنفت النيابة على قرار إخلاء سبيل الصحافيين محمد حسن وحمدي الزعيم، وهو الاستئناف الذي تم قبوله وتعديل القرار إلى حبسهما لمدة 45 يوماً، ويذكر أن الصحافيين محبوسان احتياطياً منذ سبتمبر/أيلول 2016 بتهمة نشر أخبار كاذبة والانضمام لجماعة محظورة.

اتهامات الانضمام لجماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة طاولت أيضاً الناشطة أمل فتحي، عضو حركة 6 إبريل، والمحامي هيثم محمدين، عضو حركة الاشتراكيين الثوريين، اللذين اقتحمت قوات الشرطة منزل كل منهما للقبض عليه، إلا أن النيابة أضافت هذه المرة تهمتي التحريض على قلب نظام الحكم وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأمل فتحي، وتهمة التحريض على التظاهر لهيثم محمدين، حيث اتهمته التحقيقات بتحريض المواطنين على الاحتجاج على رفع أسعار تذاكر المترو، وفي سياق موازٍ كانت النيابة قد أخلت سبيل 10 مواطنين بعد حبسهم 4 أيام على ذمة التحقيق بتهم التظاهر والتجمهر والإخلال بالأمن العام وتعطيل مصالح المواطنين، وذلك بعدما ألقت قوات الشرطة القبض عليهم من محطة مترو حلوان لاعتراضهم على ارتفاع أسعار التذاكر.

وتحت طائلة نفس الاتهامات جددت محكمة جنح مستأنف الزيتون حبس المتهم يوسف محمد تمام لمدة 15 يوماً، كما جددت نيابة الرمل بالإسكندرية حبس كل من "السيدة إبراهيم عياد، عبلة ثابت محمد، منال محمود عثمان" على ذمة التحقيق في القضية المتهمات فيها بالانضمام لجماعة محظورة والترويج لأفكارها وتنظيم مظاهرة واستعراض القوة والبلطجة، بينما جددت محكمة جنح مستأنف الدقي حبس المتهم إبراهيم زكي خليل لمدة 15 يوماً على ذمة التحقيق بتهمة ازدراء الدين الإسلامي.

من ناحية أخرى قرّرت محكمة جنح مستأنف قصر النيل رفض الدعوى المرفوعة من قبل المنتج السينمائي محمد السبكي ضد الصحافية بجريدة روز اليوسف، رحمة سامي، ورئيس مجلس إدارة الجريدة ورئيس تحريرها، والتي اتهمهم فيها بالسب والقذف، وقررت إلزامه بمصاريف الدعوى، بينما أجلت محكمة جنايات الجيزة محاكمة الصحافي بمجلة سبع أيام تامر إبراهيم، لجلسة 6 أغسطس/آب المقبل، والتي يواجه فيها أيضاً تهمة السب والقذف بسبب نشره مقالاً يكشف فيه وقائع تشكل جريمة تزوير في أوراق رسمية.



وإلى نيابة أمن الدولة العليا ولكن مع قضايا روابط الأولتراس لمشجعي الأهلي والزمالك، ورغم أن الرابطتين قد أعلنتا عن حل نفسيهما وإنهاء نشاطهما خلال الشهر المنصرم، إلا أن النيابة جددت حبس أعضائهما المتهمين بالانضمام لجماعة إرهابية، حيث أضيف متهم جديد لقضية أولتراس "وايت نايتس" بعد اختفائه قسرياً لمدة 20 يوماً، وهو مصطفى مجدي محمد، ليصبح عدد المتهمين في القضية 17 متهماً، كما استمر حبس 24 مشجعاً للنادي الأهلي، كانت قوات الشرطة قد ألقت القبض عليهم على خلفية مباراة الأهلي ومونانا في مارس/آذار  الماضي حينما ردد بعض المشجعين أغنية "الحرية جاية لا بدّ".

وفي سياق متصل قرّرت محكمة جنح العامرية قبول المعارضة شكلاً على الحكم الغيابي الصادر ضد محمود أحمد أبو الحجاج بالحبس سنة مع الشغل وكفالة 300 جنيه لوقف التنفيذ، وقررت تأجيل نظر الموضوع لجلسة 31 يوليو/تموز المقبل، وكانت النيابة قد وجهت له تهمة حيازة وارتداء تيشيرت يحمل عبارات مسيئة ومحرضة على الشغب ضد الدولة، وهي عبارات "74 شهيد" و"المجد للشهداء"، وذلك بعدما ألقت قوات الشرطة القبض عليه مع مجموعة من جمهور النادي الأهلي من محيط استاد برج العرب عقب مباراة الأهلي والترجي التونسي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي.

وقررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل إعادة النظر في محاكمة الناشط، أحمد دومة، في قضية أحداث مجلس الوزراء، المتهم فيها بالتجمهر وحرق الدور الأول من مبنى مجلس الشعب واستعراض القوة، وكانت محكمة جنايات الجيزة قد أصدرت حكماً ضد الناشط بالسجن المؤبد وغرامة تجاوزت 17 مليون جنيه ونصف قيمة الإتلافات التي دانته المحكمة بالتسبب فيها.



ورغم الصورة المعتمة إلا أن شهر مايو/أيار لم يخلُ من أحكام البراءة التي حصلت عليها مؤسسة حرية الفكر والتعبير، حيث برّأت محكمة جنايات الشرقية المتهم أحمد فهمي إبراهيم من تهم التظاهر والتجمهر واستعراض القوة، بعدما كان الحكم الصادر ضده في أول درجة بالحبس 15 عاماً، كما حكمت محكمة جنايات الأحداث بإلغاء حكم أول درجة الصادر ضد الطفل "عمر هشام" بالإيداع المفتوح في إحدى دور الرعاية، والقضاء ببراءته من تهم الاشتراك مع آخرين في التجمهر وتخريب ممتلكات عامة وإحراق محكمة الإسكندرية الابتدائية، وتعود القضية إلى أحداث يوم 20 يناير/كانون الثاني 2013 في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، حيث تعرض أهالي شهداء جمعة الغضب للاعتداء يومها كما تعرض مبنى محكمة الجنايات للحرق وإتلاف محتوياته.

وعلى صعيد آخر في ساحة القضاء الإداري، قررت المحكمة تأجيل النظر في طعن علي حسنين أبو هميلة على قرار نقله من وظيفته القيادية كمدير عام باتحاد الإذاعة والتلفزيون إلى وظيفة تكرارية ككبير مخرجين، لجلسة 30 يوليو/تموز، وكان أبو هميلة قد أحيل للتحقيق بسبب كتابته منشورًا على صفحته الشخصية على "فيسبوك" اعتراضاً على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية وتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير.

كما أحالت المحكمة لهيئة مفوضي الدولة طعون كل من الطالب بجامعة القاهرة، يحيى محمود سيد، على قرار فصله من الجامعة، والطالبة بجامعة حلوان، تسنيم محمد عكاشة، على قرار حرمانها من دخول الامتحانات لمدة فصل دراسي، وكانت إدارة جامعة حلوان قد قررت حرمانها من الامتحانات لاتهامها بالمشاركة فيما عُرف بيوم الأرض بالجامعة في إبريل/نيسان 2016، للاحتجاج على اتفاقية ترسيم الحدود.

وعلى المستوى الجنائي للقضايا الطلابية، قررت محكمة جنايات أمن الدولة تأجيل محاكمة الرئيس السابق لاتحاد طلاب معهد العاشر من رمضان العالي للهندسة، أحمد محمد جابر الشهير بـ"روني"، لشهر يوليو/تموز، كما أجلت محكمة جنايات الإسكندرية محاكمة الطالب محمود طلعت لشهر يوليو أيضاً، حيث يواجه كل منهما اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية، وحيازة منشورات تروّج لأغراض الجماعة.

وشهد شهر مايو/أيار أيضاً تطورات في الدعاوى التي أقامتها مؤسسة حرية الفكر والتعبير لقضايا تتعلق بالحق في المعرفة وتداول المعلومات، حيث طعنت المؤسسة أمام المحكمة الإدارية العليا على حكم القضاء الإداري برفض الدعوى التي كانت قد أقامتها لإلزام مجلس النواب ببث جلساته، كما أحالت محكمة القضاء الإداري الطعن الذي أقامته "حرية الفكر والتعبير" على قرار حجب عدد من المواقع الإلكترونية لهيئة المفوضين.

المساهمون